لا داعي للحديث كثيراً عن العدوان والذي أصبح ظاهراً للعالم بأسره، بعد إعلان السعودية وقفه، أنه لم يحقق شيئاً، سوى العدد الكبير من الشهداء الذين سقطوا. وهو الأمر الذي أظهر حجم الغطرسة السعودية الخليجية. لكن كان لهذا العدوان الكثير من الإنعكاسات السلبية على السعودية، والتي يمكن سردها على الشكل التالي:
أولاً: على الصعيد الإقليمي:
- ومنذ بداية الحرب لم تفلح السعودية في بناء تحالفٌ بين الدول التي راهنت على أنها ستمشي في ركبها. وهو الأمر الذي أبدته كل من تركيا وباكستان ومصر، وهو ما سينعكس على العلاقة بين السعودية وهذه الدول، قريباً. كما أن العدوان أظهر حجم الخلافات بين الدول الخليجية. فهذه الدول حاولت أن تبين أنها دول موحدة، لكن الأحداث أظهرت حجم الإختلاف الإمارتي مع السعودية حول إدارة الحرب، كما ان الدور القطري كان شبه منعدمٍ منذ البداية، واقتصر على الدعم الإعلامي. ولا داعي للغوص في الخلافات السعودية القطرية المعروفة.
- أظهرت السعودية نفسها بالطرف الضعيف عسكرياً، من خلال عدم قدرتها على ضرب حركة أنصار الله، وهو الهدف الذي كانت قد وضعته. الأمر الذي جعلها تفشل من الناحية العسكرية. فهي لم تستطع قتل أي قيادي من الحركة، أو حتى منع توسع الحركة، التي تلقى دعماً شعبياً واسعاً في اليمن. وهي التي زاد نفوذها بفعل الحرب، الأمر الذي يعني أن النتائج أتت على عكس ما خططت له السعودية. ولا شك أن شعبية حركة أنصار الله ستزيد بشكلٍ مباشر وطبيعي، نتيجة لما قدمته لليمن، وشاهده الشعب اليمني.
- خسرت السعودية جارتها اليمن شعباً وأرضاً. فالعدوان الذي حصد آلاف الشهداء من الشعب اليمني، زاد من الكره اليمني تجاه السعودية. وهي الدولة التي عانى منها اليمنيون على مر العصور، بسبب التعاطي الفوقي والتدخل الدائم بالشأن اليمني، ومحاولة إبقاء اليمن ضعيفاً محتاجاً.
- خسرت السعودية ما كان قد تبقى لها من هيبةٍ بين الدول. فقد فشلت السعودية في هدفها التي قالت أن الحرب قامت لأجله. وهو إعادة عبد ربه هادي الى الحكم. وهي لم تستطع إعادته، مما يعني أن هادي قد يبقى لاجئاً في السعودية مدى الحياة. إضافةً إلى ذلك أثبتت السعودية أن قرارها ليس بيدها. مما ضرب مصداقيتها أمام شعبها خاصةً ودول المنطقة. فالسفیر السعودي في واشنطن أعلن قبل أقل من 24 ساعة من توقف العدوان السعودي، بأنھ لن تتوقف الحرب، إلا عندما یتوقف أنصار الله عند حدھم. لكن الحرب توقفت بعد تصريحه بساعاتٍ قليلة، مما يعني أن قرار السعودية ليس بيدها.
ثانياً: على الصعيد الداخلي:
- فشلت السعودية في تثبيت قدرتها للعمل البري، وهي التي لو استطاعت لما قصَّرت. وهو من الأمور التي تضاف الى الفشل العسكري. الأمر الذي سينعكس سلباً على هيبة جيشها، وسيكوِّن حالةً من الإحباط الداخلي. وهو ما ترجمه الإرباك بصدور أمر ملكي بدعوة الحرس الوطني للإنضمام للقتال، نتیجة رفض كل الفرق المشاركة في حرب بریة، وهو ما يعكس حجم عدم التوافق الموجود بين الطبقة التي تدير الحرب، والواقع على الأرض داخلياً.
- أظهرت الحرب حجم الصراع الداخلي القائم بين آل سعود. وهو الأمر الذي ستزيده نتيجة الحرب السلبية. مما سيعزز الشرخ القائم، وسيؤثر سلبياً على النظام الداخلي السعودي، والعائلة الحاكمة. ولعل ذلك يؤكده، غياب عدد من الأطراف السياسية الداخلية عن مشهد الحرب. مما يعني تزايد التصدع في البيت السعودي.
ثالثاً:على الصعيد الدولي:
- العدوان على الیمن فتح الباب الى ملاحقة قانونیة دولیة واسعة وكبیرة للنظام السعودي وحكامھ بشكل كبیر وھذا یشكل تھدیداً واضحاً لحكام السعودیة من الجیلین. ويضع السعودية أمام مشاكل كبيرة على الصعيد الدولي. ولعل واقع السعودية سيكون عرضة لمزید من الأزمات السیاسیة والعسكریة اليوم، وهو يشبه واقع العراق حين قام صدام حسين بغزو دول الجوار.
- لم تعد السعودية دولة المسلمين السابقة، فقد شكل العدوان على الیمن بوابة للعزلة السعودیة وتغییبھا عن صدارة المشھد الإسلامي والعربي، لانھا أصبحت داعیة حرب وقتل ودمار.
- إن سقوط الھیمنة السعودیة والنفوذ السعودي بشكل لا یمكن جبره أو تغییره، سينعكس على علاقات السعودية الدولية، ومع أصدقائھا قبل خصومھا.
لقد أثبتت السعودية أنها مغامرةٌ دون دراسة. ولذلك اليوم، لم يعد ضرورياً الحديث عن مصير الدولة التي خسرت الكثير، بسبب عدوانها الذي عبَّر عن الحقد الدفين المتغلل في طيات سياساتها. ولعل الحديث اليوم سيكون حول السؤال التالي: ماذا ستفعل السعودية الخاسرة، للتعاطي مع أزمتها الجديدة المتعلقة بالوجود؟