لم يكن تطور الإحداث في اليمن عابراً. بل إن تجاهل ربطه بالتطورات الإقليمية والدولية، يُعتبر خطأً فادحاً. في حين يمكن ومن خلال تسليط الضوء على تقارير منظمة العفو الدولية وتسريبات الصحافة الأمريكية، تأكيد التورط الأمريكي والسعودي في الجرائم الإنسانية ضد الشعب اليمني الأعزل. فيما كان خطاب السيد الحوثي في ذكرى "21 أيلول" اليمنية والتي تزامنت مع عيد الغدير، رسالة قوية لمن يهمهم الأمر في السياسة والعسكر، بأن الشعب اليمني بات أقوى، وقادراً على الإنتقال من الدفاع الى الهجوم. فماذا في تقارير المنظمات الدولية حول الدعم الغربي للسعودية في عدوانها على اليمن؟ وكيف فضحت الواشنطن بوست استخدام السعودية للسلاح الكيميائي؟ وما هي دلالات خطاب السيد الحوثي أمس؟
منظمة العفو الدولية تُدين دعم أمريكا وبريطانيا للسعودية في عدوانها على اليمن
أكّدت "منظّمة العفو الدّولية" يوم الإثنين أنّ الغارة الجوية التي استهدفت مستشفى في اليمن مدعومةً من منظّمة "أطباء بلا حدود" في 15 آب، وأدت لوقوع 19 قتيلاً و24 جريحاً، تمت بإستخدام قنبلة أميركيّة تسييريّة دقيقة من طراز "بايفواي". فيما أشار "فيليب لوثر" مدير الأبحاث في "منظّمة العفو الدولية" الى أنه يوجد إثبات واضح بأن الأسلحة التي يتم إيصالها للسعودية من قبل بعض الدول، تُستخدم لمهاجمة مستشفيات وأهداف مدنيّة أخرى وهو ما يُعتبر انتهاكاً للقانون الدّولي الإنساني من قبل هذه الدول الى جانب الرياض. كما دعت المنظّمة فور خروج التقرير، جميع الدول وتحديداً أمريكا وبريطانيا، إلى التوقّف الفوري عن تقديم أسلحة يمكن استخدامها في الحرب على اليمن.
مجلس الشيوخ يرد بالتصويت لمنع بيع السلاح للرياض
بعد إقراره مشروع قانون "العدالة ضدّ داعمي الإرهاب" والذي سمح بمحاسبة السعودية قانونياً، يُصوّت مجلس الشيوخ الأمريكي اليوم، على مشروع قانون يهدف إلى منع بيع دبابات "إبرامز" الى جانب أسلحة ومعدات عسكرية أخرى الى السعودية بقيمة 1,15 مليار دولار بسبب مخاوف تتعلّق بالصراع في اليمن. وهو الأمر الذي ما يزال موضع نزاعٍ أمريكي بين مجلس الشيوخ والبيت الأبيض والذي وافق على عملية البيع مسبقاً.
واشنطن بوست: السعودية تستخدم السلاح الكيميائي ضد الشعب اليمني
أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أمس، أنّ السعودية تستخدم الفوسفور الأبيض الذي زودتها به واشنطن في حربها على اليمن، مما أثار مخاوف لدى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، خصوصاً لجهة استخدامها ضد المدنيين. ونقلت الصحيفة تأكيد مسؤولين أميركيين لها، قيام واشنطن بتزويد السعودية بالفوسفور الأبيض. فيما نقلت الصحيفة عن منسق منظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "سنجيف بيري" إلى أنّ أمريكا بصفتها بائع كبير للسلاح إلى السعودية، تورط نفسها في جرائم حرب محتملة في اليمن.
خطاب السيد الحوثي أمس
توجه زعيم حركة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي أمس في ذكرى "ثورة 21 أيلول" وتزامنها مع عيد الغدير، بخطابٍ أخويٍ الى سكان شبه الجزيرة العربية من السعوديين، وتحديداً في المناطق الحدودية والمنطقة الشرقية. فيما طرح عليهم مدَّ اليد لمساعدتهم في التحرر من النظام السعودي الذي يعاملهم وكأنهم مواطنين من الدرجة الثانية. مؤكداً في خطابه أن اللجان الشعبية اليمنية، لن تستهدف الشعب العربي في الجزيرة العربية وتحديداً في جيزان ونجران وعسير مؤكداً أن حالة الغضب هي باتجاه النظام السعودي وليست بإتجاه مواطني شبه الجزيرة العربية. معتبراً أنهم يقعون تحت ظلم النظام السعودي الذي قام بجرف مئات المنازل والحقول في تلك المناطق.
