الوقت- بعد نحو شهر من العدوان السعودي الغاشم على الشعب اليمني وقواه الحية وجيشه وبنيته التحتية، أعلن التحالف السعودي وقف عدوانه دون الاعلان عن نتيجة واضحة للعمليات العسكرية والغارات الجوية المكثفة التي جرت بدعم امريكي بريطاني معلن، والتي استهدفت في الاساس المواطنين العزل والابرياء الذين راح منهم آلاف الشهداء والجرحى ضحية تكالب سعودي عربي.
وأرادت السعودية القول بانها انتصرت في عدوانها على اليمن وحققت اهدافها عندما أعلن أحمد العسيري المتحدِّث العسكري باسم العدوان وقف العمليات العسكرية، وادعى أن العملية حققت أهدافها على الأرض و"الشرعية" تم حمايتها، لكنه أضاف ان وقف الغارات لا يعني عدم استمرار العمليات العسكرية، مؤكِّداً أن العمليات قد تستمر في ضوء أهداف العملية الجديدة "إعادة الأمل" ولكن ربما بوتيرة أقل.
وقد ادعى العسيري انه تم تدمير القدرات العسكرية التي استولت عليها حركة انصار الله من الجيش اليمني التي قامت ببنائها خلال السنوات الماضية، ومنع انصار الله من تهديد المملكة ودول الجوار.
لكن المتابع للشان اليمني يعلم بكل وضوح ان انصارالله لم تهدد السعودية وامنها ابدا، بل ان المعركة الرئيسية لانصار الله قد بدأت مع الجماعات التكفيرية الارهابية وتنظيم القاعدة الذين بدأوا يهددون مناطق انتشار حركة انصار الله ومعاقلها في شمال اليمن مثل صعدة وغيرها، ومن ثم انتقلت انصار الله نحو صنعاء بعد ان تبين واضحا ان حكم عبد ربه منصور هادي ليس جديا في مكافحة تنظيم القاعدة والارهابيين التكفيريين، وان هذا الحكم يعمل على إفشال اهداف ثورة الشعب اليمني التي اندلعت قبل 4 سنوات.
وفي مقابل الادعاءات السعودية بتحقيق الاهداف المرسومة من العدوان على اليمن، أصدرت حركة انصار الله بيانا اكدت فيه علی ضرورة إيقاف العدوان السعودي على اليمن بشكلٍ نهائيٍ وتام وفك الحصار عن الشعب اليمني، مضيفا ان الحوار والتفاهم مبدأ أخلاقي ودیني ووطني تؤمن به الحركة وتلتزم به.
واكد البيان أنّ الحوار والتفاهم يعدّان مبدأ أخلاقيا ودينيا ووطنيا، وهو منهج التزمت به الحركة، معتبرا جهود الأمم المتحدة في هذا المجال جهودا إيجابية.
ودعت الحركة الى استئناف الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة من حيث توقف، معتبرة أنّ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لا تزال تمثل مرجعية توافقية، وأنّ تطبيقها هدف من أهداف ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر. كما شدد بيان انصار الله على وجوب الوقف التام للعدوان وزوال الحصار عن الشعب كشرطٍ لاستئناف الحوار.
وحول الوضع في الجنوب اكد البيان أنّ المشكلة هناك هي مع عناصر القاعدة وليست مع أيّ طرفٍ وطني في الجنوب مطلقا.
وفي قراءة سريعة لهذا البيان الصادر عن حركة انصار الله يمكن للقارئ ان يكتشف بأنه يقرأ بيانا لجماعة منتصرة تعيد التذكير بمطالبها كما كانت قبل بدء العدوان السعودي، من حوار وتطبيق اهداف الثورة وضرورة وقف العدوان بشكل نهائي وكأن الغارات السعودية لم تحدث، وهذا يدل علی أن ميزان القوة الاستراتيجية لانصار الله في اليمن بقي كما هو وان الحركة أفشلت المخطط العدواني ضدها.
ويعتبر وقف إطلاق النار هذا إنجازا سجله الشعب اليمني بصموده عبر الوحدة بين الشعب والجيش وحرکة انصارالله، حيث لم يحقق العدوان السعودي انجازا عسكريا او سياسيا او استراتيجيا، بل على العكس من ذلك برز الدور الاستراتيجي لانصارالله كحركة تدافع عن الشعب اليمني في اي وقت امام العدوان، حيث بات الشعب اليمني يطالب بالحضور القوي لانصارالله في الساحة الداخلية اليمنية.
ان استراتيجية انصارالله بعدم الدخول في حرب برية مع السعودية والتوجه نحو قتال تنظيم القاعدة وبقايا نظام عبد ربه منصور هادي الذي أصدر بيان شكر للسعودية على قصف الشعب اليمني، شكلت رافعة للواقع اليمني وصوبت البوصلة في هذا البلد، وعلم الجميع بأن عدم الرد على العدوان السعودي لم يكن بسبب الضعف بل بسبب النظرة الاستراتيجية البعيدة.
واذا أردنا الدخول في حسابات الربح والخسارة ايضا فيمكننا الاشارة إلی ان انجازات مقاومة انصارالله امام العدوان تتضمن رفع المستوى السياسي لدور انصارالله في اليمن من لاعب محلي الى اللاعب الرئيسي على الساحة اليمنية، وهذا دور اقليمي بامتياز حيث أصبحت الحرکة الطرف الرئيسي لأية مفاوضات سياسية سيتم إجراؤها مع الدول الاجنبية كما ان انصارالله في اليمن باتوا هم القوة العسكرية الاكثر جدارة بصمودهم امام العدوان وبتلاحمهم مع الجيش وتلاحم اغلب القوى السياسية والحزبية اليمنية مع انصارالله.