الوقت- دخلت الولاية الثانية للرئيس الإيراني حسن روحاني حيّز التنفيذ الفعلي بعد أداءه لليمين الدستوريّة، وكذلك تصديق حكم رئاسة الشيخ روحاني من قبل قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي على واحدة من أهم الملاحم السياسية التي سطّرها الشعب الإيراني.
الارتياح بدا واضحاً على الرئيس روحاني، وأكثر منه على قائد الثورة الذي يحمل نظرة أبوية لكافّة المرشّحين ويدعم خيار الشعب. ويأتي هذا الارتياح باعتبار أن بعد انتخابات ملحمية ومشاركة واسعة جدّاً عكستها الصفوف الطويلة للناخبين في كافّة أنحاء البلاد، وبالتالي نجاح الشعب الإيراني في امتحانه السياسي والاجتماعي الذي حمل رسائل بمضامين عدّة للداخل والخارج.
ورغم فوز الرئيس روحاني الباهر، إلا أن الفائز الأكبر هو النظام الإسلامي الذي نجح في تكريس وتثبيت الجانب الجمهوري والطّابع الشعبيّ الجماهيريّ لهذا النّظام الثوري، وبالتالي كانت مشاركة الشعب في واحدة من أهم الممارسات الوطنية وخطوةً واسعةً على طريق حماية عزّة البلاد وأمنها وهيبةِ نظام الجمهورية الإسلامية المقدّس، وفق رسالة قائد الثورة في مراسم التصديق. أي "أن الشعب أراد من خلال هذه المشاركة ان یقررمصیر بلاده ویثبت مدى ولائه للنظام والثورة الاسلامیة" مؤكدا "بذلك ان جذور النظام باتت الیوم متأصلة في قلب الشعب"، وفق الرئيس روحاني في مراسم تصديق حكم رئاسته.
وبين الداخل والخارج، رسم قائد الثورة خارطة الطريق للجمهورية الإسلاميّة الإيرانية، ليؤكد عليها الرئيس المنتخب في كلمته. قائد الثورة الذي أكّد مرة أخرى على تنفيذ خطّة الاقتصاد المقاوم والاهتمام الخاص بقضية فرص العمل والإنتاج الداخلي، دعا إلى الوقوف في وجه الهيمنة الامريكية بقوة وصلابة.
خارطة الطريق التي رسمها قائد الثورة على الصعيدين الداخلي والخارجي، تتمثل في عدّة نقاط:
أولاً: تركيز الحكومة على الوضع الداخلي فيما يتعلّق بالاقتصاد والرفاهية الاجتماعيّة. ويجب اخذ الوحدة الوطنية بعين الاعتبار كقضية مهمة، لان كل ما لدينا هو من اتحادنا . فيجب تقبل النقد والاستماع اليه وفي نفس الوقت تكريم القوى الثورية التي تصد الخطر وتدافع عن البلاد .
ثانياً: ينبغي ان يكون لنا تعاون مع العالم على الرغم من محاولات الاعداء لعزل الشعب . الجمهورية الاسلامية الايرانية بامكانها ان يكون لديها علاقات مع العالم وتمد لهم يد المساعدة، وتستفيد منهم عند الحاجة.
ثالثاً: رغم وجود بعض النقص في بعض الميادين، لكن لدينا من الامكانات الكبيرة ما يجعلنا نستخدمها بالشكل الامثل. هنا حذّر قائد الثورة من ان العدو يقظ في خندقه ويواصل حياكة المؤامرات منوها الى ان الحظر كان له الأثر في التفاتنا الى امكاناتنا وهو ما جعلنا اليوم اكثر اقتدارا من السنوات الماضية، وتمكنا من تحويل التحديات الى فرص ومن هذا المنطلق فانه لا نشعر بالهواجس من خطط الاعداء .
رغم اختلاف مفردات الرئيس الروحاني، إلا أن المضمون بداً واضحاً وفي صلب توجّهات قائد الثورة. في الداخل الإيراني يريد الرئيس روحاني صيانة الحريات؛ حرية الوصول إلى المعلومات، التساوي أمام القانون، واحترام المجتمع المتعدد الأعراق، والأهم اجتثاث الفقر والتضخم وأن تكون إيران مرفوعة الرأس، هذا ما قاله في خطاب خارطة طريقه. لكنه أيضاً يريد تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد، وعدم الرضوخ للأعداء، والتعامل مع العالم في إطار الدستور الإسلامي والتغلب على العقوبات. هذا ما ذكره قائد الثورة فيما يتعلّق بالاقتصاد المقاوم، والنقطتين الأولى والثانية.
يكمل الرئيس الوحاني مشروعه، بالقول: "الحكومة عازمة على ان یتوافق برنامجها الاقتصادي مع البرنامج التنموي ولا شك ان اجتیاز اصعب مراحل العقوبات سیكون ممكنا من خلال الدبلوماسیة والاتكال على قدرة الردع"، مشدّداً
على ان ایران لا یمكن ان تستسلم ابدا امام العزلة التي حاول و یحاول الاعداء فرضها علیها كما انها لا یمكن ان ترضخ لهؤلاء الذین یضمرون الشر لها ویریدون ابقائها بعیدة عن مسار التنمیة والتطور. وهذا ما ذكره قائد الثورة في النقطتين الثانية والثالثة.
في الخلاصة، وبعيداً عن خارطة الطريق التي رسمها قائد الثورّة وأكّد عليها الرئيس روحاني، تؤكد مراسم التنصيب، كما الانتخابات، بيعة الشعب للنظام والقيادة وأن الرضوخ لصناديق الانتخابات هو تجلٍ واضح لنضوج النظام ورشده في بلد نجح في تحقيق انجازات كبيرة طيلة الأعوام الماضية، ليس آخرها منع وصول التهديد الإرهابي إلى الداخل الإيراني رغم أن هذا البلد يقع في أكثر المناطق سخونة في العالم.