الوقت- "عيد نوروز" أو عيد النيروز كما يسمى باللغة العربية هو عيد تحتفل به شعوب وقوميات كثيرة في آسيا الوسطى والصغرى والغربية وخاصة الشعب الإيراني إضافة إلى الأكراد.
وهو أول يوم في شهر فروردين (الشهر الأول في التقويم الهجري الشمسي) ويوافق الانقلاب السنوي الربيعي. وكلمة نوروز مؤلفة من شقين نو أي جديد وروز التي تعني يوم، أي أن العيد هو عيد اليوم الجديد والبداية الجديدة للعام. وبما أنه يبدأ مع الربيع فإن اسمه ارتبط بعودة الحياة إلى الطبيعة والخضرة والحياة المتجددة.
تاريخ عيد النيروز
هناك عدة أساطير تحكي عن منشأ عيد النوروز، فالبعض يعتقد أن منشأه يعود للملك الإيراني "جمشيد" من الحقبة الأخمينية (330 إلى 550 ق م) الذي حكم بالعدل وانتشر في عهده الازدهار والخير في البلاد. والأكراد يردونه إلى أسطورة الملك الظالم "سرجون" الذي كان يقتل الأطفال ليشفى من مرض أصابه إلى أن ثار عليه شاب يدعى "كاوا" على رأس آخرين وخلعه عن الحكم وصادف الوقت دخول الشمس في برج الحمل وحلول الاعتدال الربيعي. بينما يعتقد البعض أن الديانة الزرادشتية هي منشأ هذا العيد.
عيد النيروز والبعد الإسلامي في إيران اليوم
عيد النيروز في إيران لم يعد مجرد مراسم تقليدية متعارفة كما يعتقد البعض، بل أصبح هذا العيد لدى الإيرانيين مرتبطا بمجموعة من الشعائر الدينية، من قراءة القران وذكر بعض الأدعية الخاصة بهذه المناسبة والتوجه إلى الأماكن الدينية المقدسة لاستلهام روح النيروز
ولعل الدعاء المشهور الذي يردده الإيرانيين في هذا العيد يعبر خير تعبير عن المفاهيم السامية التي يختزنها هذا العيد وهو "يا مقلب القلوب والأبصار يا مدبر الليل والنهار يا محول الحول والأحوال حول حالنا إلى أحسن الحال" وهو مناجاة تؤكد عمق البعد الإسلامي لهذا العيد عند الإيرانيين.
النوروز في الشعر العربي
طالما أثرت الحضارة العربية والحضارة الفارسية على بعضهما البعض باعتبارهما حضارتين متجاورتين غارقتين في القدم، ظهر هذا التأثير في المنتجات الأدبية عند الشعراء العرب والفرس ولذلك نرى الكثير من الشعراء العرب قد تغنوا بعيد النيروز ووصفوه في شعرهم . فها هو الشاعر أبو تمام الطائي يتخذ من النوروز مناسبة ويستعير من حلتها الخضراء مقدمة ليبدأ بها قصيدته. يقول أبو تمام :
قد شرد الصبح هذا الليل عن أفقه وسوغ الدهر ما قد كان شرقه
سيقت إلى الخلق في النيروز عافية بها شفاه جديد الدهر من خلقه
ابن الرومي هو الآخر يسلك مسلك أبي تمام في امتثال بهجة النوروز وصفاء أجوائه فيقول :
لم يبق للأرض من سر تكاتمه إلا وقد أظهرته بعد إخفاء
أبدت طوائف شتى من زواهرها حمراً وصفراً وكل نبت غبرا
فأسعد نيروزك المسعود طالعه يابن الأكارم في خفض ونعماء
يقول البحتري في قصيدة له :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النوروز في نحلس الدجى أوائل ورد كن بالأمس نوما
يفتقها برد الندى فكأنه ينبت حديثاً كان قبل مكتما
وغيرها الكثير الكثير من الأشعار والتي لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال .
التقاليد والأعراف المرتبطة بعيد النوروز
تبدأ مراسم عيد النيروز قبل أيام من حلوله، وقد يكون موضوع تنظيف المنازل من أبرز مقدمات هذا العيد، حيث تقوم العائلة بمسح الغبار وتنظيف المنزل بكل تفاصيله، وهذا التقليد شائع ليس فقط في إيران بل في أفغانستان وطاجيكستان وبقية دول آسيا الوسطى أيضا. وفي ذلك تعبير عن ضرورة استقبال العيد بأحسن حلة للشروع مجددا بحياة جديدة والعودة إلى الحالة المستحسنة والمطلوبة.
أما خلال العيد فيرتدي الناس أفضل حللهم ويزورون بعضهم البعض، كما يقومون بزيارة قبور موتاهم ووضع الورود عليها.
وللموائد النيروزية أيضا تقاليدها الخاصة، فكل عائلة تحضر مائدة من سبعة أصناف تبدأ أسماء جميعها بحرف السين وهي سماق: السماق، سنجد: ثمار أحد أنواع الأشجار العطرية الشبيهة بالزيزفون، سمنو:إحدى الحلويات الإيرانية التي تصنع من القمح، سيب:التفاح، سير: الثوم، سبزه: الخُضرة، سكه: النقود وتشير هذه الأصناف جميعها إلى بعض المفردات كالنضارة، المحبة، المودة، السعادة، الخير اليمن والبركة.
كما تضم هذه المائدة عادة نسخة من الكتاب المقدس حيث يضع المسلمون نسخة من القرآن الكريم فيما يضع المسيحيون نسخة من الإنجيل ويضيف بعض الناس إلى هذه المائدة بعضاً من ثمار الرمان والخبز والجبن وغصن من السرو، لجميعها دلالات مشابهة للسينات السبع .
في مدينة كابل ومدن شمالي أفغانستان وبعض مدن باكستان تقترن مائدة الفواكه السبع بعيد النوروز، هذه الفواكه عبارة عن: الزبيب الأخضر والأحمر، الفستق، اللوز، الجوز، البندق،السنجد والمشمش. بينما يضع الناس في جمهورية أذربيجان التين على موائد النوروز من دون أن يعيروا للعدد سبعة أهمية .
يوم الطبيعة :
تختتم أيام العيد في اليوم الثالث عشر من شهر فروردين (الشهر الأول في التقويم الإيراني) بيوم الطبيعة. حيث يخرج الإيرانيون كما أهالي أفغانستان إلى الحدائق والغابات والمناطق الريفية، وفي طاجيكستان توجد مراسم باسم اقتطاف الورود حيث يخرج بعض الناس للبحث عن الورود واقتطافها ليقدموا بشرى انتهاء فصل الشتاء وبداية الربيع لأقربائهم وجيرانهم.