الوقت - في بداية العام 2012، نشب نزاع بين بلدين بشأن السيادة على مناطق بحرية، واتهم كل منهما الآخر بانتهاك شعاب سكاربره في بحر الصين الجنوبي.
وفي يوليو عام 2012، أسست الصين مدينة "سانشا" بشكل رسمي المتمركزة وسط جزر بارسيل، وبحسب ادعاءات الصين، فإن لها السيادة على أجزاء واسعة من هذا البحر. في حين أبدت كل من الفلبين وتايوان اعتراضا شديدا.
وخلال العامين السابقين، شهد العالم إجراءات ظهر فيها قرب العلاقات بين كل من موسكو وبكين، وبات هذا التقارب واضحا من خلال القرارات الدولية المشتركة التي اتخذها البلدان. ومن مستجدات المواقف المشتركة بين البلدين، بدؤهما مناورات بحرية مشتركة في مياه بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه بين بكين وعدة دول مجاورة لها، الأمر الذي يعتبر السبب الرئيسي في انفعال الدول الغربية من البلدين.
وانطلقت يوم الاثنين 12 سبتمبر/أيلول، مناورات بحرية روسية صينية أطلق عليها "التعاون البحري-2016"، وتستمر لـ8 أيام في مياه بحر الصين الجنوبي قبالة سواحل محافظة غواندونغ جنوب البلاد، وكانت البحرية الصينية، قالت الأحد على لسان المتحدث باسمها، ليان يانغ: إن التدريبات ستجري شرقي مدينة زانجيانغ وستشمل مشاركة سفن وغواصات وطائرات ومروحيات وقوات من مشاة البحرية.
وزاد القرار الذي أصدرته محكمة التحكيم الدولية، في الدعوى التي رفعتها الفلبين ضد الصين أمام المحكمة في يناير 2013، من توترات بحر الصين الجنوبي ومنطقة جنوب شرق آسيا بشكل عام، وفتح ذلك القرار الذي أعلنت بكين رفضه قبل وبعد صدوره المجال أمام عدة سيناريوهات مستقبلية تتراوح ما بين الحوار والمواجهات العسكرية.
قرار تحكيم "لاهاي" بأنه لا يوجد أساس قانوني لمطالبة الصين بحقوق تاريخية في خط القطاعات التسعة ببحر الصين الجنوبي لم يحصل على اعتراف بكين.
وأصدرت الصين بيانا أعلنت فيه، أن 18 سفينة حربية، و21 طائرة ومروحية، إضافة إلى 15 قطعة من الآليات العسكرية، و250 جنديا من وحدات المشاة البحرية من كل طرف سيشاركون في مناورات "البحر المشترك 2016".
وأشارت وزارة الدفاع الصينية بان المناورات تهدف إلى تعزيز إمكانيات الأسطولين الروسي والصيني في مكافحة تهديدات مختلفة، فضلا عن تحسين العمل المشترك بين البحارة الروس والصينيين، وتوطيد التعاون العسكري بين البلدين.
ما هو سبب الخلاف حول السيادة على بحر الصين الجنوبي؟
تتنازع دول مطلة على بحر الصين الجنوبي، وعلى وجه التحديد الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي، السيادة على مناطق منه منذ عدة قرون.
الخلافات في بحر الصين الجنوبي هي أساسا خلافات حول السيادة على مياه البحر وجزر باراسيل وسبراتلي (التسميتان غربيتان)، وهما سلسلتان من الجزر تدعي عدد من الدول السيادة عليها.
اضافة لهاتين السلسلتين، هناك العديد من الصخور والشعاب المرجانية والكثبان الرملية التي تتنازع هذه الدول السيادة عليها، مثل شعب سكاربره (وهو اسم غربي ايضا).
وبالرغم من كونها غير مأهولة على الاغلب، تحتوي سلسلتا باراسيل وسبراتلي والمياه المحيطة بهما على احتياطيات من الموارد الطبيعية. ولم تخضع المنطقة لاستكشافات مفصلة، لذا تعتمد التقديرات حول كمية الثروات المعدنية فيها على مقارنتها بالمناطق المجاورة.