وأكد السيد الحوثي في خطابه الى أن العدوان على اليمن ليس أمراً عابراً، ومن الضروري أن يعي الشعب اليمني تكليفه في هذا الخصوص. وأكد السيد الحوثي في خطابه أن أمريكا تدعم السعودية في حربها، وتتعاطى مع الرياض بمنطق العبد الذي يُنفِّذ الأوامر بغباء.
الخطاب: دلالات وتحليل
عدة نقاط يجب الإلتفات لها من خلال إشارات الخطاب، وعلاقة ذلك بالتطورات الجارية. وهنا نقول التالي:
أولاً: يُعتبر خطاب السيد الحوثي تعبيراً عن موقف الشعب اليمني الذي بات متضامناً وموحداً بشكلٍ كبير، وهو ما كان نتيجةً للعدوان الذي أبرز وحشية وعنجهية السعودية وأمريكا بحق الشعب اليمني. فيما يُطل السيد الحوثي والعدوان ما يزال مستمراً من دون تحقيق أي نتائج. بينما أصبحت تكتيكات اليمنيين العسكرية موجعة للسعودية التي باتت تأخذها بالحسبان.
ثانياً: أكد السيد الحوثي من خلال المناسبة، أخوة الشعبين اليمني والسعودي. وهو الأمر الذي استطاع من خلاله الطرف اليمني، أن يكون سبَّاقاً على آل سعود كطرفٍ عدوٍ لا يتعاطى مع اليمنيين من مُنطلق الأخوة. فيما أكد السيد الحوثي أن الحرب هي مع النظام، ويجتمع فيها الشعبين اليمني والسعودي في قاسمٍ مشتركٍ وهو ظلم آل سعود.
ثالثاً: يُعتبر كلام السيد الحوثي عن مد اليد للشعب السعودي للتحرر من ظلم نظام آل سعود، رسالة لها الكثير من الدلالات السياسية والعسكرية. فيما يجدها الخبراء، رسالة موجعة، تُعبِّر عن الجرأة والقوة التي بات يتميَّز بها اليمن، ليس فقط على صعيد وقوفه في مواجهة آل سعود بل على صعيد إستعداده للتضامن العملي والتعاون المشترك مع الأخ السعودي الذي يمثله الشعب السعودي، للتخلص من الظلم المُشترك. وهو ما يدل من الناحية العملية على إمكانية نقل التهديد الى داخل السعودية.
رابعاً: ظهر اليمن أمس من خلال خطاب السيد الحوثي، بموقع القوة العسكرية والسياسية. فيما كانت رسالته والتي أشرنا لها، ورقة جديدة بيد الشعب اليمني، في المفاوضات الجارية والتي تعرقلها السياسة الأمريكية والسعودية. ليفهم من يهمه الأمر، مستقبل الأمور. خصوصاً أن هذا الخطاب يُعتبر الأعنف في سقفه، منذ بدء العدوان على اليمن.
خامساً: إن ظن السعودية بأنها ستكون بمنأى عن جرائمها في اليمن، وتبعيتها العمياء للسياسة الأمريكية، هو وهمٌ واضح. فالجغرافيا السياسية هي التي تحدد معايير المستقبل السياسي لأي طرف. والتهديدات التي تطال اليمن، لن تكون بعيدة عن السعودية. وهو الأمر الذي يقتضي التعاون بين الشعبين اليمني والسعودي لتحديد مسارات المستقبل، منعاً لبقاء ذلك في ظل نظام جائر كآل سعود بعيد عن الحكمة بحق شعبه وجيرانه من الدول.
لن يكون كلام السيد الحوثي وموقف الشعب اليمني، كلاماً عابراً. بل إن القوة التي اتسم بها الخطاب، والتركيز على الوحدة في المسار والمصير بين الجارين السعودي واليمني، دليلٌ على الحكمة البالغة التي تتمتع بها قيادة الشعب اليمني. فيما سينعكس ذلك خوفاً لدى آل سعود ناهيك عن خوفهم من نقل المعركة الى بيتهم الداخلي!.