الوقت- يبدو أن هدنة الـ 48 ساعة لوقف اطلاق النار في اليمن، والتي انتهت بالأمس، كانت كسابقاتها فرصة للعدوان السعودي لتحشيد قواته بهدف التصعيد العسكري على جبهات جديدة، ويبدو هذه المرة أن هذه الهدنة ستكون نقطة الصفر لانطلاق معركة باب المندب، التي بدأ التحالف السعودي الإماراتي يحشد لها منذ عدة أيام. حيث أشارت مصادر متعددة إلى أن التحالف السعودي قد دفع مؤخراً بتعزيزات عسكرية كبيرة بإشراف ضباط إماراتيين وسعوديين إلى جبهة باب المندب جنوب غرب اليمن.
وقالت مصادر عسكرية إن تعزيزات عسكرية لتحالف العدوان السعودي واﻹماراتي، بينها مدافع ومدرعات ودبابات وآليات عسكرية، توجهت من معسكر "صلاح الدين" الواقع في منطقة البريقة بعدن إلى جبهة باب المندب التابعة لمحافظة تعز، وأشار إلى أن هذه التعزيزات تضم أعداداً كبيرة من المرتزقة والمجندين بينهم متشددون.
وأضافت المصادر أن تحالف العدوان السعودي حشد كذلك إسناداً جويا كبيرا لكتائب المرتزقة في القواعد العسكرية الجوية السعودية وقواعده المستأجرة في جيبوتي إضافة إلى حشده عشرات الزوارق الحربية على البحر الأحمر لاسناد زحوفات كتائب قواته وكتائب المرتزقة.
وتحدثت وسائل إعلام عربية ومحلية عن عودة قرابة 3 آلاف مقاتل من جنوب اليمن من الموالين لتحالف العدوان السعودي خلال الأسبوع المنصرم إلى عدن قادمين عبر البحر من دولة إريتريا بعد مرور قرابة شهر على تلقيهم تدريبات عسكرية مكثفة هناك.
وتأتي هذه الحشود بعد اعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مطلع الأسبوع الماضي من مسقط، عن وقف شامل لاطلاق النار، لم يتحقق منها سوى هدنة قصيرة لمدة يومين، استغلتها العدوان السعودي لتحويلها منطلقاً لعملياته الجديدة.
أما في أسباب وتوقيت معركة باب المندب التي تحضر لها السعودية، فيمكن الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: مع انتهاء ولاية الإدارة الأمريكية الحالية وقبل انتقال ترامب إلى البيت الأبيض، تجد السعودية نفسها مضطرة للاستجابة لمساعي حكومة أوباما ووزير خارجيته جون كيري الذي يعمل على تنظيف ما أمكن من ملفات المنطقة قبل الرحيل، ذلك لأنها تتوجس من مواقف الرئيس المنتخب ترامب، الذي أطلق في مناسبات عديدة الكثير من التصريحات المناهضة للسعودية. ولذلك تريد السعودية تحقيق انتصار ميداني بأسرع وقت، لاستخدامه كورقة ضغط على طاولة المفاوضات التي أصبحت أمراً لا مفر منه في المسألة اليمنية في ظل الاعتراف الدولي الذي بدأت تحظى به حركة أنصار الله. وبحسب معلومات فإن السعودية قد اشترطت على القوات اليمنية الموالية لها تحقيق أهداف عسكرية كبرى قبل الانتقال إلى المفاوضات، بما فيها السيطرة على كامل محافظة تعز التي يقع فيها باب المندب.
ثانياً: إن سيطرة الجيش واللجان الشعبية على الساحل الغربي لليمن المطل على البحر الأحمر، يمنح هذه القوات منفذاً استراتيجياً على المياه الدولية، حيث يمثل هذا الساحل الرئة التي يتنفس منها اليمن اقتصادياً، وإن سيطرة التحالف السعودي عليه سيؤدي إلى خنق العاصمة صنعاء، ووفق لمصادر فإن السعودية قد اشترطت على القوات الموالية لها الاستيلاء على كامل الساحل الغربي لليمن الممتد على طول محافظات حجة والحديدة وتعز من ميدي شمالاً إلى باب المندب جنوباً، قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات، وذلك لحرمان حركة أنصار الله من هذه الورقة القوية، ومن ناحية أخرى فإن السيطرة على الساحل الغربي لليمن ستسهل عملية انزال بحري تؤدي إلى انتشار سريع لقوى العدوان السعودي داخل محافظات الحديدة وتعز.
ثالثاً: بعد الاخفاق الكبير والانكسار الذي منيت به القوات الموالية للسعودية خلال الأيام الماضية على جبهات الأحياء الشرقية والريف الجنوبي لمحافظة تعز، تسعى السعودية من خلال فتح جبهة جديدة في باب المندب، لتشتيت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية التابعة لأنصار الله، بهدف السيطرة على مناطق جديدة في مدينة تعز وضواحيها الريفية الجنوبية.
وليست هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها العدوان السعودي السيطرة على باب المندب، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، وقد حاولت السعودية الترويج إلى أن سيطرة حركة أنصار الله على المعبر البحري من شأنها تعريض الملاحة الدولة للخطر، وادعت الإمارات في مطلع الشهر الماضي أن سفينة مدنية لها قد تعرضت لاعتداء في باب المندب من قبل حركة أنصار الله، لينكشف زيف هذا الادعاء بعد أن تبين أن السفينة المستهدفة "سويفت" ما هي إلا بارجة حربية أمريكية استأجرتها الإمارات لقصف الشعب اليمني.
من جهتها تتحسب اللجان الشعبية التي رصدت التحركات السعودية الأخيرة، لمعركة باب المندب بعد أن خاصت معارك عنيفة خلال الأشهر الماضية في جبال "كهيوب" الاستراتيجية لتأمين الطوق على باب المندب، وقد قامت مؤخراً بتعزيز مواقعها في الجبهات ونقلت عدد من قطعاتها العسكرية من المحور الشرقي لتعز باتجاه الوزاعية وباب المندب، وتشير مصادر مطلعة إلى الاستعدادات الجيدة للجيش واللجان الشعبية لهذه المعركة، في ظل التحالف مع قبائل تهامة التي تشكل حاضنة واسعة للجيش وحركة أنصار الله في المنطقة، كما تحدثت المصادر عن سلاح نوعي جديد سيدخل المعركة إذا ما بدأتها السعودية، مما يؤشر إلى أن معركة السعودية للسيطرة على باب المندب لن تكون سهلة على الأطلاق، حيث لا يبدو أن حظوظ السعودية هذه المرة في السيطرة على المعبر البحري الهام ستكون أفضل من سابقاتها.