الوقت- يرى مركز الأبحاث البريطاني المسمى "روسي" في تقرير له يؤكد على التدهور الواسع للسياسة السعودية في المنطقة وأن معظم الدول العربية تعتقد الآن أن استقرار لبنان يعتمد على سوريا التي تربطها علاقات تاريخية بلبنان وليس السعودية التي تغوص في معمعة الظلام.
کتب مركز الأبحاث البريطاني في تقرير له عن أحداث لبنان خلال الأيام القليلة الماضية: "بعدما أمرت المملكة العربية السعودية مواطنيها بمغادرة الأراضي اللبنانية، يبدو أن سوريا تكررعلاقتها التاريخية مع لبنان تشديدا على المصير الموحد الذي يربط البلدين".
وكتب المركز في تقرير أعده:" ان السعودية ابلغت مواطنيها بمغادرة الاراضي اللبنانية في الوقت الذي كانت فيه التوترات بين الجانبين قد وصلت قمتها خاصة بعد اعلان استقالة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الحكومة اللبنانية في خبر بثته العربية من الرياض وهذا ما أعاد العلاقات الثنائية بين البلدين الى نقطة الصفر.
وفي هذا السياق وبعد هذا التطور السريع في الاحداث أطلق مصطلح السلام السوري الجديد (وهو مصطلح يعني العلاقات اللبنانية السورية المشتركة التي كانت تربط البلدين تاريخيا) وأعيد التداول به تأكيدا على وحدة المصير.
فمن وجهة نظر هذا المركز، مع استقالة سعد الحريري، أصبح السلام السوري يتعافى الآن بشكل مكثف شيئا فشيئا، وخاصة مع وجود قنوات اتصال قوية بين دمشق ولبنان في المجال السياسي حيث تجددت هذه العلاقات في الاونة الاخيرة.
وبناء على ذلك، فإن القول ان المملكة العربية السعودية أجبرت الحريري على الاستقالة من منصبه قبل الأوان يمكن أن يكون له بعض التداعيات التي تضر بالسعودية مما يقلب الامور عليها رأسا على عقب، وهذا ما أصاب السعودية بذهول خيبة أمل كبيرة بعدما طلبت من رعاياها مغادرة الاراضي اللبنانية، وهنا تتضح الرؤية لتؤكد ان دمشق أصبحت مجددا واحدة من الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية في العلاقات التاريخية المفتوحة بين البلدين مما يفشل المخطط السعودي وينسف كل التكهنات.
وفي سياق متصل يبدو أن المملكة العربية السعودية بقيت في سوريا عبر جماعاتها الارهابية التي ضخت المال لها، بعدما كانت في لبنان حاكما مطلقا. وفي هذه الفترة كان اليمن أولوية السعودية التي فشلت في حربها ضده ولم تحقق اي من مطالبها بقوة السلاح الذي قتل الالاف من الابرياء، فمحور المقاومة قد تعاظم من ايران، لبنان، سوريا الى العراق واليمن مما خلق رعبا سعوديا وتوجسا من تكاتف المقاومة ضد سياسيات القمع التي تبنتها السعودية مما أدى بها الى التلاشي والهبوط.
ومع ذلك، بعد الاستقرار الكبير الذي تجلى في الفترة الاخيرة في سوريا وبعدما استعادت الدولة السورية اجزاء كبيرة من المناطق التي حررتها نرى ان الحكومة السورية بعدما بسطت سيادتها واعادت اراضيها الى كنف الدولة، عكس ذلك استقرارا كبيرا ليس فقط على دمشق بل على لبنان، حيث تجددت العلاقات والمباحثات الكثيفة على الصعيد الامني والسياسي والاقتصادي كما جدد الارتياح السوري، العلاقات الوثيقة مع مصر والجزائرمما دفع بخيبة أمل هزت المملكة العربية السعودية.
وفي إشارة إلى الحلفاء السوريين في لبنان، قالت دمشق إنه منذ حروب السبعينات، كان هناك الكثير من التأثير على رؤساء البلاد و محاولات لتهدئة الوضع، وجميع الأطراف الدينية كانت معنية انذاك، مثل السنة والشيعة والدروز والمسيحيين.
من جهة أخرى، يشير المركز إلى تدخل المملكة العربية السعودية في الشؤون السورية، كخطة غزو القصر الرئاسي للقضاء على الرئيس السوري بشار الأسد التي لم تنجح، مشيرا إلى أن الحكومة السورية صنعت انتصارات عدة كللتها بالنجاح بفضل التكتل الكبير الذي دمر المخطط السعودي واضافت "بينما تركز وسائل الإعلام على التهديدات السعودية لايران، يرتبط مستقبل لبنان بدمشق وباستقراره الذي سيبعث ارتياحا على الوضع الداخلي للبلدين.
ويخلص التقرير إلى أنه "نظرا إلى أن مصر والجزائر وتونس عززت صداقاتها مرة أخرى مع دمشق، قد يصل بالرئيس الحريري في نهاية المطاف إلى موقع الصدمة عندما تبدأ سوريا والسعودية في تنسيق مصالحهما واستئناف المحادثات. حيث يعتقد البعض أن هذا ليس بعيدا. وفي الوقت الحالي، تؤكد معظم الدول العربية أنه يجب إقامة السلام في سوريا لتحقيق الاستقرار في لبنان نظرا للعلاقات والروابط التاريخية التي تجمع البلدين منذ الحرب العالمية الثانية.