الوقت: حول مضمون اقتراح لجنة الشؤون العربیة بمجلس النواب المصري وردة فعل الشارع المصري وبما یتعلق ب "دلالات وأسباب وتوقيت هذا الإقتراح" و حول أهمیة سوریا بالنسبة لمصر ودول العالم العربي والدعوة لعودتها لصدارة الجامعة العربیة. کان لنا حوار مع الباحث والمحلل السیاسي، عضو مركز دراسات الوحدة الإسلامية في مصر الدکتور صلاح التكمه جي .
الوقت: ماهي الأسباب وراء دعوة لجنة الشؤون العربیة بمجلس النواب المصري لعودة سوریا لمقعدها بجامعة الدول العربیة؟
صلاح التكمه جي: تعد سوریا والعراق ومصر من الدول السبعة الأولی التي أسست الجامعة العربیة فمن المفارقة أن یکون مقعد سوریا شاغرا في الجامعة العربیة. وهذه من النقاط السوداء التي لطخت تاریخ العرب فسوریا هي العروبة وهي التي ساهمت في تأسیس أول دولة عربیة متحدة مع مصر العروبة.
إضافةً إلی هذا فإنّ سوریا تشکل العمق الإستراتیجي والأمن القومي لغالبیة الدول العربیة کالعراق ولبنان وبالأخص مصر، فالعقل الإستراتیجي المصري سواء الرسمي أو الشعبي یعتقد بشکل کامل أنّ سوریا تمثل عمق الأمن القومي المصري فلهذا نری مصر تتولی عودة سوریا بشکل واضح. ولفت التکمه جی: لإنهاء الصراع في المنطقة یجب عودة سوریا لمکانها الضروري ودورها الأساسي في استعادة لحمة الوطن العربي فالعرب بدون سوريا لا أمن لهم والعرب بدون سوريا ضعفاء وفیهم ثغرة کبیرة تسمح لدخول الأعداء بهم وبالذات الکیان الصهیوني العدو الذي حاول بکل إمکانیاته خلال هذه الفترة أن یضعف من سوریا المقاومة والوجود العربي حتی یمکنه هذا الأمر من النفوذ إلی العدید من الدول العربیة وبالفعل قد شاهدنا الآن تحالف بعض الدول معه وبدأ هذا الأمر یتضح بشکل جلي وعلني وغیر خفي ولهذا یجب إعادة سوریا لمکانتها في المحفل العربي والجامعة العربیة لإعادة الموازین لنصابها.
الوقت: ماهي دلالات وأسباب هذه الدعوة في هذا التوقیت بالذات؟
التکمه جی: الآن اتضح بشکل واضح أهمیة دور سوریا وضرورة وجود الرئیس الأسد في هذه المرحلة. و بعد أن کانت کل الدول الکبری والدول التي اجتمعت لتصبح أکثر من سبعین دولة تهدف لإسقاط سوریا، والدول التي وظفت المجموعات المسلحة تحاول أیضاَ هدم وتدمیر وتقسیم الدولة السوریة . فقد إعترفوا جمیعاً بأنه یجب علی هذه الدول أن تجلس مع الحکومة السوریة علی طاولة حوار واحدة لإیجاد حل لوقف إطلاق النار. کما أنّ هذه الدولة (سوریا) أجبرت بسیاستها جمیع زعماء العالم وفرنسا وامریکا و وزیرة الخارجیة البریطانية علی الإعتراف بضرورة التفاوض مع الدولة السوریة لمواجهة الإرهاب.
إذاً فإنّ العالم یقر بأهمیة ووجود الحکومة السوریة في مواجهة الإرهاب فلابد للجامعة العربیة ألاتنکر هذه الحقائق، وألّآ تضع سوريا علی جنب فلایکون لها دور في مواجهة الإرهاب بالمنطقة.
الوقت: هل تعتبر هذه الخطوة جسر للإنتقال من المواجهات العسکریة إلی المفاوضات السیاسیة بین مختلف الأطراف السوریة؟
صلاح التکمه جی: الآن تجري المفاوضات السیاسیة و بکل وضوح؛ وما شهدناه في مؤتمر أستانة وما قبله کان عبارة عن بدء المفاوضات بین المجموعات المسلحة والدولة السوریة. وبدأ العمل یسیر منذ عدة خطوات ولکن الآن بدت کل الأطراف مهتمة و تعترف بضرورة إیجاد الحل السیاسي . وهذا الحل هو نفسه الذي دعت إلیه الجمهوریة الإسلامیة منذ بدایة الأزمة السوریة لأنه لایوجد حل للأزمة إلا عن هذا الطریق. والأن الحل السیاسي بدأ یصدر عن جمیع الأطراف و بدأت ملامحه في "جنیف" وفي "أستانة" ونأمل أن نصل إلی حالة واقعیة من إیقاف النار والمصالحة السیاسیة في سوريا.
الوقت: لماذا انتقدت لجنة الشؤون العربیة في مجلس النواب المصري، الدستور السوري المقترح من قبل روسيا وماهي النقاط التي طالبت بتعدیلها وإعادة النظر فیها؟
صلاح التکمه جی: أخطر مایزعج ویزعزع المنطقة الیوم هي مشاریع التجزئة والتفکیک. والورقة الروسیة أو مایسمی بالدستور تستبطن مشروع تقسیم سوريا وهي شبیهة بمشروع "برایمر" لتقسیم العراق. فقد استبطن هذا المشروع هذه الحالة، وهذه الحالة خطرة وتشکل خطر جدي علی الأمن القومي العربي فإذا قُسّمت سوریا فالعراق أیضاً سیقسم، ومصر وغیرها من الدول العربیة ستواجه نفس هذا المصیر وهذا ماتخشاه مصر في هذه القضیة ولهذا تقف وستقف بقوة في وجه أي مشروع تقسیمي سواء أکان في العراق أو في سوريا أم في أي دولة عربیة.
الوقت: إذا کان لسوریا هذه الأهمیة الإستراتیجیة والعمق وهي محور رئیس لحفظ الأمن القومي العربي فما کان الهدف وما کانت الغایة من إخراج سوريا من الجامعة العربیة؟
صلاح التکمه جی: الدول الخلیجیة وبالأخص السعودیة وقطر حملت رایة لدعم المجموعات التکفیریة المسلحة وضغطت علی الدول العربیة مما أدی لعزل سوريا بإعتبارها الدولة الأولی الداعمة للمقاومة والتي تقف في وجه مشاریع الکیان الصهیوني. فالدول الخلیجیة ومن خلفها إسرائیل أرادت أن تعزل سوريا في المنطقة و أرادت عزلها سیاسیاً ودولیاً أیضا؛ إلی أن تتمکن من تفکیکها وتقسیمها عبر المجموعات المسلحة التي تدعمها بالمال وتمدها بالسلاح ولکن هذا المشروع الإسرائیلي فشل فشلاً مطلقاً وانتصرت سوريا.