الوقت- ما يجري في الآونة الأخيرة من أحداث سياسية عالمية وتغيرات جذرية في سياسة الدول الكبرى، وماتحمله هذه التغيرات من انعكاسات على دول العالم أجمع، ينبأ بأن القادم من الأيام يحمل معه مفاجئات قد تغير وجه العالم الحالي، وتذهب بنا إلى المجهول.
وفيما يترقب العالم ماستؤول إليه الأمور في الانتخابات الفرنسية التي بات يفصلنا عنها 80 يوماً، توجهت الأنظار يوم الأحد الفائت إلى ماقالته وصرحت به مرشحة اليمين الفرنسي المتطرف، مارين لوبان، والتي تنتهج سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتسير على خطاه، حيث تتعمد إطلاق الخطابات النارية والتأكيد على وحدة فرنسا لمواجهة خطر التطرف الإسلامي بهدف استقطاب أكبر عدد ممكن من الأصوات في حملتها الانتخابية.
مارين لوبان التي تعتبر نفسها المنقذة الوطنية لفرنسا، كانت قد عقدت مؤتمراً انتخابيا أمام حوالي ثلاثة آلاف من مناصريها قبل أقل من ثلاثة أشهر على موعد الانتخابات والتي ستجري في نيسان"أبريل" وأيار"مايو" القادمين.
حيث بدأت المرشحة اليمينية المتطرفة خطابها بشن هجوم مزدوج على العولمة والأصولية الاسلامية. وقالت المرشحة عن حزب الجبهة الوطنية اليميني، أمام الحشود المناصرة لها "إن العولمة تخنق المجتمعات ببطء حتى الموت" واعتبرت المرشحة الفرنسية أن فرنسا باتت اليوم أمام مفترق طرق في ظل مايجري من تطورات في العالم.
وفي تعليقها على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، رحبت لوبان بهذا الخروج مشيرة إلى أنها تنوي السير على خطى البريطانيين، حيث تعهدت بالسعي إلى إصلاح شامل في الاتحاد الأوروبي يستهدف تقليص دوره وتحويله إلى كيان تعاوني بين الدول، دون عملة موحدة أو حدود مفتوحة، والدعوة إلى استفتاء شعبي للخروج من الاتحاد في حالة رفض الدول الأعضاء بالاتحاد هذه الإصلاحات.
كما اقترحت خروج فرنسا من حلف شمال الاطلسي، كي "لا يتم إقحام فرنسا في حروب لا مصلحة لها فيها" على حد قولها، كما أنها ترغب بأن تكون لبلادها "سياسة دفاعية مستقلة" في جميع المجالات.
ومن جملة ماطرحته لوبان في خطابها وبدا غريبا على الداخل الفرنسي هو الاستعانة ب 15 ألف شرطي إضافي في البلاد، وأضافت في سياق حديثها أنها تريد إعادة السيطرة على "أحياء الضواحي التي تنتشر فيها العصابات الإجرامية"، وتعهدت ببناء سجون جديدة، وشددت على تطبيق القانون بصرامة فيما يخص العقوبات، كما وعدت بحرمان المواطنين مزدوجي الجنسية من جواز السفر الفرنسي، إذا ما شكلوا تهديدا لأمن الوطن والمواطنين الفرنسيين.
حيث قالت في معرض حديثها عن المواطنين الذين يحملون جنسيتين ويقومون بأعمال مشبوهة داخل فرنسا "المواطنون مزدوجى الجنسية، الذين تصنفهم الشرطة على أنهم يشكلون تهديدا للأمن القومي، سيحرمون من جواز السفر الفرنسي، وسيتم إعادتهم لبلدانهم الأصلية".
وتعهدت لوبان في حال فوزها بالانتخابات بأنها ستخفض عدد المهاجرين سنويا إلى 10 آلاف فقط، كما ستعمل على الغاء ظاهرة "لم الشمل" بالنسبة للأجانب بشكل نهائي، وكذلك إلغاء حصول أبناء المهاجرين الذين يولدون على الأراضي الفرنسية على الجنسية بشكل أتوماتيكي.
وقالت لوبان نحن "لا نريد أن نعيش تحت نير الأصولية الإسلامية" وأضافت "أن فرنسا هي فعل حب ولهذا الحب اسم هو "الوطنية". يحق لكم حب بلادكم ويحق لكم الافتخار بذلك، حان الوقت لتحريك المشاعر الوطنية". حرضت هذه العبارات جموع المحتشدين الذين هتفوا بأعلى أصواتهم "نحن هنا في بلادنا، نحن هنا في بلادنا".
ونشرت الحملة الانتخابية للوبان 144 التزامًا تتعهد في حالة الفوز، منها إصلاحات اقتصادية مثل فرض ضرائب على عقود عمل الأجانب، وتقليل الضرائب على الرواتب في الشركات الصغيرة، وخفض سن التقاعد الذي يحدده القانون الفرنسي بـ 62 عامًا، وزيادة المزايا الاجتماعية للمواطنين.
يذكر أن لوبان أصبحت تمتلك فرصة أفضل للفوز بالجولة القادمة من الانتخابات، أمام منافسها الرئيسي فرانسوا فيون، الذي تراجعت شعبيته إلى حدود كبيرة حيث أيد 70% من الفرنسيين انسحابه من الانتخابات، بسب فضحية طالته بعد اتهامه بتدبير وظائف وهمية لزوجته واثنين من أبنائه، وأدت هذه الحادثة إلى فتح تحقيق في قضية اختلاس أموال عامة.