الوقت- كتب جان فيفر الخبير في السياسة الخارجية الأمريكية وعضو مركز واشنطن للأبحاث السياسية في موقع لوبلاج الإعلامي: بينما يتوجه الفريق المفاوض 5+1 مع ايران إلى مكان المفاوضات من أجل الوصول إلى أطر التوافق فيما بينهما هناك أمل حذر فيما يتعلق بالوصول إلى هذا التوافق قبل نهاية المدة المحددة في نهاية آذار/ مارس الحالي .
ويضيف فيفر: إذا مرَّ هذا الاتفاق من تحت مجاهر كل الدول صاحبة المصالح وتحول إلى اتفاق نهائي، سيلقي هذا الاتفاق بأثره على كل القضايا الأخرى. وسيكون بإمكان كل من طهران وواشنطن البناء على هذا الاتفاق من أجل تحسين الروابط الثنائية فيما بينهما بشكل تدريجي. وبإمكان هذا الاتفاق أن يهيئ الأرضية أمام توسيع التعاون الإقليمي بين الدولتين وسيعمل على توسيع التأثير الإيراني الفعال في القضايا الدولية .
ويعتبر فيفر الكونغرس الأمريكي أحد أهم الحواجز التي تعترض طريق الدبلوماسية الأمريكية ويضيف: في عام 1994 م وبينما كانت تحيط تشاؤمات الكونغرس المفاوضات الجارية بين واشنطن وبيونغ يانغ ، كانت أمريكا وكوريا الشمالية في وضع مشابه للوضع الحالي اليوم. التحدي الذي يعترض حكومة أوباما لا يتلخص في التوصل مع إيران إلى توافق بل يشمل تجنب عدم ابتلاء هذا الاتفاق بما ابتلي به الاتفاق مع كوريا الشمالية. حين فشل الاتفاق مع كوريا الشمالية في تحسين الروابط الأمريكية الكورية الشمالية ومنعها من الوصول إلى السلاح النووي .
ويضيف فيفر: حكومة كلينتون استطاعت في ذلك الوقت كسب موافقة الكونغرس الأمريكي عبر تأكيدها وطمأنتها الأعضاء الأساسيين في الكونغرس أن كوريا الشمالية ستفشل في بناء مفاعلات الماء الخفيف، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك عندما لم تخفق كوريا الشمالية في بناء هذه المفاعلات إنما الاتفاق مع كوريا الشمالية هو الذي أخفق .
والسؤال هنا هل سيتكرر هذا السيناريو مرة ثانية مع إيران؟
لا يأل الكونغرس الأمريكي جهداً لمنع الوصول إلى اتفاق نووي مع إيران، ولكن ولحسن الحظ أن قضية إيران تختلف عن قضية كوريا الشمالية في عدة نقاط أهمها أن ملف كوريا الشمالية كان يتعلق ببناء مفاعلات الماء الخفيف والذي كان يستلزم ميزانية ضخمة وبالتالي كان بإمكان الكونغرس إدارة هذا الملف والتحكم به، ولكن الاتفاق الذي يجري إبرامه حالياً مع إيران لا يحتاج إلى تدخل الكونغرس في المدى القريب وبالتالي بإمكان الرئيس الأمريكي واستناداً إلى القانون الحالي أن يلغي العقوبات على إيران من طرف واحد .
وعلى كل حال، يلعب الكونغرس الأمريكي دور مشرِّع العقوبات الاقتصادية على إيران. بإمكان مجلس الأمن الدولي إلغاء العقوبات الاقتصادية متعددة الأطراف التي كان قد أقرها في حق إيران سابقاً. كما بإمكان الاتحاد الأوروبي القيام بعمل مشابه. وبالتالي سيقع الكونغرس الأمريكي في موقف لا يحسد عليه مما سيدفع ببعض أعضائه إلى التراجع عن طموحاتهم .
ويرفض فيفر إدعاء "احتيال إيران" بقوله: أولاً عمليات التفتيش التي قبلتها إيران أكثر دقة بكثير من تلك التي قبلتها كوريا الشمالية. وثانياً الاتفاق الذي يجري الإعداد له حالياً أكثر شمولية ودقة من ذاك الذي أجري مع كوريا الشمالية .
ويضيف الكاتب: امتنعت كوريا الشمالية عن إعطاء بطاقة ربحها للوسيط، بينما تتمتع إيران اليوم بطاقات وإمكانيات أفضل بكثير ولديها الكثير من الطرق للتعامل مع المجتمع الدولي وبالتالي يمكنها غض الطرف عن امتلاك قوة ردع نووية، في الحقيقة الجمهورية الإسلامية وعبر امتلاكها موارد طاقة عظيمة، موقع جيوسياسي مهم، مجتمع مثقف لديها المؤهلات الكافية لتستفيد من التقارب الكامل مع الاقتصاد العالمي .
ويقول فيفر في نهاية مقالته: لم يكن لكوريا الشمالية وأمريكا في عام 1994م مصالح متداخلة، ولكن تهديد التكفيريين وتنظيم القاعدة وغيرها يثير اهتمام كل من إيران وأمريكا اليوم. وكلا الدولتين تريدان الاستقرار لأفغانستان كما يجب علينا أن لا نغفل المصالح التجارية والاقتصادية حيث تتمتع إيران بجاذبة تجارية واستثمارية كبيرة جداً بالنسبة لأمريكا من تلك التي كانت تتمتع بها كوريا الشمالية .
بالنظر إلى النقاط التي تم ذكرها يجب القول: بالمقارنة مع المفاوضات التي جرت مع كوريا الشمالية، تتمتع إيران بفرص نجاح أكبر. التحدي الذي تواجهه حكومة أوباما اليوم يتمثل بإيجاد القوة اللازمة للتقارب مع إيران على رغم رفض الكونغرس والذي لن يكون هناك طريق أمامه سوى قبول هذا التقارب في النهاية .