الوقت- بعد اتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه بين ايران والدول الست في مدينة لوزان السويسرية بدأت امريكا وكعادتها ممارسة نوع من الخداع واللعب على الكلمات، حيث قال وزير خارجيتها جون كيري إن العقوبات المفروضة على ايران سيتم إلغاؤها تدريجيا وذلك على العكس مما اتفق عليه في لوزان بأن العقوبات يجب ان ترفع دفعة واحدة .
وقد قال كيري إن الاتفاق سيفرض على إيران تقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة تسعين بالمئة وأن النقاط المتفق عليها مع إيران سيتم تنفيذها تدرجيًا خلال 25 سنة، لافتًا إلى أن إيران سيكون عليها تخفيض مخزون اليورانيوم في منشأة نطنز النووية .
وتابع أنه سيكون على إيران إعادة صياغة سياستها في إنتاج الماء الثقيل لضمان عدم إنتاجه بلوتونيوم، والمفتشون سيكون لديهم إمكانية النفاذ لكل المنشآت النووية في أي وقت، مؤكدًا أنه سيتم رفع العقوبات تدريجيًا عن إيران حال التزامها بالاتفاق .
لكن المسؤولين الايرانيين قد أصروا من جانبهم بأن العقوبات يجب ان تلغى دفعة واحدة وهذا ما تم التشديد عليه على لسان الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف واللذين أكدا على نقطة أساسية وهي أن رفع العقوبات سيتم فور التوقيع على الاتفاق الشامل في 30 حزيران المقبل .
وفي خطابه الذي نقله التلفزيون الرسمي مباشرة، أعلن روحاني أن الجميع اعترف بأن التخصيب في إيران لا يشكل تهديداً لأي بلد، مؤكداً أن هذا اليوم سيبقى في الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني .
وعقّب على ذلك بالقول "إنني أعلن هنا بصراحة أن تخصيب اليورانيوم وكل التقنيات النووية الإيرانية إنما هي من أجل تنمية إيران فقط، وأن هذا التخصيب وهذه التقنية لن يستخدما ضد أي بلد. واليوم، فإن العالم اعترف جيداً بأن إيران تتابع أهدافها السلمية". وأضاف روحاني "برأيي إنه يوم الإعراب عن الشكر والتقدير للشعب الإيراني"، مشدداً على أن الشعب ومن خلال صموده واستقامته ومقاومته، قام بخطوة أخرى في مسار تحقيق الأهداف الوطنية البعيدة الأمد .
وبيّن على هذا الصعيد، أنه سيتم تفعيل مفاعل أراك بتقنية أحدث، وفوردو التي كان يظن البعض أنها ستغلق، ستبقى مفتوحة إلى الأبد وسيستقر في فوردو1000 جهاز للطرد المركزي، كما سيتم هناك إنجاز النشاطات النووية والفيزيائية الأخرى .
وأضاف الرئيس روحاني "في الإطار الذي توصلنا إليه الليلة الماضية، وافقت 5+1 على أن تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها، الأمر الذي كانوا يقولون قبل ذلك، إنه يشكل تهديداً للمنطقة والعالم ، أنهم اليوم أذعنوا أن تخصيب اليورانيوم في إيران لا يعد تهديداً لأي أحد " .
وفي هذا السياق، أوضح روحاني أن الخطوة الثانية في المفاوضات اتخذت بالحفاظ على الحقوق النووية وإلغاء الحظر، وأضاف إن الخطوة الثالثة هي الاتفاق النهائي حتى نهاية حزيران .
أما عن آلية رفع العقوبات، فقد شدّد على أنه سيتم إلغاء جميع الحظر المفروض على إيران في القطاع المالي والاقتصادي والمصرفي، في اليوم ذاته من تنفيذ الاتفاق، موضحاً أن جميع القرارات الأممية ضد إيران ستلغى، ومنذ تنفيذ الاتفاق ستبدأ إيران صفحة جديدة من التعاون في القطاع النووي وسائر القطاعات مع العالم .
اما وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف فقد قال من جهته إن من يتحدث عن رفع تدريجي للعقوبات يخالف ما تمّ التفاهم عليه حتى الآن .
وبعد وصوله إلى طهران، أوضح ظريف أنه بموجب القانون الدولي، فإن أمريكا ستكون ملزمة ومسؤولة، عن رفع كل العقوبات المفروضة على بلاده فوراً. كما ذكر أن مجموعة الحلول التي تضمّنها بيان لوزان، من شأنها أن تشكل أساساً للوثيقة النهائية للمفاوضات النووية .
وقال "نحن ما زلنا في بداية الطريق، وكان أحد أهدافنا استمرار البرنامج النووي، وعدم إحداث أي تغيير في منشآتنا ".
ولتسويق هذا الاتفاق في الداخل الامريكي، طمأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأمريكيين على أن اتفاق الإطار النووي الجديد مع إيران "اتفاق جيد"، بينما سعى إلى حشد التأييد الشعبي للانفراجة الديبلوماسية التي يعارضها كثيرون في الكونغرس .
وبعد يوم من إجراء اتصالات هاتفية بأعضاء الكونغرس بهدف حشد التأييد للاتفاق، أكد أوباما أن الاتفاق سيضمن أن ايران لن تستطيع تصنيع سلاح نووي .
وقال أوباما في كلمة أسبوعية بثت عبر الإذاعة والإنترنت: "انه اتفاق جيد ، اتفاق يفي باهدافنا الأساسية بما في ذلك وضع قيود صارمة على البرنامج الإيراني وقطع كل طريق قد تسلكه إيران لتطوير سلاح نووي ."
وأضاف "هذا الاتفاق يمنع إيران من الحصول على البلوتونيوم اللازم لعمل قنبلة وانه يغلق الطريق أمام تصنيع إيران قنبلة باستخدام اليورانيوم المخصب ."
وفي كلمته أشار أوباما إلى أن الاتفاق سيلزم إيران بالخضوع لعمليات التفتيش والشفافية لسنوات عدة وأضاف: "هذا اتفاق طويل الأمد بقيود صارمة على برنامج إيران لأكثر من عقد وبإجراءات شفافية لم يسبق لها مثيل تستمر 20 عاما أو أكثر ."
ومن خلال ما تم عرضه يمكن القول بأن الامريكيين قد بدأوا اللعب على الكلام من خلال طرح مصطلحات مثل تخفيض العقوبات او القول بان العقوبات لن تلغى دفعة واحدة او ان إلغاءها يستغرق عدة شهور او سنة واحدة. ويهدف الامريكيون من وراء ذلك الى تأزيم الاوضاع الاقتصادية في ايران وبث اليأس في المجتمع الايراني وتأليب المواطنين الايرانيين على الوفد الايراني في المفاوضات والضغط على الوفد الايراني من اجل التوصل بسرعة الى اتفاق وتكرار مزاعم عدم منح امتيازات لايران واخذ كل الامتيازات منها في وقت ستتواصل المفاوضات حتى يونيو القادم وان تنفيذ الاتفاق يستغرق وقتا حتى ذلك التاريخ .
وتسعى واشنطن الى إطلاق حملة اعلامية للضغط على ايران نفسيا من خلال تكرار هذه المزاعم لكن الموقف الايراني الصلب كفيل بإفشال هذا المخطط الامريكي الجديد حيث ان الاتفاق النهائي الذي من المتوقع صياغته حتى يونيو القادم هو الذي سيحدد حسابات الربح والخسارة .