الوقت- أثارت التصاريح الإعلامية النارية لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش تجاه باكستان حفيطة آسلام آباد، حيث أكد وزير الداخلية شاودري نيسار، أن ما قاله قرقاش لا يدعو للسخرية فقط، بل يثير التساؤل أيضاً حول جدوى تهديد وزير إماراتي لإسلام آباد .
تصريحات قرقاش التي وصف خلالها القرار الباكستاني بـ"الخطير" اثر رفض البرلمان بالإجماع المشاركة بالعدوان العربي الذي تقوده السعودية ضد الشعب اليمني،وكذلك طاب آسلام آباد بـ"موقف واضح لصالح علاقاتها الاستراتيجية مع دول الخليج، المواقف المتناقضة والملتبسة في هذا الأمر المصيري تكلفتها عالية"، هذه المواقف دعت وزير الداخلية الباكستاني للرد فوراً حيث إعتبر أن كلام قرقاش هو بكل معنى الكلمة انتهاك لكل المعايير الدبلوماسية المتعارف عليها والمبادئ التي تقوم عليها العلاقات الدولية .
ومضى للقول "إن باكستان دولة محترمة ولها علاقات أخوية مع الشعبين الإماراتي والسعودي، ولكن هذا التصريح الذي صدر عن الوزير الإماراتي يعتبر إهانة لذات باكستان وشعبها وهذا أمر لا يمكن قبوله أبدا ."
الهجوم الإماراتي الذي كان من المفترض أن يكون سعودياً تزامن مع زيارة وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف السعودي صالح بن عبد العزيز آل الشيخ إلى إسلام آباد لإجراء مباحثات مع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، حيث صرح آل الشيخ لدى وصوله بأن السعودية وباكستان تجمعهما "علاقة قوية ومتميزة ومستقرة ودائما من حسن إلى أحسن"، مضيفا أن القرار الذي اتخذه البرلمان الباكستاني هو "شأن داخلي خاص به"، فما هذه المفارقة؟وما هي أسباب الهجوم الإماراتي قرار البرلمان؟ ما الذي سيترتب على الموقف الإماراتي؟
أوحت التصريحات الإماراتية عن إلتزام مسبق للمشاركة في عملية "عاصفة الحزم"، وهذا ما يرفضه وزير شؤون الأقاليم والمناطق الحدودية الباكستاني عبد القادر بلوش، حيث يؤكد على أن "قرار البرلمان لا يعني تراجع بلاده عن أي موقف، حيث لم تقدم باكستان أي التزام بشأن تدخلها في العملية، مضيفا "نعتبر أنفسنا بلدا سياديا بعيدا عن مكان الحرب". وشدد الوزير الباكستاني على أن بلاده لم تعلن سابقا دعمها لعمليات التحالف العسكرية على الأراضي اليمنية، وأنها أكدت فقط دعمها لسيادة السعودية على أراضيها والتزامها بالدفاع عن الحرمين الشريفين .
أبعادالموقف الإمارتي يمكن قراءتها من خلال الرسم الكاريكاتير العنصري تجاه الشعب الباكستاني من قبل الرسام البحريني عبدالله المحرقي. الكاريكاتير المنشور على صحيفة أخبار الخليج (الفارسي) المقربة من رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان، يظهر صورة الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وهو يمسك بكيس أموال في يد، وسلاح في اليد الأخرى، ويقدمهما لباكستاني مستلقٍ على فراش، وهو يخاطبه "قوم حارب" فيرد "ما عبر" أى لا أستطيع. فيقول له الشيخ "قوم استلم" أي تسلم الأموال، فيرد "هـ والله". الحوار يشير إلى طبيعة العلاقة التي تربط السعودية بباكستان حكومةً وشعباً إذ تقوم على إصدار الأوامر مقابل تقديم الأموال .
الكاريكاتير العنصري يعبّرعن نظرة استعلائية من حكّام دول مجلس التعاون لباكستان وشعبها الذي يبلغ 180 مليون نسمة، حيث يُنظر إليهم دائماً كشعب فقير تُقدّم له حكومات هذه الدول الأموال، ويجب عليه أن يوافق على الأوامر التي تصدرها حتى وإن خالفت المصلحة الباكستانية، لكن القرار الأخير للبرلمان الباكستاني الذي إتخذ بالإجماع إن دل على شيئ فإنما يدل على عزّة وكرامة هذا الشعب من ناحية، ووهم وجنون العظمة لدى بعض الدول العربية من ناحية آخرى .
وزير الخارجية الإماراتي تجاهل مصالح بلاده خاصةً أن باكستان النووية كانت من طلائع الدول التي تعترف باستقلال الإمارات عام 1971، كل هذا خدمةً للسعودية التي تريد أن تتحكم بقرار أبوظبي كما هو حال المنامة .
الهجوم الإماراتي على الحياد الباكستاني يعكس خيبة أمل ورهان إتضح أنه في غير محلّه كما سيترتّب عليه نتائج لن تكون في صالح الأولى، في المقابل يؤكد الرد الباكستاني عزة هذا الشعب الذي رفض ممثلوه في البرلمان بشكل قاطع المتاجرة بدماء شعبهم خدمةً للسعودية .