الوقت- شهدت العلاقات المصرية السعودية توتراً دبلوماسياً واقتصادياً انطلقت شرارته منذ انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدم وجود أي لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن نايف بن عبد العزيز ناهيك عن تبادل الاتهامات بين كبار الاعلامين من الطرفين بعد تأييد مصر للفيتو الروسي بشأن قرار حول سوريا.
ففي الاونة الاخيرة نتج عن هذا التوتر الملحوظ أن أبلغت شركة أرامكو السعودية أكبر شركة نفط في العالم، مصر، شفهيًا بالتوقف عن إمدادها بالمواد البترولية، حيث أوضحت وكالة "رويترز"، أن "ارامكو" أبلغت الهيئة المصرية العامة للبترول عن عدم قدرتها على إمداد مصر بشحن منتجات النفط، دون إعطاء مهلة لتعليق أو لسبب ما.
وتعليقاً على قرار الشركة السعوية قال الدكتور عاطف سعداوى قاسم الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ "الأهرام"، إن "العلاقات المصرية السعودية تمر بأزمة حقيقية وخلافات شديدة تجاوزت الكواليس إلى العلن لأول مرة عبر التصريحات التى أدلى بها سامح شكري، حين أقر بوجود خلافات حادة حول مصير الرئيس الأسد والرهان على الحل العسكرى للأزمة السورية.
بدورها علقت مقدمة البرامج لميس الحديدي المصرية، على قيام شركة أرامكو السعودية للبترول، بإيقاف مد مصر بالنفط جراء أزمة تصويت مصر للمشروع الروسي بشأن الأزمة في سوريا : لا يمكن لوي ذراع مصر بمساعدات بترولية، ولا يمكن أن نقبل بذلك، وعلى المصريين أن يراجعوا أنفسهم
وبينما يرى مراقبون أن مؤتمر جروزني الذي حضره 200 عالم سني من مختلف الدول العربية والإسلامية وتم تنظيمه في الشيشان، ضمن معطيات الأزمة؛ أثار غضب السعودية بسبب استثناء علمائها منه، حيث حضر المؤتمر وفد مصري برئاسة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، ومفتي مصر، شوقي علّام، ومستشاري الرئيس، علي جمعة، وأسامة الأزهري، الأمر الذي أثار انتقادات قاسية خرجت من أوساط سعودية.
واما عن إقرار الكونغرس الأمريكي قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” المعروف بـ”جاستا”، الذي يسمح لأهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر عام 2001، مقاضاة مسؤولين بالسعودية، اكتفت وزارة الخارجية بإصدار بيانًا انتقدت فيه القانون، لكنها لم ترفضه بوضوح، وأعلنت أنها تتابع عن كثب إقرار القانون، وتأثيراته المحتملة على مسار العلاقات الدولية خلال الفترة المقبلة.
ووجه الإعلامي المصري، وائل الإبراشي، انتقادات شديدة لتصريحات المندوب السعودي في الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، تجاه مصر بعد تصويتها بالموافقة على مشروع روسي حول مدينة حلب حيث قال الإبراشي "تصريحات مندوب السعودية عن مصر غير مقبولة، ولن يصح المقارنة بين موقف مصر وموقفي السنغال وماليزيا وأضاف “لو فيه مشكلة في الخليج مش هيبقى السنغال أو ماليزيا هتبقي مصر زي ما قال السيسي أمن الخليج من أمن مصر و العكس".
حيث جاءت تصريحات الابرشي رداً على المعلمي الذي قال في تصريحات صحفية عقبت جلسة مجلس الأمن: "كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي، هذا بطبيعة الحال كان مؤلما ولكن اعتقد أن السؤال يوجه إلى مندوب مصر."
بينما قال الإعلامي المصري ، يوسف الحسيني، عبر تغريدة نشرها بحسابه في "تويتر"، حيث نشر صورة تداولتها وكالات عالمية، يهمس خلالها مندوب مصر بالأمم المتحدة، عمرو أبو العطا، مع نظيره السوري، بشار الجعفري وعلّق عليها: "ده سر شدة الودن؟! و هي مصر بتتشد ودنها!!"، في إشارة إلى قرار متداول بامتناع السعودية عن توريد مصر بالإمدادات البترولية.
وتابع يوسف الحسيني: "إحنا لو رفعنا أيدينا بس.. الولد هيعيط لأبوه"، في تغريدة اعتبرها ناشطون تهديدا واضحا للسعودية، وسخرية من محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي.
فرد الإعلامي السعودي مساعد الكثيري على تصريحات الحسيني: "لنر أيها الخسيس من الذي ستؤلمه أذنه، بل قد يصاب بالصمم، والأيام بيننا ياقبيح"، فيما قال الاعلامي السعودي مشعل الخالدي: "يكفي اعترافك بأنك شيوعي، ما يجعلك تلقائيا عميلا لروسيا وكلبا لبوتين ورفاقه، وتسوغ بمنطق العملاء، الابتزاز الروسي لمصر". وقال الباحث السعودي الشهير “عبد الرحمن الطريري”: “هنشوف إحنا لما شدينا الودن مين هيعيط”.
وفي اخر دليل على التوتر الدبلوماسي بين البلدين غادر السفير السعودي أحمد قطان مطار القاهرة الدولي متوجهآ الى الرياض في زيارة لم يعلن اسبابها، وبحسب موقع "صدى البلد"، فانه ورغم عدم صدور اي بيان رسمي بشأن الزيارة حتى الان، الا ان بعض المصارد الاخبارية رجحت بانها تأتي على هامش تدهور العلاقات بين البلدين.
في النهاية يرى مراقبون ممن يتابعون الاعلامين المصري والسعودي، وحسابات نشطاء البلدين على وسائط التواصل الاجتماعي يلمس دون عناء ان عاصفة اعلامية تتجمع قواها هذه الايام، وتبادل القصف السياسي من كبار السياسيين بين البلدين بات وشيكا.