الوقت- فور بدء العدوان السعودي على اليمن بايعاز من الادارة الامريكية طفحت على السطح عدة تساؤلات حول مآلات هذا العدوان ونتائجه على المنطقة التي تعج اساساً بالازمات بدءاً بالقضية الفلسطينية ومروراً بالازمتين السورية والعراقية وانتهاءً بأزمة الملف النووي الايراني.
كما برزت تساؤلات عدة حول الجهة او الجهات الحقيقية المستفيدة من هذا العدوان وما الذي ستجنيه الرياض مقابل ذلك ؟ !
هذه التساؤلات التي فرضت نفسها على ارض الواقع وغيرها من التساؤلات يمكن الاجابة عنها من خلال دراسة التطورات التي تشهدها المنطقة . وهذه الاجابة تتطلب اولاً الاشارة الى الذرائع التي ساقتها السعودية لتبرير عدوانها على اليمن قبل الاجابة عن المستفيد الحقيقي من هذا العدوان .
فالسلطات السعودية تدعي انها تسعى من وراء شن الحرب على اليمن الى استعادة الشرعية الى هذا البلد وتمكين الرئيس المستقيل والهارب عبد ربه منصور هادي من ممارسة مهامه كرئيس شرعي لليمن، وإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة .
والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو : هل ان النظام السعودي نفسه يمتلك الشرعية كي يزعم الدفاع عن شرعية نظام آخر ، والجميع يعلم كيف وصل آل سعود الى سدة الحكم وما هي الآلية التي يتم من خلالها تداول السلطة بين ابناء الاسرة الحاكمة في هذا البلد التي لم تعترف يوماً بحق الشعب في تقرير مصيره وتلجأ الى انتخاب حكّامها عبر التوريث العائلي البعيد كل البعد عن الاسس الديمقراطية التي تعتمدها الدول المتحضرة لاختيار شكل ونوع الحكم من خلال صناديق الاقتراع .
والسؤال الآخر : هو لماذا ترتضي السعودية وجود أنظمة لا تمتلك الشرعية في المنطقة وتتعامل معها وكأنها شرعية ؟ ولماذا تعترف الرياض بشرعية الكيان الاسرائيلي الغاصب ولم تشارك ولو لمرة واحدة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم ؟! أم انها قادرة فقط على استعراض عضلاتها امام الشعب اليمني المسكين والمنهك اقتصاديا في حين تتصرف مع اسرائيل كما تفعل النعامة بدس رأسها في الرمال لدرجة تعجز معها حتى عن رؤية ما يحيط بها من أخطار .
وعودة الى ما طرحناه في بداية الكلام عن الجهة او الجهات المستفيدة من العدوان السعودي على اليمن يتبين من خلال ملاحظة طبيعة هذا العدوان والظروف المحيطة به ان المستفيد الوحيد هو الكيان الاسرائيلي وحماته الغربيين وعلى رأسهم أمريكا التي تسعى الى بسط هيمنتها على المنطقة من خلال دعمها للانظمة العميلة والرجعية والجماعات الارهابية والتكفيرية لاسيما " داعش " و "القاعدة " رغم ادعائها زيفاً بأنها تحارب هذه الجماعات .
والسبب الذي يدعونا الى هذا الاستنتاج يكمن في عدة عوامل أهمها :
1- ان اسرائيل وامريكا وحلفاءهما وكما هو معلوم للجميع لا تهمهم سوى مصالحهم غير المشروعة في المنطقة ولو كانت على حساب دماء ابنائها وكرامتهم ، والعدوان السعودي على اليمن يحقق لهم هذه المصالح حينما يقتل الشعب اليمني ويدمر بناه التحتية باعتبار ان هذا الشعب قد رفع راية التصدي للمشروع الامريكي – الصهيوني في المنطقة وتبلورت مطالبه بمواجهة هذا المشروع من خلال شعاراته الواضحة التي تصدح بها حناجر ابنائه وفي مقدمتها الموت لامريكا والموت لاسرائيل والتي دفع من اجلها الغالي والنفيس في اطار ثورة جماهيرية عارمة اسقطت انظمة عميلة لامريكا الواحدة تلو الاخرى الى ان تمكن اخيراً من تحقيق ما كان يصبو اليه كي يحظى بالاستقلال والحياة الحرة الكريمة بعيداً عن اي تدخل اجنبي .
2- ارادت امريكا وحلفاؤها من وراء دفع السعودية لشن العدوان على اليمن حرف الاذهان عما تقوم به من مؤامرة على الشعب العراقي الذي تحقق قواته المسلحة وحشده الشعبي انتصارات باهرة على تنظيم " داعش " الارهابي من خلال تدخلها عسكرياً في هذا البلد بحجة محاربة هذا التنظيم لسرقة جهود العراقيين ومصادرة انتصاراتهم لصالحها ، وجاء العدوان السعودي على اليمن ليوفر لها هذه الفرصة ، إلاّ ان الشعب العراقي وقيادته أوعى من أن تنطلي عليهم هذه المؤامرة وسيتصدون لها بحزم كما تصدوا من قبل لغزو امريكا لبلدهم واخرجوها منه بعد أن كبدوها الكثير من الخسائر بالارواح والمعدات .
3- تسعى امريكا واسرائيل وحلفاؤهما الى استثمار فرصة العدوان السعودي على اليمن لتشتيت قوى المقاومة في المنطقة لانها تعلم ان المقاومين لايمكنهم التفرج على مأساة الشعب اليمني دون اتخاذ موقف واضح لصالح هذا الشعب ، وبالتالي فإن قسماً من الجهود التي تبذلها هذه المقاومة سيذهب بهذا الاتجاه وسيؤدي ذلك بدرجة ما الى اشغالها عن هدفها الاساس المتمثل بالتصدي للمشروع الامريكي – الصهيوني ، ولكن وحسب اعتقاد الكثير من المراقبين فإن المقاومة بكل فصائلها ومنها مقاومة الشعب اليمني وبما تملك من خبرة ودراية في كيفية مواجهة هذا المشروع لا يمكن أن تنطلي عليها هذه المؤامرة وستحبطها بكل عزم كما فعلت في لبنان على يد حزب الله .
واخيرا لابد من القول ان العدوان السعودي على اليمن المدعوم امريكيا ومهما استخدمت فيه من اسلحة لايمكن ان يثني الشعب اليمني عن عزيمته في اسقاط هذه المؤامرة وسيواصل طريقه للخلاص من تبعات هذا العدوان ، ولكن لابد هنا ايضاً من التأكيد على ضرورة دعم هذا الشعب بكل الوسائل المتاحة من قبل القوى المخلصة والخيرة في المنطقة وتلقين امريكا ومن معها درساً جديداً كي لا تفكر مرة اخرى بتحريك عملائها في هذه المنطقة للعب بالنار وشن العدوان على الآخرين وبيوتهم اضعف من بيت العنكبوت .