كما يعد بحر الصين الجنوبي طريقا ملاحيا مهما ويزخر بثروة سمكية تقتات عليها شعوب الدول المشاطئة.
وتعد الادعاءات السيادية الصينية الاكبر بكثير، إذ تدعي سيادتها على منطقة تطلق عليها اسم "خط الخطوط التسع" الممتد لمئات الاميال جنوبي وشرقي جزيرة هاينان الواقعة أقصى جنوب الصين.
وتقول بكين إن حقوقها في هذه المناطق تعود الى عدة قرون خلت عندما كانت سلسلتا باراسيل وسبراتلي تعدان جزءا لا يتجزأ من الامة الصينية. وكانت الصين نشرت عام 1947 خريطة تفصيلية لادعاءاتها تبين ان السلسلتين تقعان ضمن حدودها بالكامل. وهذه الادعاءات تدفع بها تايوان.
اما فيتنام فتناقض بشدة الرواية الصينية التاريخية، وتقول إن الصين لم تدع ابدا سيادتها على الجزر قبل عام 1940. وتقول فيتنام إنها حكمت سلسلتي باراسيل وسبراتلي فعليا منذ القرن السابع عشر وان لديها الوثائق الضرورية لاثبات ذلك.
الفلبين هي الاخرى تدعي سيادتها على السلسلتين، وتقول إن قربها الجغرافي لسلسلة سبراتلي سبب كاف لعائديتها لها.
وتدعي كل من الصين والفلبين السيادة على شعاب سكاربره (التي يطلق عليها الصينيون اسم "جزيرة هوانغيان") التي تبعد بمسافة 160 كيلومترا عن الفلبين و800 كيلومترا عن الصين.
كما تدعي ماليزيا وبروناي سيادتهما على منطقة في بحر الصين الجنوبي تقولان انها تقع ضمن منطقتيهما الاقتصاديتين كما عرفهما ميثاق الامم المتحدة حول قانون البحار.
ولا تدعي بروناي السيادة على اي من الجزر المتنازع عليها، ولكن ماليزيا تقول إن بضعا من جزر سبراتلي تعود لها.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية وصول مجموعة من السفن الحربية الروسية، والتي تضم سفينتي "الأميرال تريبوتس" و"الأميرال فينوغرادوف" المضادتين للغواصات، وكذلك سفينة الإنزال الكبيرة "بيريسفيت"، وسفينة القطر "ألاتاو" والناقلة "بيتشينغا"، إلى قاعدة تشان جيانغ البحرية الصينية، للمشاركة في المناورات.
مصالح روسيا في بحر الصين الجنوبي
وأما عن الدور الروسي، فقد صرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا"، منذ عدة أيام وخلال ردها على الجدل القائم بشأن مشاركة روسيا في المناورات البحرية الصينية، بأن روسيا لاتطلب الإذن من أحد بشأن استشارتها بالمباحثات الجارية بشأن بحر الصين، ولاتنوي التدخل في هذا الموضوع أبدا.
وبالنسبة لروسيا تعتبر سيطرة الصين على الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وخروجها من نفوذ السيطرة الأمريكية هو من صالحها.
وضمن هذا السياق يقول الخبير العسكري الروسي "فيكتور ليتوفكين": روسيا سواء أرادت أم لا، ستدافع عن إدعاءات بكين بشأن سيادتها على بحر الصين الجنوبي، لاسيما أن تأسيس الصين للبنى التحتية العسكرية في هذا البحر، يحمي مصالح موسكو المتمثلة في مواجهة التمدد العسكري البحري لأمريكا وسيردع المنظومات الصاروخية الامريكية التي تهددها.
وفي خلاصة المقال، يمكن القول إن تشييد بكين للبنى التحتية في مجموعة جزر اسبارتلي، سيحد من حرية دوريات السفن الحربية الامريكية، الأمر الذي سيحول دون فرض هيمنتها في هذا الجزء من العالم.