الوقت - تميزت العلاقات بين السعودية والدول الأخرى في مجلس التعاون بعدم التوازن وفقدان الاحترام المتبادل في كثير من الأحيان بسبب نظرة السعودية لهذه الدول على أنها أقل شأناً منها لعدّة أسباب بينها أن الأراضي السعودية "الحجاز" تضم أبرز الأماكن المقدسة للعالم الإسلامي لاسيّما مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتضم أيضاً احتياطي هائل من مصادر الطاقة لاسيّما النفط بالإضافة إلى سعة المساحة الجغرافية للسعودية مقارنة مع سائر دول مجلس التعاون، ما يجعل السعودية تشعر بالتفوق والنظر لدول المجلس بمثابة "الأخ الأكبر".
في مقابل ذلك تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة حديثة التأسيس مقارنة مع السعودية، فهي عبارة عن مجموعة من الدويلات التي تشكلت في أوائل سبعينات القرن الماضي بدعم من بريطانيا ونتيجة هجرة الناس إليها من مختلف أنحاء المنطقة.
ونتيجة لإحساسها بالتبعية تسعى الإمارات دوماً لإرضاء السعودية خلال الأزمات التي تشهدها المنطقة خصوصاً بين دول مجلس التعاون، وهذا ما يحصل بالفعل في الوقت الحاضر حيث اصطفت الإمارات إلى جانب السعودية في أزمتها الحالية مع قطر.
وتتأثر العلاقات السعودية - الإماراتية بجملة من العوامل التاريخية والأيديولوجية، وكذلك بالتدخلات الخارجية في شؤون المنطقة لاسيّما من قبل أمريكا.
فمن الناحية التاريخية شهدت العلاقات بين البلدين نزاعات كثيرة بشأن ترسيم الحدود بين الجانبين لاسيّما ما يتعلق بالمناطق النفطية. وفي الوقت الحاضر تقوم السعودية باستخراج نحو 650 ألف برميل من النفط الخام يومياً من المناطق التي تحتلها من الإمارات، ولهذا تشعر الأخيرة بالتهديد المستمر من قبل السعودية إلى درجة أن السفير الإماراتي لدى واشنطن "يوسف العتيبة" الذي تم اختراق بريده الإلكتروني اعتبر في إحدى رسائله السعودية بأنها تأتي في المرتبة الثانية من حيث التهديد لبلاده.
والعامل الآخر الذي تسبب ببروز خلافات سياسية بين الإمارات والسعودية يتعلق باليمن. فبعد أن شاركت الإمارات بقوة إلى جانب السعودية في عدوانها المتواصل على هذا البلد منذ نحو عامين ونصف العام برز الخلاف مؤخراً بين الجانبين بشأن كيفية إدارة المناطق الجنوبية التي تمت السيطرة عليها في جنوب اليمن. فعلى سبيل المثال عمدت الرياض إلى إقالة محافظ مدينة "عدن" الموالي للإمارات الأمر الذي دعا الأخيرة إلى تنظيم تظاهرات عبر مؤيديها أدت في النهاية إلى هروب المحافظ الجديد لهذه المدينة المنصوب من قبل السعودية.
الأمر الثالث الذي أثر سلباً على العلاقات بين الإمارات والسعودية هو الخلاف الأيديولوجي. فالسعودية التي تتبنى المذهب الوهابي المتطرف تسعى للسيطرة أيديولوجياً على جميع دول مجلس التعاون إلاّ أن بعض هذه الدول ومن بينها الإمارات ترفض مثل هذا التدخل في شؤونها لأنها تعتقد بأنه يهدد أمنها الداخلي. وهذا الأمر ظهر بشكل واضح خلال كلام وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" الذي طالب بالتصدي للنفوذ الوهابي داخل بلاده.
وتجدر الإشارة إلى أن علاقات أمريكا مع دول مجلس التعاون لعبت حتى الآن دوراً في الحيلولة دون تفجر الوضع بين هذه الدول في أوقات الأزمات بهدف الحفاظ على مصالح واشنطن في هذه المنطقة لاسيّما ما يتعلق بمصادر الطاقة. ولهذا بقيت الخلافات الحدودية والنفطية بين الإمارات والسعودية أشبه بنار تحت الرماد بسبب تدخل واشنطن التي سعت أيضاً لعقد صفقات ضخمة لبيع الأسلحة إلى الطرفين من أجل مسك العصا من الوسط والتلويح باستخدام القوة في حال ظهرت بوادر تمرد أو عصيان لأوامرها من قبل أحدهما.
في المحصلة يمكن القول بأن العلاقات السعودية - الإماراتية تواجه تحديات متعددة بسبب الخلافات الحدودية والنفطية والسياسية والأيديولوجية، إلاّ أنه وبسبب تورط الطرفين في العدوان على اليمن واشتراكهما في الأزمة مع قطر لم تصل هذه العلاقات إلى حد التوتر خصوصاً وأن أمريكا تسعى لإبقاء هذه العلاقات في مستوىً جيد حفاظاً على مصالحها، بالإضافة إلى أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" وولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد" والذي يشار إليه باعتباره الحاكم الفعلي للإمارات تربطهما علاقات شخصية قوية وهما يلعبان دوراً كبيراً في تسيير شؤون بلديهما بما يخدم مصالح الطرفين.