الوقت- ما تزال القلاقل الإقتصادية والتجاذبات السياسية تحاصر كردستان العراق، في حين يصر البارزاني على الإستفتاء ويتناسى أهمية الإنتخابات البرلمانية، فأيهما يحوز على الأولوية في الداخل والخارج وما تداعياتها؟
وفي هذا السياق، كتب "جكسون ديل" نائب رئيس التحرير في صحيفة "واشنطن بوست" أن الإستفتاء وإعلان الإستقلال سوف ينتهي بوقوع حروب أهلية في كردستان العراق قائلاً: "تعتقد واشنطن أن كردستان العراق بقيت سليمة ومعافاة كما كانت قبل خمس سنوات تماماً على الرغم من ظهور داعش إلى حين هزيمتها. وتنظر واشنطن إلى كردستان على أنها ديمقراطية مسالمة حديثة ومؤيدة للغرب، ولهذا لا يمكنها تجاهل مطالبات الإقليم المشروعة في الإستقلال الكامل عن العراق". وتابع قائلاً: "للأسف لقد تغيرت الكثير من المعطيات خلال السنوات الخمس الأخيرة، فعلى سبيل المثال؛ تغير مجريات الحرب وإنسحاب أمريكا من المنطقة وعدم فعالية الأكراد.
ويذكر أن داعش ما تزال تتلقى الهزائم في جنوب وغرب كردستان، بينما تعاني كردستان العراق من إفلاس سياسي وإقتصادي. في حين ما يزال مسعود البارزاني يحتفظ بسدة الرئاسة على الرغم من مضي أربعة أعوام على إنتهاء فترته الرئاسية، وكما أن أبواب البرلمان الكردستاني ما تزال موصدة منذ عامين. فيما يترنح الإقتصاد الكردستاني الذي أُثقل كاهله من كثرة الديون وبالكاد يستطيع دفع رواتب ومستحقات ثلاثة ارباع موظفيه، بينما أصيب الجيش بالتشعبات وتحول إلى تيارات تتنافس فيما بينها.
وفي هذه الأثناء ومن تحت ركام الصعوبات جميعها، نهض البازاني ليقدم خطته لإجراء إستفتاء الإستقلال في 25 من كانون الأول، الأمر الذي رفضته الحكومة المركزية العراقية، ونال معارضة الدول المجاروة صاحبة النفوذ مثل إيران وتركية وأمريكا أيضاً. كما وأدرك الاكراد أيضاً أن التيارات السياسية لا تسير لصالحهم وأنها وصلت إلى مرحلة حرجة.
وفي سياق آخر، أوضح "شهسوار قدير" مالك قناة "إن آر تي" التلفزيونية الحرة في كردستان: "إجراء الإستفتاء هو حيلة يستخدمها زعماء الأكراد ليحافظوا على مناصبهم". وأضاف: "إن الجيل الجديد لا يعلم أي شيء عن كفاح أجدادهم ضد صدام حسين ولهذا يتوجب على الزعماء الأكراد البحث عن حافز آخر للحفاظ على منصابهم في إدارة البلاد.
يسعى "قدير" والذي هو ممثل عن الجيل الفتي من الأكراد والعراقيين إلى بناء نظام مؤسسات سياسية ذات إقتصاد قوي وفعال، في حين تعرضت قناة "إن آر تي التلفزيونية" لعدة هجمات بعد إسبوع من بدء عملها رافعة شعار "الشهامة التوازن الحقيقة". والتي إتهم "قدير" حزب "الوطن الكردستان" بها، فيما قامت السلطة بإغلاق مكاتب القناة وإعتقال موظفيها عدة مرات.
وفي توضيحات أكثر قال "قدير": ليس لدينا إقتصاد، لدينا فقط أنبوب نفط، ليس لدينا جهاز قضائي، ولا جيش موحد ومنسجم، ولا برلمان، لو تم إجراء الإستفتاء سوف تغلق تركيا أنبوب النفط والذي هو الشريان الحياتي لدينا ويتم تصدير النفط من خلاله بكميات قليلة ويؤمن لنا أغلب مواردنا. ولو تم إجراء الإستفتاء لربما تحركت إيران وتركيا لدعم الفرقاء المنافسة في الجيش في حين أن أغلب التيارات السياسية إما تنتمي لـ "إتحاد كردستان الوطني" أو يرتبط بـ" الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة البارزاني، وهذا ما سيجلب ويلات الحرب الأهلية كالتي حدثت في حقبة التسعينيات بين هذين التيارين.
كما ويتسائل “قدير” حول مستقبل كردستان و نوع الحكومة التي ستديره؛ هل هو النموذج الكوري الجنوبي أم السودان الجنوبي؟، وأضاف: " الحل لا يكمن في إجراء الإستفتاء بل في إجراء إنتخابات حرة لتشكيل برلمان جديد، البرلمان الذي كان من المقرر تشكيله في شهر تشرين الثاني. ولقد سافر "شهسوار" إلى أمريكا طالباً مساعدتها بإحراز تقدم بالنسبة للوضع الديمقراطي في كردستان، المساعدة التي كان أوباما قد قطعها والتي أدت لضياع جميع المكاسب التي حققها الإقليم منذ 2003 هباءً.
فهل تضع حكومة ترامب إجراء الإنتخابات في كردستان على رأس قائمة أولوياتها في العراق؟، وهل يلتفت الكنغرس الأمريكي للملاحظة التي أشار إليها "قدير" حول العلاقة الطردية بين الإنتخابات الحرة والسليمة في كردستان العراق وتثبيت إستقراره وهبوط مستوى العنف فيه، أم أنّ كلٌّ يغني على ليلاه؟!.