الوقت- تحت شعار (الانتقال الطاقوي العالمي: تعزيز الأدوار من أجل حوار طاقوي) إنطلقت أعمال المنتدى الدولي الـ 15 للطاقة في الجزائر(العاصمة) والذي من المقرر أن يستمر يومين.
ويعقد المنتدى بمشاركة 54 من وزراء الطاقة للبلدان الأعضاء في منظمة "أوبك"، والعديد من مسؤولي المجموعات النفطية و الغازية الدولية ومسؤولي المنظمات الدولية، منها الوكالة الدولية للطاقة، ومنتدى البلدان المصدرة للغاز.
ويبحث المشاركون في المنتدى آفاق الطاقة الدولية ودور الطاقات المتجددة وأهمية إستغلال خدمات الطاقة ودور التكنولوجيا في التنمية البشرية وحوكمة الطاقة مستقبلاً، فضلاً عن مناقشة كبرى مسائل الطاقة، لاسيّما أسواق النفط والغاز والطاقات المتجددة بحضور المئات من المشاركين.
ويأتي منتدى الطاقة الدولي هذا العام في ظل عدم إستقرار كبير بالسوق النفطية تبعاً لتراجع أسعار النفط. ويهدف الاجتماع لمناقشة إستقرار أسعار النفط المتراجعة إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، وسط تحذيرات مراقبين من مغبة فشل الاجتماع، واحتمالية أن تهوي الأسعار إلى ما دون 43 دولاراً حتى نهاية العام.
ومن المتوقع مبدئياً أن يجتمع أعضاء أوبك بعد ظهر الأربعاء، وسيكون هذا الاجتماع بشكل غير رسمي، ومن المتوقع أيضاً أن تشارك فيه روسيا التي هي دولة غير عضو في أوبك، على الرغم من أن بعض التقارير الأسبوعية التي صدرت الأسبوع الماضي قد أشارت إلى أن الوفد الروسي قد لا يبقى في الجزائر حتى إختتام أعمال المنتدى.
ويرى مراقبون أن ما يميز إجتماع الجزائر عن غيره من الاجتماعات السابقة أنه يحتوي على نقاط توافق أكثر من سابقيه، في ظل وجود ترحيب روسي إيراني سعودي، على أية توافقات من شأنها إعادة الاستقرار لأسواق النفط العالمية.
ويرى خبراء إقتصاديون أنه على الرغم من وجود مرونة أكثر في إجتماع أوبك بالجزائر بين الدول الأعضاء في المنظمة النفطية، إلاّ أن حلول تثبيت الإنتاج قد لا تكفي للحيلولة دون تخمة الأسواق العالمية بالنفط، خاصة بعد أن رفعت الدول الكبرى المنتجة للنفط خلال الشهور القليلة الماضية سقف إنتاجها، الأمر الذي يعني أن تثبيت الإنتاج وحده لا يكفي، بل يجب تقليص إنتاج النفط عوضاً عن تثبيت الإنتاج.
ويأتي الاجتماع المرتقب بعد لقاءين سابقين، عقد الأول بالعاصمة القطرية "الدوحة" في نيسان/أبريل الماضي، والثاني بفيينا في حزيران/يونيو الماضي، من أجل تثبيت الإنتاج وخفض معروض الخام في الأسواق العالمية، لكنهما فشلا في الوصول إلى إتفاق بسبب إختلاف المجتمعين.
وعشية الاجتماع أكد وزير الطاقة الجزائري "نور الدين بوطرفة" أن الاجتماع مطالب بالتوصل حتماً إلى حل إيجابي لاستقرار السوق، مضيفاً إن كل الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط موافقة على تحقيق إستقرار في أسعار النفط إلاّ أنها لابد أن تتوصل إلى صيغة ترضي الجميع.
من جانبه قال وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح" إن المحادثات بين الدول الأعضاء في أوبك والدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة في الجزائر هي "إستشارية"، مما ألقى بالشك على أيّ فرص لاتخاذ قرار رسمي خلال الاجتماع.
