الوقت- تتغيّر خريطة التحالفات في "البيت السعودي" بشكل دراماتيكي وغريب هذه الأيام، وذلك على وقع الأزمات المتلاحقة من اليمن الى العراق فسوريا وصولاً الى الازمة الخليجية الاخيرة بين كل من قطر والسعودية، فلا أحد يعلم كيف يبني بن سلمان استراتيجيات السعودية الحالية ولا افقها، فهو عوّدنا منذ وصوله الى مركز ولاية العهد على فك تحالفات بين الفينة والأخرى بما تقتضيه مصالحه ومصالح امريكا، ومن يراقب تحالفاته الاخيرة يجدها آنية وغير مستقرة وتتسم بالهشاشة لأسباب عديدة.
واخر فصول هشاشة التحالفات السعودية ظهر على الساحة اليمنية اليوم اذ قامت السعودية بفك تحالفات اساسية لها في اليمن عبر اصدار قائمة بفرض العقوبات على 11 شخصية يمنية سياسية بارزة موالية "لحكومة هادي" اي موالية لـ" التحالف السعودية". قائمة السعودية فجرت عاصفة من الجدل وسط تساؤلات عدة عن اهمية ودوافع هذا الاجراء، فهل هناك تبدّل في مفهوم الحلفاء والأعداء لدى القيادة السعوديّة الجديدة؟
اصدرت السعودية وحليفتها امريكا الاربعاء الماضي قائمة عقوبات ضد كيانين و11 شخصيّة من اليمن، تحت ذريعة تمويلهم ودعمهم لتنظيمي القاعدة وتنظيم داعش في اليمن، وجاء على رأسها محافظ البيضاء السابق، "نايف صالح القيسي" يليه أمين عام "اتحاد الرشاد" في اليمن عبد الوهاب الحميقاني، والذي كان من مؤيدي الدول المقاطعة لقطر. ايضاً ومن أبرز الأسماء المشمولة بالعقوبات، عادل عبده فارع عثمان الذبحاني، المعروف بـ" أبو العباس"، أحد القيادات العسكرية البارزة في ما يسمّى بـ "المقاومة الشعبية" من التيار السلفي في مدينة تعز وأحد الحلفاء البارزين لـ "أبوظبي".
وشملت القائمة أسماء جديدة، هي بلال علي محمد الوافي، وخالد العبيدي، ونشوان الوالي اليافعي، وخالد المرفدي، ورضوان محمد حسين قنان وسيف الرياشي، وأبو سليمان العدني، بالإضافة إلى "سوبر ماركت الخير" قيل إنه يقع في منطقة عزان بمحافظة شبوة، وفقا لتقارير صحفية.
وامام هذه القائمة يصح القول أن الجنوبيّون واهالي عدن، باتوا ضحايا السعودية وسياسة بن سلمان المتقلبة والمزاجية تجاه مشاكل المنطقة كلها. وهم الان يدفعون ضريبة لجوئهم للسعودية، دون رؤية واضحة لطبيعة هذا التحالف.
هذا الإدراج يؤكد دعم السعوديّة للإرهاب، كونهم حلفائها في العدوان على اليمن، فكيف لها أن تدعي استعادة الشرعيّة عبر الحصول على الدعم من القاعدة؟
واجابةً على السؤال، تعد السعودية رائدة في دعم الارهاب، حيث كشف تقرير امريكي نشر يوم امس، جاء تحت عنوان "السعودية الثانية عالمياً في تصدير الارهاب الى العالم"، اعداد المقاتلين السعوديين في تنظيم داعش الارهابي. وكشفت التقرير ان اعداد الارهابين الذين انضموا الى داعش بلغ اكثر من 3244 مقاتل سعودي الجنسية.
وامام هذه الوقائع المستجدة على تحالفات السعودية في اليمن، يمكن القول ان تحالفاتها لا تستند إلى واقع دبلوماسي بل ترتبط بشقّ كبير منها بمزاجية أصحاب القرار وتوجّهاتهم وهذا بدا جليا في ساحات عدة نذكر منها:
على الساحة اليمنية:
كان الرئيس السابق لليمن "علي عبدالله صالح" حليف السعودية الاول في اليمن حين كان يقف في وجه انصار الله والشعب اليمني، حيث كانت تمده بالسلاح والدعم المالي وغيره من الامور، الا انه اصبح العدو الاول لها اليوم في اليمن وذلك لوقوفه الى جانب ابناء شعبه المطالب بالحرية. ايضا، يضاف الى ادراج كيانات موالية لها على قائمة العقوبات الأمريكية الخليجية.
على الساحة القطرية:
من منا لا يعرف كم كانت العلاقات السعودية القطرية استراتيجية وفي خندق واحد، وهذا ما كشفه رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم عن العلاقة القوية التي تربط كل من قطر والسعودية في الأحداث التي تعصف بالعالم العربي لاسيما الحرب على سوريا عبر دعمهم للجماعات الارهابية في سوريا ومن بينها جبهة النصرة، بالتنسيق مع السعودية.
على الساحة المصرية:
ايضا نعود بالذاكرة الى الوراء، حيث شابت حالة من التوتر في العلاقات بين السعودية ومصر بعد قيام الرياض بتوقيف امداد القاهرة بالبترول وذلك عقب تصويت الاخيرة لصالح قرارين مختلفين في مجلس الأمن، أحدهما مشروع قرار فرنسي لوقف العنف في حلب، والآخر مشروع قرار روسي تعارضه السعودية والدول الخليجیة، الا ان العلاقات عادت الى طبيعتها و اصبحت مصر حليفة السعودية في المنطقة.
على الساحة الاماراتية:
تشوب بين الفينة والاخرى العلاقات السعودية والاماراتية خلافات كبيرة، فمن الناحية التاريخية شهدت العلاقات بين البلدين نزاعات كثيرة بشأن ترسيم الحدود بين الجانبين لاسيّما ما يتعلق بالمناطق النفطية. ايضاً العامل الآخر الذي تسبب ببروز خلافات سياسية بين الإمارات والسعودية يتعلق باليمن، حيث برز الخلاف بين الجانبين بشأن كيفية إدارة المناطق الجنوبية التي تمت السيطرة عليها في جنوب اليمن.
في المحصلة يمكن القول ان السعودية والنظام الحاكم الجديد بقيادة بن سلمان يسعى للحصول على ضمان خارجي لأمنها وثرواتها النفطية الضخمة، ان كان ذلك عن طريق "بيع الحلفاء" او عبر الطرق الملتوية المتعلقة بحقوق الانسان، لذلك نجد السعودية تدفع الغالي والنفيس للحفاظ على العلاقة مع امريكا التي تؤمن لها الحماية منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى الآن.