الوقت - قالت صحيفة الغارديان البريطانية اليوم على لسان الكاتب "منير أحمد" أنه وفي خضم الإجراءات التي تعصف بأوروبا وأمريكا بحق المسلمين هل تتصدى المحاكم الأوربية في هذه البلدان لـ "الاسلاموفوبيا"؟
وقال الكاتب: إن المحاكم الأوروبية تناولت هذا الأسبوع العلاقة بين الإسلام والغرب، ولكن وفي هذا النهج والنتائج المختلفة جذرياً في أمريكا أوقفت المحاكم الاتحادية في هاواي وماريلاند المحاولة الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محاولاته الرامية إلى حظر الإسلام، وفي الوقت نفسه، فإن المحكمة الأوروبية للعدالة، وهي أعلى محكمة في أوروبا، أيدت حق أصحاب العمل بمنع النساء المسلمات من ارتداء الحجاب.
وقال الكاتب: إن القانون الأمريكي والأوروبي كان من المفترض أن يتبنى مبادئ الحياد الديني وعدم التمييز، ولكن في واقع الأمر فإن التطبيق متباين وهو بعيد كل البعد عن تلك القوانين التي وفي الواقع تعكس مستويات مختلفة من عدم الراحة تجاه الدين عموماً والقلق الديموغرافي مع الإسلام بشكل خاص، حيث إن كلاً من أمريكا وأوروبا والسياسيين يعتبرون أن النشاطات التبشيرية للإسلام تهديد قاتل للحضارة الغربية، طبعاً هذا كله يأتي وسط "انتصار ترامب"، وصعود مارين لوبان في فرنسا، والتمايل نحو اليمين في هولندا، ولكن حتى الآن، أقرت المحاكم الأوروبية بمنع الحجاب بعد عام من الجدال في المحاكم، ناهيك عن أن المحاكم الأمريكية التي رفضت إلى حد كبير اتخاذ قرار الطعن ضد المسلمين بغض النظر عن بعض الحالات الخاصة.
وقال الكاتب: إنه وفي قرارات هذا الأسبوع وبعد قرار "الحظر الإسلامي" الثاني من نوعه، رفضت المحاكم ادعاءات الحكومة الفارغة بأن الحظر كان بعد قيام عدد من المسلمين بشيء ما، كما كتب القاضي "ديريك واتسون" في هاواي: "هذا غير معقول، فالمراقب الموضوعي يستنتج أن الغرض العلماني من هذا الأمر التنفيذي هو غرض ثانوي".
وقال الكاتب: إن المحكمة حددت بسهولة المطالب التي تتعلق بالأمن القومي فالحظر ليس سوى ذريعة للعداء الديني، فيمثل قرار الرفض المستمر من قبل محاكم الخوف غير العقلاني من المسلمين و"الإسلاموفوبيا" والتي روّجها الرئيس وحاشيته، وفي المقابل، فإن قرار المحكمة الأوروبية يعكس عدم قدرة تلك الهيئة لمعالجة مشكلة الإسلاموفوبيا وجهاً لوجه، لا بل إنها أيدت قرارها هذا الأسبوع.
فالمحاكم في كل مكان من هذا العالم ينبغي أنها في حوار مستمر مع الجمهور وعلى هذا النحو فإن قراراتهم لا يمكن فصلها عن المجتمعات التي صنعت منها، فالقرارات الأمريكية والأوروبية تعكس توجهات مجتمعية مختلفة إلى حد كبير تجاه المسلمين، حيث إنه وفي أمريكا هناك خبرة أعمق مع التعددية بجميع أنواعها، وقد ساهمت هذه العوامل بظهور الشعوب المعادية للمسلمين التي تفوق العنصرية والعرقية والدينية المتواجدة في أوروبا، ومن المؤكد أن أمريكا بعيدة عن مأمن المشاعر القومية أو الطعن بـ "الإسلاموفوبيا" فالخوف من استيلاء المسلمين على البلاد يجد مصداقية فقط في الهوامش، فحتى إدارة ترامب تروّج لمعادلة معينة تربط فيها المسلمين واللاجئين بالإرهابيين، والمحاكم تثبت أنها كبش فداء للعداء الديني المسير سياسياً.
واختتم الكاتب بالقول: إنه وفي المقابل، فإن الكثير من الأوروبيين يبدو بأنهم يعانون من القلق من "القنبلة الديمغرافية الإسلامية" وفقدان الهوية الأوروبية، وفي هذا السياق، هناك تثبيت على منع الحجاب كمظهر من المظاهر الواضحة للممارسات الثقافية البديلة، واستجابة المحاكم الأوروبية تأتي بالتأكيد وفقاً لذلك، فكان في استقبال أول حظر إسلامي في يناير كانون الثاني عشرات الآلاف من المتظاهرين في المطارات من جميع أنحاء البلاد والذين أعلنوا وقوفهم تضامناً مع المهاجرين المسلمين واللاجئين، فقام العديد من هؤلاء المتظاهرين برفع لافتات تحمل صورة امرأة بحجاب العلم الأمريكي، وبنفس اللحظة بالضبط فإن إدارة ترامب تشوه صورة المسلم ككائن معين يجب ازدراؤه واحتقاره، بينما لم تكن هناك احتجاجات واسعة من قبل الأوروبيين غير المسلمين المعارضين لحظر الحجاب، ونتائج الانتخابات في هولندا تبين أن المشاعر الشعبية قد تحولت باتجاه معين، فربما سيتم تشجيع المحاكم الأوروبية من قبل المحاكم الأمريكية، وسط تساؤلات عديدة بأنهم في أي خط سوف يسيرون.