الوقت - شهدت الضفة الغربية المحتلة طيلة العقود الستة الماضية مساعٍ حثيثة من قبل الكيان الصهيوني من أجل تغيير بنيتها الديموغرافية بعد أن تمكن هذا الكيان من طرد الكثير من سكانها الأصليين "الفلسطينيين" واستبدالهم بالمستوطنين اليهود.
وانتهج كيان الاحتلال أساليب شتى للتأثير على الهيكلية الثقافية والدينية لأهالي الضفة بينها محاولات تغيير النظام التعليمي في جميع المراحل الدراسية على الرغم من اتفاقية "أوسلو" التي نصت على تولي وزارة التربية التابعة للسلطة الفلسطينية مسؤولية التعليم في الضفة وقطاع غزة.
وخلال العقدين الماضيين سعى كيان الاحتلال إلى إحداث تغيير كبير في أعداد الطلاب بالضفة الغربية ليضمن تفوق المدارس اليهودية التي يطلق عليها اسم "حریدي" على المدارس الفلسطينية. كما سعى لمنع مدارس الفلسطينيين من الحصول على أي إمكانات قد تساعد في تطوير المستوى التعليمي لطلبة هذه المدارس.
ووفقاً للإحصائيات المتوفرة تبلغ نسبة الطلاب اليهود 43 بالمئة من مجموع الطلاب بالضفة الغربية في الوقت الحاضر بعد أن كانوا أقلية في السابق.. ويتمتع الطلاب اليهود بوضع اقتصادي متميز، ما يتيح لهم الفرصة لتلقي العلوم بشكل أفضل من الطلاب الفلسطينيين الذين يعاني أكثرهم من الفقر وتردي الحالة المعيشية والصحية.
وتتحرك السلطات الصهيونية وفق الخطة المعروفة باسم كورة الصهر (Melting Pot) وذلك من أجل تغليب العنصر اليهودي على الفلسطيني في مدارس الضفة كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر وفرنسا مع المهاجرين. وتتضمن هذه الخطة تجاهل الأسس الدينية واللغوية والتاريخية للفلسطينيين والسعي لدمجهم في المنظومة التعليمية المعتمدة في المدارس اليهودية.
ويبدأ تطبيق هذه الخطة من رياض الأطفال مروراً بالمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية وحتى المراحل الجامعية. أي بمعنى آخر تستهدف هذه الخطة تغيير النظام التعليمي برمته لصالح اليهود في عموم الضفة الغربية.
وبسبب حاجة السلطة الفلسطينية لمساعدات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعرف اختصاراً باسم "الأونروا" يرجح أن يستغل الكيان الصهيوني هذه المنظمة لفرض نظام تعليمي على المدارس الفلسطينية بما يخدم سياسته الرامية لتغيير المناهج وفق رؤيته التي تصب في صالح تكريس النزعة التهويدية في عموم الأراضي المحتلة.
ومن القضايا الأساسية التي عمدت السلطات الصهيونية لتغييرها في المدارس الفلسطينية إزالة المناهج التي تتحدث عن حق العودة للمشردين الفلسطينيين، وحذف الأشعار والقصص التي تتحدث عن حب الوطن، وكذلك الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث على الجهاد ضد المحتل، ووجوب السعي لاستعادة الحقوق المغتصبة في الأرض والوطن.
كما عمدت سلطات الاحتلال إلى تشويه سمعة المجاهدين الفلسطينيين وتصويرهم على إنهم "إرهابيون" الأمر الذي أثار غضب أولياء أمور الطلبة الفلسطينيين في الضفة الغربية وسائر الأراضي المحتلة.
وتهدف هذه المحاولات لتضييع مكانة القدس أو التقليل من شأنها في نفوس الطلاب الفلسطينيين ومحو الهوية الإسلامية لبيت المقدس والتشويش على حقيقة المناسبات الوطنية والدينية كـ "يوم الأرض" و"يوم الأسير" التي يحييها الفلسطينيون لتذكير الأجيال بحقهم في العودة إلى الوطن والتخلص من براثن الاحتلال.
ومن الأساليب الأخرى التي يعتمدها كيان الاحتلال لطمس القضية الفلسطينية الترويج لما يسمى محادثات التسوية والتطبيع مع بعض الأنظمة الرجعية في المنطقة، وتنظيم دروس ودورات رياضية مختلطة للبنين والبنات الفلسطينيين لحرف أذهانهم عن قضيتهم الأساسية المتمثلة بضرورة تحرير فلسطين وعودة اللاجئين وتطهير المقدسات من دنس الاحتلال في كافة الأراضي المغتصبة.
إلى جانب ذلك لجأ الكيان الصهيوني إلى فتح دورات إلكترونية للطلبة الفلسطينيين لإشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعي من خلال تنظيم علاقات مع الطالبات والطلاب اليهود بهدف التغطية على الهدف الأصلي من هذه الدورات المتمثل بالسعي لتمييع الشباب الفلسطيني وإبعاده عن همومه الأساسية وفي مقدمتها المطالبة بحقوقه المغتصبة في الأرض والوطن.
وأخيراً لابد من الإشارة إلى أن كيان الاحتلال يسعى أيضاً لفرض مناهج تتناسب مع توجهاته الرامية إلى تهويد الأماكن المقدسة في الأراضي المحتلة لاسيّما القدس الشريف من خلال إقامة حفلات طلابية مختلطة تتضمن مقاطع مسرحية أو أفلام تهدف إلى مسخ الهوية الفلسطينية وتغليب النزعة اليهودية على المشهد السياسي والاجتماعي في الأراضي المحتلة.