الوقت- زار امير قطر السعودية لمرتين خلال الأشهر القليلة الماضية من اجل اللقاء مع الملك السعودي الجديد الاولى منهما كانت ابان فترة وفاة الملك عبدالله والثانية قبل أيام ، ومن الواضح ان لهاتين الزيارتين اهداف مختلفة عن بعضهما البعض حيث لم يكن ممكنا الخوض في تبادل الآراء والمواقف خلال الزيارة الاولى لكن الزيارة الثانية هي من اجل التباحث وتبادل الآراء ولها صبغة سياسية خاصة بعد ان زار ولي ولي عهد السعودية محمد بن نايف الدوحة قبل ايام من أجل التباحث مع الشيخ تميم حول القضايا الاقليمية.
ومن جهة أخرى تأتي زيارة امير قطر الى السعودية في وقت شهدت الايام الماضية تحركا من قبل قادة دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي حول الوضع اليمني ولذلك يمكن وضع زيارة الشيخ تميم الى الرياض في هذا السياق من التحرك الاقليمي ايضا لكن السبب الأهم للزيارة هو مراجعة العلاقات غير الودية بين قطر والسعودية لأن قطر لديها خلافات مع السعودية تتجاوز الخلافات الحدودية والعرقية وتتمحور حول المواقف ازاء التطورات في العالم العربي حيث تتخذ الدوحة مواقف مغايرة لمواقف الرياض في هذا المجال وهذا ما ادى الى زيادة التوتر في العلاقات بين البلدين .
وكانت قطر تدعم التيار الاخواني في مصر وباقي حلفائها في الدول العربية في وقت كانت السعودية تعتبر هذا التيار عدوا تاريخيا لها واستخدمت الرياض كل طاقتها لاسقاط حكم الاخوان المسلمين بدعم من العسكر وقد نجحت السعودية في ذلك كما استخدم الجنرال السيسي مستوى من العنف في تنفيذ هذه الخطة لم يكن الاخوان ليتصوروه .
ان السعودية استطاعت عبر ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية اجبار الدوحة على مراجعة سياساتها والتوقيع على اتفاق لحل خلافاتها مع السعودية اثناء اجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض ، وقد عمدت قطر الى طرد قياديين اخوانيين من اراضيها كما بعثت مبعوثا خاصة الى القاهرة للتمهيد للمصالحة مع السيسي ، ورغم هذا فان قطر لم تتخلى عن موقفها في دعم الاخوان المسلمين وكان الملك السعودي السابق ينظر بعين الشك والريبة الى قطر حتى آخر لحظة من حياته لكن وفاة الملك عبدالله دفعت قطر الى التأكيد مجددا على موقفها من دعم الاخوان والمناورة حول ذلك خاصة بعد ان ترددت الانباء عن وجود توجه لدى الملك السعودي الجديد لدعم الاخوان في مصر ، وقد تركت هذه الشائعات أثرها حيث رحب السيسي ببرودة بالطبقة السياسة الحاكمة الجديدة في السعودية وفي المقابل لم يشارك السفير السعودي في معرض الكتاب في القاهرة .
ان الملك سلمان أراد تذكير قادة دول الخليج الفارسي بسياساته منذ بداية الطريق وان استدعاء المسؤولين الكويتيين والاماراتيين الى الرياض تم لهذا الغرض لكن الامر يختلف فيما يتعلق بالأمير القطري حيث يبدو ان الملك السعودي اراد ضبط ايقاع الامير القطري والاستمرار في سياسة الملك السعودي السابق تجاه قطر بعد ان ظن قادة الدوحة ان السياسة السعودية قد انهارت بعد موت الملك عبدالله .
ان استدعاء الامير القطري الى الرياض كان من أجل تذكيره بأن السياسات الاقليمية للسعودية لم تتغير وافهامه بان امراء دول مجلس التعاون لايستطيعون الاصطياد في الماء العكر ، ومن جهته أراد أمير قطر طمأنة السعوديين ازاء سياساته خاصة بعد ان ذاق طعم الضغوط والتهديدات السعودية السابقة ، وقد يؤدي هذا الاستدعاء السعودي وهذه الايجابية التي يبديها الامير القطري الى نوع من التصالح بين الرياض والدوحة لكن طموحات الأمير الشاب والقلق الذي يساور الملك الكهل سيظل كما هو خلال الفترة المقبلة لأن التوتر بين الدوحة والرياض واسبابه لن يزولا عبر التوقيع على اتفاقية او تبادل لزيارة أو زيارتين بين مسؤولي البلدين.