الوقت- إنه "يحيى جامع" رئيس غامبيا الخاسر في الانتخابات الرئاسية، يبدو أنه متشبث بالعرش العاجي ليرفض نتيجة انتخابات الأول من ديسمبر التي خسرها لصالح زعيم المعارضة أداما بارو، وهو بذلك يقود بلاده نحو حرب أهلية لا محالة.
إنّ رفض الرئيس "جامع" له دلالات وخيمة على الساحة السياسية في افريقيا ولاسيما غامبيا الدولة الهشّة من الداخل، فبعناده العنجهي هذا يكون قد داس على الديمقراطية في بلاده، مشعلا بذلك غضب الغامبيين لعدم رضوخه لقوانين البلاد وانصاته لأصواتهم التي اختارت "بارو" زعيم المعارضة.
فبعد أن أقرّ الرئيس الغامبي المنتهية ولايته والذي دام حكمه لـ 22 عاما بهزيمته في الانتخابات، "الأمر الذي أثار حالة من التفاؤل لدى سكان هذا البلد الواقع غربي إفريقيا البالغ عددهم 8ر1 مليون نسمة"، تراجع عن موقفه فيما بعد معلنا رفضه بشكل قاطع لنتائج هذه الانتخابات، متذرعا بأنها غير منظمة بشكل كامل مما يجعل من المستحيل القبول بها.
بشائر حرب أهلية
وطالب جامع بفرصة ثانية لإجراء انتخابات جديدة تسمح للجميع بالمشاركة، دون أن يحدد تاريخا لذلك، واعتبر أن الانتخابات التي جرت مطلع الشهر الجاري حرمت الكثير من المواطنين الغامبيين من حقهم في التصويت لأسباب شكلية، حسب وصفه، رغم وجود أسمائهم على اللوائح الانتخابية.
وزعم "جامع" بمرارة أن أنصاره تعرضوا لمضايقات خلال الانتخابات، في إشارة إلى حالة الانقسام داخل الغامبيين بين قوميتي "الماندينغا" (كبرى القوميات من حيث العدد) و"جولا" التي ينتمي إليها جامع، وهو الانقسام الذي ضاعفته تصريحاته العنيفة في الحملة ضد الماندينغيين.
ولم تردّ الأحزاب المساندة للرئيس المنتخب "آدم بارو" على تصريحات "جامع"، كما لم يشهد الشارع أي حركة حتى الآن، ولم تتجدد مظاهر عسكرية إضافية، لكن هذه الأيام تبقى حاسمة في حياة الغامبيين الذين لم تخفي غالبيتهم فرحها بهزيمة جامع، ورغبتها في الانتقال السلس للسلطة، الذي بات مهددا بسبب خطوة يحيى جامع هذه.
صاحب جملة.. سأحكم لمليار عام
وخسر "يحيى جامع" أمام "آدم بارو" في ديسمبر/كانون الأول الجاري، بنسبة 5ر45% من الأصوات مقابل 7ر36% لجامع.
والتغيير الصادم في موقف "جامع" سيضع غامبيا على شفا حرب أهلية، لاسيما بعد أن أشاد الرئيس المنتخب الجديد بجامع، عندما قال بأن الأخير أخبره بأنه سيعيش في قريته ويتفرغ لشؤون عائلته، وأكد "بارو" أن ذلك من حقه بوصفه مواطنا غامبيا.
يذكر أن جامع اتهم عدّة مرات بقمع المعارضة وتعذيب المعارضين، واشتهر الرجل القوي بأنه قال ذات مرة: "سأحكم لمليار عام".
الرئيس الجديد يتولى منصبه من الخارج
وأما المعارض "بارو" فهو مطوّر عقاري عمل لبعض الوقت حارس أمن بشركة للتجزئة في لندن.
وكان قد أعلن الرئيس الغامبي الجديد المنتخب، إنه سيؤدي اليمين الدستورية في السنغال، حيث كتب في رسالة له عبر موقع "تويتر": سوف أتولى منصب الرئيس في حفل يقام بعد ظهر يوم الخميس 19/1/2017 في سفارة غامبيا في السنغال.
استعدادات افريقية للتدخل
هذا ودعت السنغال إلى اجتماع طارئ في مجلس الأمن الدولي بعد إعلان جامع المفاجئ، داعية الرئيس المنتهية ولايته إلى احترام نتيجة الانتخابات، محذّرة من الإضرار بمصالح السنغال أو مواطنيها في غامبيا.
وجاءت هذه الدعوات في وقت تحاصر فيه قوات عسكرية نيجيرية وسنغالية "غامبيا" استعدادا للتدخل العسكري وفرض نتائج الانتخابات بالقوة، بعد رفض الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع تسليم السلطة.
كما دعا مجلس الأمن الدولي يحيى جامع إلى احترام دستور البلاد وتسليم السلطة إلى خلفه.
جدير بالذكر أن جامع حكم غامبيا منذ انقلابه عام 1994 على "داودا كيرابا جاورا" أول رئيس لغامبيا، وفاز بجميع الانتخابات بدءا من عام 1996، مرورا بأعوام 2001، و2006، و2011. ويتعرض جامع لاتهامات بممارسة الديكتاتورية والتسلط والإخفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء.
إعداد: محمد أبو الجدايل