الوقت- مطالب الإنفصال في كل من نجران والجيزان والعسير ليس بالأمر الجديد بل هو أمر متجدد، حيث تردد في اليومين الماضيين وعلى لسان أحد أهم شيوخ القبائل في نجران عبدالله الشيخ فوزي أكرم رئيس قبائل "يام في وولد" تجديد مطالبهم بالإنفصال عن السعودية، حيث نقلت وکالة أنباء الامارات الرسمية الخبر. وبحسب الخبر فإن القبائل تستعد في بداية شهر رمضان المبارك لعقد مؤتمرها التأسيسي لتجديد موقفها الداعي للإنفصال، الجدير بالذكر أن المناطق الثلاث - نجران، جيزان، العسير- هي مناطق يمنية الأصل إحتلتها السعودية في العام 1934. السعودية ومع بدء عدوانها على اليمن لم تكتفي بقصفها المدنيين العزل وجيشها المقاوم بل قامت بإطلاق الصواريخ على المناطق اليمنية الثلاث المحتلة سعوديا واتهام الجيش اليمني وانصار الله بذلك، إلا أن اللحمة الإنسانية والثقافية بين المناطق الثلاث المحتلة سعوديا وباقي المناطق اليمنية هي لحمة قوية ومتماسكة. يبقى السؤال المطروح عن الأسباب التي دفعت بأهالي المناطق الثلاث وبالخصوص منطقة نجران تجديد مطالب الإنقصال في هذا الوقت بالتحديد؟ وماذا تعني دعوات الإنفصال المحقة بالنسبة للسلطات السعودية؟
الأسباب
في الحديث عن اندفاع أهالي نجران والعسير والجيزان المطالبة بالإنفصال عن السعودية لا بد من الإشارة إلى أن الحالة الشعبية العامة في السعودية يسودها عدم الرضا عن طريقة وسياسة السلطات الحاكمة بإدارة الأمور بغض النطر عن مطالب الإنفصال أو غيره، فالمنطقة الشرقية وكما هو معلوم وعلى مدى السنوات الماضية ولا زال يطالب بالإصلاح والذي لم يلقى أي تجاوب من قبل السلطات الحاكمة في السعودية حتى الأن، بالإضافة إلى حالة التذمر في المناطق الأخرى نتيجة الوضع الإقتصادي والذي يشهد تراجع ملحوظ في الآونة الأخيرة، إذن حالة عدم الرضا هي حالة عامة في كل أرجاء السعودية تترجم في مناطق بمطالب الإنفصال، ومطالب الإصلاح في أخرى، والتذمر في غيرها، وفي عرض موجز لخصوص مطالب أهل نجران بالإنفصال نعرض أهم هذه الأسباب كالتالي:
1- الترابط الثقافي الوثيق بين أهالي نجران وجيزان والعسير مع الشعب اليمني، فالمناطق الثلاث هي جزء لا يتجزء من الثقافة اليمنية التي عملت السعودية في السنوات الماضية على محيها، هذا الترابط الثقافي القائم على رفض الذل والخضوع للمعتدي، ونصرة المظلوم، والتحابب والتعاون مع الأخرين، ولأن أهل نجران فضلا عن غيرها يرون أن هذه الثقافة لا تتيحها وتسمح بها السلطات الحاكمة بل تريد القضاء عليها ومحيها هم يطالبون بالإنفصال.
2- العدوان الآثم والمجازر البشعة بحق اليمنيين، ومشاهد القتل والدمارالتي تخلفها آلة القتل السعودية، والإنتهاك الواضح والصريح لمبادئ الإنسانية، حرك ضمائر القبائل السعودية المحاذية لليمن، ودفعهم للمطالبة بالإنفصال كرد على رفض هذه العقلية والسياسة الهمجية التي تريد السلطات الحاكمة في السعودية من تثبيتها في منطقتنا.
3- السلطات الحاكمة في السعودية وعلى مر الأعوام الماضية خانت جميع المعاهدات السابقة التي ألتزمت بها أتجاه قبائل المناطق الثلاث، وتعاملت مع قبائل هذه المناطق على أنهم في درجة أدنى من المواطن السعودي الأخر، وحرمتهم من حقوقهم المشروعة والطبيعية التي تقرها القوانين .
4- الوضع الإقتصادي المزري في تلك المناطق الثلاث والناتج عن السياسات المتعمدة من قبل السلطات السعودية والهادف إلى أفقار القبائل هناك، بالإضافة إلى افتقار تلك المناطق للحد الأدنى من أسس الحياة العصرية، حيث المدارس والجامعات التي لا تلقى الدعم الكافي، والأعمال التجارية التي تعمل السلطات على إضعافها إلى غيرها من أمور المتعمدة من قبل السلطات إتجاه المناطق الحدودية مع اليمن.
5- السياسة الخارجية للسلطات السعودية والقائمة على التدخل السافر في شؤون الدول الأخرى ودعم حركات التكفير في كل من العراق وسوريا وغيرهما، مضافا إلى ذلك شبه التطبيع مع الكيان الأسرائيلي، هذا الكيان الذي ترى فيه القبائل السعودية منبع الإرهاب في منطقتنا ومصدر الاإستقرار.
ماذا تعني دعوات الإنفصال المحقة بالنسبة للسلطات السعودية؟
تدرك السلطات السعودية جيدا أن أي دعوة للإنفصال على حدودها مع اليمن سيفقدها الكثير من الأمور التي كانت قد سلبتها من الشعب اليمني، فالأمر لا يقف عند نجران والجيزان والعسير، وفي عرض موجز لبعض أسباب هذا القلق نذكر التالي:
1- الربع الخالي والذي يملك مخزونا نفطيا كبيرا والذي كانت السعودية قد سلبته من اليمن سيعود إلى الواجهة من جديد بضرورة إسترجاعه.
2- قد تشجع مطالب الإنفصال سكان المنطقة الشرقية في إصرارهم على مطالبهم المحقة بضرورة الإصلاح والتي لم تلقى أي تجاوب من قبل السلطات في السنوات الماضية.
3- الإنفصال بالنسبة للسلطات السعودية يعني الحرية لأهالي تلك المناطق وبالتالي خروج هذه المناطق من دائرة المصالح التابعة للسلطات السعودية الذي يمتلك رؤوس أموال في المنطقة الجنوبية لليمن.
4- الحرية للشعب اليمني والمناطق المحتلة من قبل السلطات السعودية يعني خروج هذه المناطق من دائرة تسلطها، وبالتالي قيام دولة قوية وقادرة إلى جوار السعودية وهو ما لا تريده السعودية فضلا عن من يقف وراء السعودية من دول غربية.
إلا أن سير الأمور على الأرض، ومن يعرف الطبيعة والثقافة اليمنية التي يتمتع بها شعبه يدرك جيدا أن السعودية أرتكبت خطاء فادحا يفوق كل أخطائها في المنطقة سواء في العراق وسوريا وغيرهما.