وتناقض التصريحات السعودية تصريحات وزير الطاقة الجزائري الذي كان قد أصر في تصريح له يوم الأحد الماضي على إن كل الخيارات الممكنة مطروحة لخفض إنتاج النفط أو تجميد الإنتاج عند مستوياته الحالية. وقال بوطرفة: "إننا لن نخرج من هذا الاجتماع خاليين الوفاض".
في هذه الأثناء أكد وزير النفط الإيراني "بيجن زنكنه" أن بلاده لن تخفض إنتاجها من النفط أو تجمده. وحول موقف طهران من تجميد أو خفض إنتاج النفط لتحقيق إستقرار الأسعار قال زنكنه: "أنا هنا لتبادل الأفكار، لا أكثر من ذلك".
وأكد زنكنه أن وضع أسواق النفط سواء للمنتجين أو المستهلكين على المديين المتوسط والبعيد ليس مطلوباً، وأشار إلى إنخفاض الاستثمارات في الأسواق العالمية لاسيّما قطاع الصناعة النفطية، وقال إن هذا الموضوع يلحق الضرر بالمستهلكين على المدى البعيد.
وأضاف الوزير الإيراني إنه بالإمكان الإستفادة من المفاوضات بين أعضاء أوبك للتمهيد للاجتماع العادي في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في فيينا، ولفت إلى مشاركة البلدان المنتجة للنفط غير الأعضاء في أوبك وقال، إنه إذا تمت المشاركة ففي هذا الحال سيتم التباحث حول إستقرار أسواق النفط.
ووصف زنكنه إجتماع المنتدى الدولي للطاقة في الجزائر بالفرصة الطيبة لإجراء محادثات مع البلدان الأخرى ورؤساء الشركات النفطية الكبرى بهدف تثبيت أسواق النفط في مرحلة ما بعد إزالة الحظر المفروض على إيران.
وخلال الشهور الماضية، أنتجت كل من روسيا والسعودية كميات كبيرة من النفط، فالسعودية رفعت إنتاجها لمستويات قياسية في تموز/يوليو الماضي ليبلغ 10.67 مليون برميل يومياً، مقارنة بشهر يونيو الماضي الذي بلغ فيه الإنتاج 10.55 مليون برميل يومياً. أمّا روسيا فرفعت إنتاجها من النفط إلى 269.8 مليون طن في النصف الأول من العام الحالي، أي بزيادة 2.1 بالمائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية.
وبالنسبة لطهران، أكد المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية "علي كاردر" إن الشركة تعتزم رفع مستوى الإنتاج اليومي إلى مستوى 4 ملايين برميل حتى 21 سبتمبر القادم، وذلك في محاولة للعودة إلى مستويات إنتاج النفط ما قبل الحظر، خاصة بعد توقيع إيران الاتفاق النووي مع مجموعة "5 +1" في تموز/يوليو من العام الماضي.
ويرى مراقبون إن إجتماع الجزائر قد لا يؤتي ثماره، خاصة إن السعودية قد تتراجع عن قرارها بشأن تخفيض إنتاجها مقابل أن تقوم إيران بتثبيت إنتاجها، الأمر الذي قد يرجع هذه الاجتماعات إلى نقطة الصفر، والذي سيؤدي بدوره إلى خفض جديد في أسعار النفط، الأمر الذي سيؤثر كذلك بالسلب على إقتصاديات دول في مقدمتها السعودية وفنزويلا.
وما يزال أغلب الخبراء يرون أن إتخاذ قرار بشان مستوى الإنتاج لن يتم خلال إجتماع الجزائر، ولكن من الممكن أن يتم ذلك خلال إجتماع أوبك الرسمي المقرر في فيينا يوم 30 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وكانت آخر محاولة لتجميد الإنتاج عند مستوياته السابقة قد باءت بالفشل في وقت سابق من هذا العام، بعد أن تخلت السعودية عن هذه المبادرة، مما يظهر صعوبة التوصل لاتفاق حول الإنتاج.