الوقت- قبل ايام شنت القنوات الفضائية ووسائل الاعلام التابعة للسعودية والمؤيدة لها وكذلك قناة الجزيرة القطرية، حملة تضليل للرأي العام العربي والعالمي، ونشروا اخبارا على العجالة حول قيام الطائرات الحربية التابعة للكيان الإسرائیلي غارات جوية على منطقة القلمون السورية القريبة من لبنان، قائلين ان هذه الغارات استهدفت صواريخ واسلحة كانت متجهة من سوريا الى حزب الله، ومن ثم قالت هذه الوسائل الاعلامية ان هناك عملية عسكرية اسرائيلية استهدفت اربعة اشخاص في الجولان السوري كانوا يخططون لزرع عبوات ناسفة رداً على الغارات الاسرائيلية على القلمون. وهذا في وقت لم يعلن فیه حزب الله شيئا بشأن غارات القلمون وبشأن العملية الاسرائيلية في الجولان، كما ان كيان الاحتلال الاسرائيلي ايضا لم يؤيد ما روجه الاعلام السعودي والقطري. فما هو الهدف من هذه الحملة الاعلامية التضليلية؟
عند نشر تلك الانباء قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يعقب على ما يرد في التقارير الأجنبية ما إذا كان هذا قصفاً إسرائيلياً ام لا ، وهذا هو القصف الثالث في سوريا الذي ينسب للکیان الإسرائيلي هذا الأسبوع. ولكن على عكس الحالات السابقة، فإن التقديرات تشير إلى عدم امكانية الاعتماد على مثل هذه التقارير.
ووفقا لمصدر أمني اسرائيلي، فإن القصف الذي نسب للکیان هو جزء من المعارك الدائرة في سوريا بين جبهة النصرة من ناحية وحزب الله والجيش السوري من ناحية أخرى في منطقة القلمون، وقال ذات المصدر ان اسرائيل لا تريد التدخل في المعارك بين الطرفين، التي تتصاعد بشكل مطرد في الآونة الأخيرة في هذه المنطقة.
وأفادت مصادر الجماعات المسلحة الارهابية في سوريا على شبكات التواصل الاجتماعي، ان في منطقة القلمون اربعة مواقع تمركز تابعة لهذه الجماعات، وهي على ما يبدو من هاجمت قاعدة الصواريخ التابعة للجيش السوري. وأفيد أيضا أن المعارضة المسلحة نصبت بطاريات لإطلاق صواريخ "غراد" وأطلقت 30 صاروخا على قاعدة تابعة للجيش النظامي تستخدم لإطلاق صواريخ "سكود بي".
اما قناة الجزيرة القطرية فقد حرصت على نشر دعاية بأنه تم قصف "منشآت أسلحة استراتيجية" في مخيمات عسكرية ومخازن لوجستية كبيرة شمالي دمشق. وقالت قناة العربية بأنه تم قصف طراز جديد من صواريخ "سكاد" بالإضافة الى أهداف أخرى غربي دمشق، في منطقة جبال القلمون القريبة من الحدود مع لبنان.
وقالت العربية في تضليلاتها انه في أعالي هذه الجبال هناك ممرات استراتيجية، وهنالك شارع يوصل بين العاصمة السورية والبقاع اللبناني – الى المنطقة الموجودة تحت سيطرة حزب الله، وانه في الطرق الترابية في المنطقة الجبلية هنالك فعاليات تهريب نشطة، ليس فقط لأسلحة استراتيجية من سوريا وإيران الى حزب الله، وإنما في الاتجاه المعاكس أيضاً حيث الجماعات المسلحة في سوريا تحصل على أسلحة ودعم بشري من لبنان عن طريق مسالك التهريب في جبال القلمون.
وأضافت العربية "لذلك يحارب الطرفان من أجل السيطرة على مسالك وبلدات منطقة القلمون، التي تنتقل من يد الى أخرى وهكذا دواليك."
وأشارت الوسائل الإعلامية التي تدور في الفلك السعودي ان حزب الله أقام مواقع له على الجانب اللبناني من أجل منع الجماعات المسلحة من عبور الحدود وحماية محاور السير والتزويد من سوريا. أما تنظيمي جبهة النصرة وداعش، فهما يتجاهلان العداوة الموجودة بينهما ويتكاتفان من أجل محاربة حزب الله والجيش السوري في المنطقة.
وقالت الابواق الاعلامية السعودية ان التواجد القوي للمسلحين في جبال القلمون تسمح بنقل معلومات "مستقلة وصادقة" بشكل عام حول ما يجري بالأساس لوسائل الإعلام العربية السعودية والقطرية.
واضافت وسائل الاعلام السعودية والقطرية في تحليلاتها ان هناك حالة من الصمت من قبل الطرفين اي اسرائيل وحزب الله وهو مثال لـ"مجال النفي" الذي يسمح للجميع بالامتناع عن رد متسرع والتفكير بالخطوات القادمة دون ضغوطات كبيرة من قبل وسائل الإعلام والشعب، حيث هنالك مصلحة واضحة لإسرائيل بالحفاظ على صمت إعلامي وعدم تحفيز عملية رد قوية من شأنها ان تؤدي الى تصعيد خطير، في حال كان هنالك انجاز عملي بمنع نقل شحنة أسلحة، فإن التلميح الرادع قد فهم من دون الحاجة لتصريح علني.
وتدعي هذه الوسائل الاعلامية ان حزب الله لم يغير قوانين اللعبة فقط وإنما وسع ساحة المعركة الى خط وقف إطلاق النار بين الکیان الإسرائيلي وسوريا في هضبة الجولان، والهدف هو السماح لحزب الله بحرية العمل ضد إسرائيل غير المتوفرة له في لبنان.
ومن جهة اخرى يروج الاعلام السعودي والقطري ان حزب الله وبالأساس سوريا يواجهان مشكلة تزيد من صعوبة الرد، حيث تواردت في الأيام الأخيرة أنباء من شمال سوريا تفيد بأن "جبهة النصرة" سيطرت على بلدة استراتيجية في محافظة ادلب وهي بلدة جسر الشغور الواقعة على شارع ومسلك جبلي حيوي في الطريق الى مدينة اللاذقية الساحلية وهي المعقل الأساسي للنظام السوري وأبناء طائفته العلوية، وان السيطرة على الطريق الواصل اليها من ادلب تمنح المتمردين السنة تقدماً استراتيجياً حاسما وتهدد النظام بكل بساطة.
وليست هناك اية شكوك حول امكانية قيام الكيان الاسرائيلي بالاستفادة من اية فرصة ممكنة لتوجيه الضربات الى الجيش السوري او حزب الله كما فعل ذلك في الفترات السابقة، حيث قدمت اسرائيل هكذا الدعم للعمليات البرية للجماعات الارهابية المسلحة، لكن يبدو ان الاخبار الاخيرة التي روجت لها القنوات السعودية حول قصف اسرائيل للقلمون والعملية غير الناجحة في الجولان السوري هو من نوع آخر، فبالإمعان في نوعية هذه الانباء وتوقيت نشرها يمكن القول بان هناك محاولات سعودية وقطرية حثيثة لدعم فكرة فتح جبهة جديدة في الحدود السورية واللبنانية مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، لكي تسنح هكذا فرصة للسعودية للخروج من المستنقع اليمني. فكما جر الكيان الاسرائيلي السعودية الى حرب اليمن تريد السعودية جر اسرائيل الى الحرب في سوريا ولبنان، لكن يبدو ان اسرائيل التي ذاقت مرارة الهزيمة مرات عدة في هذه الجبهة لا ترغب الان في وضع يدها في عش الدبابير.