الوقت- الأوضاع الإنسانية في اليمن الجريح كارثية بكل ما تعنيه الكلمة و الإنسانية. البلاد على شفا كارثة إنسانيّة في عالم أثبت عدم إنسانيته من خلال عجزه على وضع حدّ للتدهور المتدحرج يوماً بعد يوم عبر إيقاف العدوان السعودي المستمر بحق الشعب اليمني منذ مطلع العام 2015.
انشغال المنطقة والعالم بعدد من الملفات السياسة والعسكرية، كوصول الرئيس الأمريكي ترامب للبيت الأبيض وتطوّرات الأزمة السوريّة، غيب الوضع الإنساني الحرج للشعب اليمني عن الأنظار. ورغم محاولات التعمية التي تشنّها "الامبراطورية الإعلاميّة" السعودية على الوضع الإنساني في اليمن، إلا أن آخر التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقيّة تؤكد حجم المعاناة التي يعيشها أطفال اليمن.
على شفا الكارثة
عدّة تقارير صدرت في الأيّام الأخيرة حول أوضاع اليمن، أبرزها ما أعلنه ستيف نأوبراين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أكّد أن طيران العدوان السعودي يرتكب مجازر وحشية بحق المدنيين في اليمن بشكل مستمر، معتبراً أن الحصار الذي تفرضه السعودية وتحالفها على الشعب اليمني ولاسيما استمرار الحظر الجوي على مطار صنعاء تسبب بكارثة إنسانية.
يضيف أوبراين في تقريره أن نحو 14 مليون شخص، أي ما يقارب 80 في المئة من سكان اليمن في حاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، محذّراً من مواجهة البلاد للمجاعة في العام الحالي.
وفاة طفل كل عشرة دقائق
التقرير الجديد الذي دقّ ناقوس الخطر كشف وجود مليوني شخص على الأقل في حاجة إلى مساعدة غذائية طارئة للبقاء على قيد الحياة، مشيراً إلى أن "طفل لا يتجاوز العاشرة يموت كل عشر دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها".
التقرير الجديد يأتي بعد تقارير مماثلة أكّدت أن عشرة آلاف شخص على الأقل قتلوا وأصيب 40 ألف آخرين نتيجة العدوان المتواصل على اليمن منذ قرابة العامين، وكذلك بالتزامن مع تقرير مشابه صدر عن المركز اليمني لحقوق الإنسان بالتعاون مع مكتب الإحصاء بمحافظة صعده كشف تفاقم الكارثة الإنسانية وانعدام كل مقومات الحياة بالمحافظة نتيجة كثافة الغارات التي يشنها طيران العدوان السعودي.
وكشف التقرير تدهور الوضع الإنساني جراء استهداف الطيران للقطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والمياه والكهرباء والاتصالات، إضافةً إلى الأحياء السكنية والأسواق والمستشفيات والمدارس، ليخلص إلى نتيجة مفادها أن الجرائم تعدّ من أخطر الجرائم وفق القانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية وتندرج في إطار جرائم حرب ضد الإنسانية.
الغارديان: بريطانيا متهمة بالتواطؤ مع السعودي ضد الأطفال
صحيفة "الغارديان" البريطانية اتهمت بدروها الحكومة بالتواطؤ مع السعودية وعدم الدفاع عن أطفال اليمن، كما حث رئيس منظمة سايف ذا تشلدرن (إنقاذ الطفولة) الحكومة البريطانية على زيادة الضغط على النظام السعودي لحماية الأطفال في اليمن الذين يعانون من الحرمان الشديد. وتابع الحقوقي هناك "فشل ذريع في إرسال القوة الناعمة (لغة الإقناع) البريطانية للدفاع عن حقوق الطفل التي تنتهك بشكل يومي".
بالأمس أيضاً، عُقد مؤتمر تعزيز الاستجابة الإنسانية في اليمن في العاصمة البريطانية لندن حيث أكّد المشاركون على أهمية التغطية الإعلامية وعكس معاناة المدنيين في اليمن وإيصالها إلى الإعلام الدولي والعالمي والغربي لنقل قصص المعاناة التي يعيشها الناس كل يوم.
الاستراتيجيّة السعودية
أدركت السعوديّة جيّداً حجم الخسائر الممكنة في حال حصلت إدانتها في مجلس الأمن، لذلك كان لا بد من التنصّل من هذه الجرائم التي قد تكلّفها في حال إقرارها في محكمة العدل الدولية بأضعاف ما يريد ترامب، الأمر الذي دفعها نحو المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ.
ولد الشيخ الذي زار صنعاء مؤخراً، سارع إلى تغيير كافّة إحاطته بالمشهد اليمني حيث لم تمنع كافّة هذه التقارير المبعوث الأممي، السعودي كما يسمّيه البعض، من الإدلاء بدلوه الكاذب في الأمم المتحدة عبر إظهاره للمشهد اليمني وكأن ما يحدث في اليمن ليس سوى حرب داخلية ليس لتحالف العدوان السعودي شأن بها، متجاهلاً مسؤولية النظام السعودي عن نحو عامين من الحرب الشاملة والحصار والقتل الوحشي والدمار ناهيك الجرائم الكبرى، والأنكى من ذلك كلّه يناشد ولد الشيخ العالم بأن "يكثف جهوده للضغط على اليمنيين وقف القتال والعودة للحوار السياسي."
تَغييب إحاطة اوبراين لصالح إحاطة ولد الشيخ، تؤكد التجاهل الأممي والمتشدقين بحقوق الإنسان لمعاناة وآلام أطفال هذا الشعب. لا ينتابنا أن السعوديّة قد نجحت في تطويع ولد الشيخ اقتصاديا، ما يستوجب الإعلان الرسمي اليمني لرفض استمرار المبعوث الأممي وسيطا في ملف الأزمة اليمنية، خشية على أطفال اليمن قبل كل شي، وليسجل في كتب تاريخ اليمن الجديد الذي سيدرسه ما تبقّى من أطفالنا أن مبعوثاً عربياً يدعي ولد الشيخ هو شريك أساسي في كافّة المجازر التي ارتُكبها التحالف السعودي في البلاد.
المرحلة المقبلة تفرض على الإعلام أن يأخذ على عاتقه كشف الجرائم والأوضاع الإنسانيّة التي يعاني منها الشعب اليمني، علّه ينجح في فضح الجرائم السعوية والحد من معاناة الملايين من الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنّهم يمنيين.