الوقت- بعد نصف ساعة فقط من اعلان الهدنة بين السعودية واليمن لمدة خمسة أيام والتي بدأت في الساعة الحادية عشرة من مساء الثلاثاء انتهك النظام السعودي هذه الهدنة ليثبت للعالم مرة أخرى بأنه لا يمكن الوثوق بأقواله والاطمئنان لتعهداته، ولابد من الوقوف بوجهه بحزم كي يحترم هذه التعهدات.
فقد اكدت التقارير الخبرية الواردة من اليمن ان القوات السعودية عاودت قصفها لمدينة الضالع اليمنية بالصواريخ بعد نصف ساعة فقط من اعلان الهدنة، ما ادى الى الحاق اضرار بشرية ومادية جسيمة بهذه المدينة.
والسؤال المطروح: لماذا توافق السعودية على الهدنة ولماذا تنقضها بسرعة ؟! للاجابة عن هذا التساؤل لابد من القول ان النظام السعودي الذي عجز عن تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية في عدوانه على اليمن رغم مرور نحو خمسين يوماً على هذا العدوان والدمار الهائل الذي سببه طيلة هذه المدة، وافق أخيراً على وقف اطلاق النار بشكل مؤقت كي يدّعي كذباً بأنه ليس ضد الشعب اليمني وانه قبل الهدنة لأسباب انسانية حسب تصريح وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" في مؤتمره الصحفي المشترك مع نظيره الامريكي "جون كيري" في باريس، إلاّ أن الحقيقة وكما يراها المراقبون والتي لا يمكن أن تغيب عن بال أحد أن النظام السعودي قبل بالهدنة المؤقتة كي يعيد ترتيب أوضاعه على الصعيدين السياسي والعسكري والتي اصابها الخلل الواضح بسبب التغييرات المفاجئة والواسعة التي أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز في صفوف الأسرة الحاكمة والتي طالت ولي العهد ووزير الخارجية وآخرين كانوا يشغلون مناسب حساسة في الدولة، اضافة الى الخسائر التي لحقت بالقوات السعودية على يد الشعب اليمني خصوصاً ابناء القبائل الذين تمكنوا من قتل واسر الكثير من العسكريين السعوديين والسيطرة على مقراتهم في المناطق القريبة من الحدود اليمنية لاسيما في نجران وجازان وغنم الاسلحة التي كانت بحوزتهم في هذه المناطق.
ويعتقد المراقبون ان وقف اطلاق النار المؤقت الذي اضطر نظام آل سعود لقبوله بسبب ضغط الرأي العام العالمي لا يمكن ان يزيل وصمة العار التي لحقت به جراء شنه العدوان على الشعب اليمني الذي فقد أبناءه ولم يعد يملك أبسط مقومات الحياة بسبب هذا العدوان الهمجي الذي لم يرحم حتى الاطفال والنساء ولم يستثن حتى المستشفيات والمدارس ومستودعات الغذاء والدواء وكل ما له صلة بالحياة، تنفيساً لحقده الطائفي الدفين على هذا الشعب الذي بذل كل ما بوسعه لتحقيق استقلاله وعزته بعيداً عن أي تدخل أجنبي بعد أن تمكن من اسقاط الانظمة العميلة والرجعية التي حكمته لعقود طويلة والتي كانت تسيرها المخابرات الامريكية والسعودية لتحقيق مآرب خبيثة على حساب دماء وكرامة أبناء هذا الشعب.
المتابعون لمجريات الشأن اليمني يعتقدون ان نظام آل سعود لن يلتزم بالهدنة مع اليمن وسيعاود العدوان عليه كما فعل في المرة السابقة عندما أعلن وقف اطلاق النار في الاسبوع الرابع من هذا العدوان لكنه نقضه بعد ساعات قليلة واستخدم اسلحة محرمة دولية بينها القنابل العنقودية في هجماته البشعة ضارباً عرض الحائط جميع القوانين الدولية والاعراف الانسانية التي يدعي كذباً الالتزام بها.
وتجدر الاشارة الى ان طائرات النظام السعودي والدول المتحالفة معه شنت أيضاً العديد من الغارات على اليمن قبل ساعات قليلة من بدء الهدنة ما ادى الى استشهاد وجرح المئات من المدنيين معظمهم من الاطفال والنساء وتدمير البنى التحتية. وتركزت هذه الغارات على مناطق "النقم" و"سعوان" و"الحفاء" في العاصمة صنعاء و" الحي" في محافظة "تعز" الجنوبية و"العطفين" التابعة لقضاء "كتاف" بمحافظة "صعدة" شمال البلاد.
في هذه الاثناء ذكرت حركة "انصار الله" اليمنية انها حصلت على منظومة دفاع جوي حديثة للتصدي للهجمات التي تشنها السعودية والدول المتحالفة معها على البلاد. وذكرت مصادر مقربة من الحركة ان هذه المنظومة تشتمل على رادارات قادرة على رصد أهدافها بدقة.
يأتي هذا في وقت اعلنت فيه السعودية انها ارسلت قوات برية اضافية مجهزة بمدرعات ومدافع حديثة الى المناطق القريبة من الحدود اليمنية لاسيما في منطقتي نجران وجازان التي تكبدت فيها القوات السعودية خسائر جسيمة على يد القبائل اليمنية خلال الايام القليلة الماضية.
ولابد من التذكير هنا بأن موقف المنظمات الدولية وخصوصاً الامم المتحدة من الهدنة ووقف اطلاق النار المؤقت بين السعودية واليمن لا يختلف عن موقفها من الهدنة التي كان يعلنها "الكيان الاسرائيلي" خلال عدوانه المتكرر على قطاع غزة، فهذه المنظمات تكتفي بالتفرج على المأساة التي تحل بالشعوب المظلومة ولن تحرك ساكناً في مواجهة هذا العدوان الذي لم يكن ليحصل لولا تخلي هذه المنظمات عن واجباتها ومسؤولياتها في حفظ الامن الدولي والتواطؤ مع المعتدي.
والهجوم الذي شنه النظام السعودي على اليمن بعد نصف ساعة فقط من اعلان الهدنة دليل واضح على ان هذا النظام لا يعير اهمية للقوانين الدولية ويتجاهل جميع النداءات التي تطلقها المنظمات الانسانية لمساعدة الشعب اليمني ويتصرف بوحشية مع هذا الشعب كما فعل الكيان الاسرائيلي مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه السعودية عن هدنة انسانية مع اليمن كما تزعم، فإنها تمنع من وصول المساعدات الانسانية الى هذا البلد وتضع العراقيل امام هذه المساعدات المتجهة حالياً الى اليمن ومن أبرزها سفينة "الانقاذ" التي تحمل مساعدات الشعب الايراني والتي تحتوي على المستلزمات الضرورية للحياة لاسيما الغذاء والادوية. وهذه العرقلة تتم بمساعدة ومباركة الادارة الامريكية الحليف الرئيس لآل سعود في هذا العدوان.