الوقت- تستضيف القاهرة، عاصمة مصر، اليوم اجتماع استثنائياً لوزراء خارجية الدول العربية وذلك بطلب من السعودية لادانة ما أسمته التدخلات الايرانية في شؤون البلدان العربية. وبشكل عام، تجتمع الدول العالمية من اجل حل قضاية انسانية، وازمات دولية وتسعى من خلال هذه الاجتماعات الى ايجاد توافق دولي على هذه المواضيع، ومن هذا المنطلق تسعى السعودية الى كسب رضى الدول العربية في ما ستقوم به في اليمن بعدما نجح الجيش اليمني باستهداف مطار الرياض بصاروخ بالستي.
أهداف السعودية من القمة
ادعت الرياض في بيان صدر عنها قبل اليوم ان" ايران تقوم بدعم الحوثيين بالصواريخ ويقوم حزب الله اللبناني باطلاقها على العاصمة الرياض"، واضاف البيان ان " التدخلات الإيرانية في المنطقة تضر بأمن دول الجوار وتؤثر على الأمن والسلم الدوليين". وبالنظر إلى هذه النقاط، يمكن القول إن الهدف الرئيسي للسعودية من هذه القمة هو اتخاذ إجراءات بالتوافق مع جميع البلدان العربية بحق ايران ومحور المقاومة وبالاخص حزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن.
وفي الواقع، فشلت السعودية في تحقيق أهدافها خلال حرب الثلاث سنوات على اليمن، وهي الان تخضع لضغط دولي لإنهاء ذبح المدنيين ووقف الحصار اللاإنساني للبلاد. وهي تسعى اليوم الى الحصول على الدعم من الحكومات العربية لادانة ايران ومحور المقاومة في الهجوم الصاروخي الذي نفذه الجيش اليمني واستهدف الرياض، ومن شأن ذلك أن يضفي الشرعية على استمرار النهج العدواني تجاه اليمن.
هدف اخر تسعى السعودية اليه من خلال القمة المصرية، وهو الهروب الى الامام من الانتقادات الدولية التي حصلت بعد تدخل السعودية السافر في الشؤون الداخلية اللبنانية، عبر اجبار رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على تقديم استقالته في محاولة منها لضرب الاستقرا في لبنان واستهداف البيئة الحاضنة لحزب الله حتى ولو على حساب دماء اللبنانيين. وخلال الأسبوعين الماضيين، ذهبت الرياح بما لم تشتهيه السعودية، حيث انقلبت اهداف ورقتها (اسقالة الحريري) عليها، فلم تحقق الهدف المرجو منها وذلك بخلق رأي عام مناهض لحزب الله، وعوضاً عن ذلك اتهمت بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية للجمهورية اللبنانية. ومن هذا المنطلق فإن السعوديون يأملون أن تقوم جامعة الدول العربية هذه المرة بتبرير استقالة الحريري بتدخلات ايران وحزب الله في شؤون الدول العربية.
النتائج الاحتمالية للقمة
على مدى السنوات الماضية، تفرض السعودية وجهات نظرها ومطامعها على عمل الجامعة العربية، لذلك من المتوقع، وعلى الرغم من عدم وجود توافق في الآراء بين أعضاء الدول في الجامعة العربية، أن يكون البيان الختامي للقمة يحتوي على اتهام مباشر للجمهورية الاسلامية الايرانية في التدخل في شؤون الدول العربية كما سيشمل البيان ايضاً اتهاماً لانصار الله وحزب الله بقصف الرياض بالصاروخ البالستي، اضافة الى دعم اجراءات السعودية التعسفية بحق لبنان.
ومع ذلك، لا بد من التوجه قليلاً بشأن البيان الذي سيصدر عن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية بالقاهرة:
اولاً- على الرغم من أن الجامعة العربية أنشئت بهدف زيادة التقارب بين الحكومات العربية، ولكن بسبب الانقسامات العميقة والفجوات بين أعضائها، فقدت الجامعة دورها المتوقع إلى حد كبير، بحيث لم تعد القرارات والإجراءات الصادرة عنها قادرة على حل النزاعات العربية، وبالتالي فقدت الجامعة العربية هيبتها وثقتها امام المؤسسات الدولية ومجلس الامن.
وعلى هذا الاساس وبعد أن دعت السعودية إلى عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب في مصر، أعلن العراق أنه لن يحضر القمة على مستوى وزير الخارجية. وفي الوقت نفسه، ارسل وزير خارجية المصالحة الوطنية الليبية رسالة الى الجامعة العربية مفادها عدم المشاركة في الاجتماع، كما اعلن وزير الخارجية اللبناني " جبران باسيل" يوم امس ان لبنان خفض من مستوى مشاركته في القمة الى مستوى مشاركة السفير اللبناني في القاهرة وذلك رفضاً لتدخل السعودية في لبنان. ومن المتوقع أيضا أن تاثر الاختلافات بين قطر والسعودية أيضا على البيان الختامي للقمة.
يذكر ان لبنان والعراق عبرا عن رفضيهما لوضع حزب الله على لائحة المنظمة الارهابية في جلسة الجامعة العربية في مارس 2016 الماضي رغم تهديد السعودية لبنان بقطع المساعدات المالية للجيش اللبناني والتي يبلغ قدرها 3 مليارات دولار.
ثانياً- مصداقية البيان. ان البيانات الصادرة عن هكذا اجتماعات ليست الا لاظهار الاجماع حول موضوع معين وهي ليست الزامية. ولهذا السبب نرى بعض الاعضاء لا يظهرون رفضهم للبيان، بل ان بعضهم يتركون الاجتماع قبل بدءه، وحتى في بعض الحالات، يحتج بعض الأعضاء على البيان الختامي، وفي مثل هذه الظروف، قد لا يكون البيان النهائي يمثل رأي جميع الأعضاء، وهذا ما حصل في القمة الامريكية الخليجية الاخيرة التي حصلت في السعودية حينها اعلنت دول خليجية كقطر رفضها للبيان الختامي للقمة.