الوقت- في اليوم الثاني لانطلاق المؤتمر السابع لحركة فتح الذي بدأ أعماله في رام الله في الضفة الغربية أمس الثلاثاء ويستمر لخمسة أيام بمشاركة 1400 عضو من الحركة، جددت حركة فتح ثقتها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وانتخبته بالإجماع قائداً عاماً لها.
عباس، الذي تزعم منظمة التحرير الفلسطينية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2004 بعد وفاة الرئيس التاريخي للحركة ياسر عرفات، أعلن عقب انتخابه قائداً عاماً وسط تصفيق الحضور من قبل المؤتمر "فتح ستبقى غلابة، ولن يتوقف تيارها الهادر قبل التحرير والاستقلال".
نتائج هذه الانتخابات ستشكل مؤشراً على الثقل السياسي للتيارات المختلفة داخل فتح التي تشهد انقسامات داخلية، وحيث أسقط اسم القيادي في الحركة محمد دحلان من عضوية المؤتمر بعدما فصلته اللجنة المركزية في العام 2011، اثر خلافات بينه وبين عباس.
ورغم الإجماع الذي حصل عليه عباس في المؤتمر السابع، إلا أن عدد المشاركين بلغ نصف عدد أعضاء المؤتمر السادس الذي عقد في العام 2009 والذي بلغ حينه 2800 عضو، وهو ما اعتبر إقصاء متعمدًا للتيارات المناوئة لعباس داخل الحركة، ولتفتيت أي تكتل محتمل لأنصار دحلان من قبل الرئيس الفلسطيني الذي قدم استقالته في 22 آب (أغسطس) 2015 من منصبه كرئيس للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مع أكثر من نصف أعضاء اللجنة التنفيذية. لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب عدم مصادقة المجلس الوطني الفلسطيني عليها.
دور تخريبي أم مؤتمر إقصائي
ترشيح عباس (81 عاماً) لاقى تصفيقاً حاراً من أعضاء المؤتمر، كمؤشر على الموافقة بالإجماع على الترشيح والانتخاب الشفوي المسبق لبقاء عباس في موقعه، في حين لم يتقدم أعضاء آخرون بترشيحات.
ردود الأفعال، على المؤتمر وكذلك انتخاب عباس مجدّداً، تتنوّع ما بين مؤيد ومعارض، فقد قال الناطق باسم المؤتمر السابع محمود أبو الهيجاء إن المتضررين من انعقاد المؤتمر السابع يطعنون في شرعيته لأنهم يعلمون أن انعقاده يعني انتهاء "دورهم التخريبي".
وأضاف إن المؤتمر اكتمل نصابه، وإن "من يحدد الشرعية هم أعضاء مؤتمر فتح وليست بيانات مشبوهة لمن هم خارج المؤتمر".
في المقابل، لم ترق حيثيات المؤتمر للعديد من قياديي الحركة، فقد قال عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" ديمتري دلياني: "نظراً لتهديدات الأجهزة الأمنية ومنعاً لإراقة الدماء، قرر أعضاء من المجلس التشريعي والمجلس الثوري والقيادات الحركية إلغاء المؤتمر الصحافي".
وبحسب دلياني الذي انتخب في المؤتمر السادس عضواً في المجلس الثوري، فإن أعضاء من حركة "فتح" في المجلس التشريعي والمجلس الثوري ينددون بانعقاد المؤتمر في المقاطعة "لأنه مؤتمر إقصائي بامتياز".
العديد من المحللين أكّدوا أن العشرات من قيادات الحركة تم استثناؤهم من أعمال المؤتمر بسبب تأييدهم للقيادي في الحركة محمد دحلان المعارض للرئيس عباس، كما وأقر عضو اللجنة المركزية في حركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب بوجود "معارضين، ومحتجين" على عدم دعوتهم للمؤتمر. وقال: "كانت هناك أخطاء في هذا الموضوع، لكن لم يكن هناك استهداف لأحد، وهمنا الأول تمثل بانعقاد المؤتمر، وأعتقد أن مخرجات المؤتمر ستسهم في تفهم هؤلاء المحتجين".
على صعيد متّصل، طعن نواب وأعضاء من حركة فتح في شرعية مؤتمرها السابع، واتهموا القائمين عليه بمخالفة نظامه الداخلي بعد منعهم من حضوره، كما رأوا أن إقصاءهم استمرار لسياسة "الفصل والطرد والتجميد"، التي واجهها عدد من أعضاء الحركة في السنوات الأخيرة.
وقال القيادي حسام خضر، الذي كان نائبا عن الحركة في المجلس التشريعي الأول وعضوا في مؤتمر الحركة السادس الذي عقد في بيت لحم عام 2009، إن اسمه حذف من عضوية المؤتمر الحالي، وحذر من أن هذا المؤتمر سينهي دور فتح التاريخي في الحركة الوطنية بسبب "غياب الكثير من قيادات وكوادر الحركة التاريخيين".
بين التشرذم والفراغ
لم تصدر الكثير من ردود الأفعال الفلسطينية حتى الساعة حيال انتخاب عباس، إلا أن الكاتب الفلسطيني عبدالباري عطوان أوضح أنّه " فوجئنا بالتصفيق الحاد للسيد "الرئيس عندما دخل قاعة المؤتمر، وفوجئنا بالتصفيق وقوفا واكثر حدة، واطول زمنا، ندما جرى اعلان عن انتخابه بالإجماع لرئاسة حركة فتح بدون انتخابات، وبدون منافسين".
وتابع: الشعب الفلسطيني الذي قبل بهذا الهوان عليه ان يهيئ نفسه لبقاء الرئيس الذي تجاوز الواحد والثمانين من عمره لخمس او عشر سنوات أخرى، وحتى يظهر "دحلان آخر".
وأضاف عطوان: هل نبالغ اذا قلنا انه سيكون المؤتمر الأخير لحركة "فتح" في صورتها الحالية، وقبل تشرذمها؟.
وختم بالقول: الرئيس عباس غير ملام لأنه وجد حركة تقبل بهذا الوضع، ووجد شعبا فلسطينيا يستمرئ الهوان والاذلال، ونبارك مقدما للرئيس بهذه الإنجازات الكبيرة وهذا النجاح غير المسبوق للمؤتمر السابع.
على الصعيد نفسه نظر العديد من المحللين بعين الريبة إلى إنتخاب عباس رئيساً فقد كتب أحدهم من القدس المحتلة قائلاً: في هذا اليوم ٢٩ تشرين الثاني من عام ٢٠١٦ ، انقسمت حركة فتح على نفسها لتشق حركة كانت ولعقود طويلة مرافقة لحراك التحرر الفلسطيني لتنتهي اليوم الى حركة تمثل فئة محددة من ارث عرفات ، زاعمة بأنها حركة تضم ابناء الوطن كله .
وأضاف: ما حدث من انعقاد للمؤتمر بحد ذاته كان مؤسفا للغاية . إعادة تنصيب محمود عباس اكثر اسفا ، لانه ان دل على شيء فلقد دل فقط على فراغ فتح بحلتها الجديدة الا من ابو مازن ومن لهم مصالح سلطوية معه.