الوقت- بعد عامين قضاهما في السجن، أطلق سراح الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "جون كيرياكو" الذي اتهم بالكشف عن اسم زميل له والحديث عن أساليب التعذيب في وكالة المخابرات المركزية.
وفي أول مقابلة له بعد خروجه من السجن، قال كيرياكو عن أساليب تعذيب المشتبه بهم من قبل عملاء وكالة المخابرات المركزية، إن وسائل التعذيب هذه كانت في الحقيقة السياسة الرسمية للإدارة الأمريكية، وكان ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ينفذونها.
وقد نشرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي في أواخر العام الماضي بعد 4 سنوات من المناقشات وحذف العديد من وثائق التعذيب بحق المتهمين بالإرهاب، نشرت تقريراً في 499 صفحة بهذا الخصوص.
وجاء في التقرير أن عملاء المخابرات المركزية الامريكية، كانوا يمارسون التعذيب بحق المشتبه بهم في هجمات 11 سبتمبر، بأساليب عنيفة مثل الغرق المصطنع، الحرمان من النوم، تعليق الأيدي من السقف وخلع الملابس.
واتهم كيرياكو بانتهاك قانون التجسس، لأنه كان قد قال لوسائل الإعلام والجمهور إن أمريكا تمارس التعذيب بحق سجناء الحرب ضد الإرهاب. وأضاف كيرياكو: قيل لنا إن أسلوب الغرق المصطنع فعال ولا يعتبر تعذيباً، وفي الواقع نحصل من خلال ذلك على المعلومات القانونية. ولكن بعد سنوات قليلة عرفنا أن ذلك لم يكن صحيحاً. كانت وكالة المخابرات المركزية تكذب علينا دائماً، والغرق المصطنع كان شيئاً رهيباً، وأمراً خاطئاً منذ البداية.
وتابع بالقول: بعد الكشف عن معلومات الغرق المصطنع والتعذيب، وبعد أن أصبح واضحاً أن الأسلوب لم يكن فعالاً، ألقت إدارة بوش باللوم علي وكالة الاستخبارات المركزية ووصفتها بالوكالة "المارقة"، وقالت: إن "العملاء المارقين" كانوا يمارسون هذه التعذيبات.
وبعد رؤية هذا السلوك المنافق لوكالة المخابرات المركزية، توجه كيرياكو إلي الصحافة وقال لهم: لم تكن وكالة المخابرات المركزية هي الوحيدة التي كانت تمارس التعذيب بحق السجناء، بل إدارة بوش هي الأخري كانت تأمر بذلك أيضاً، وكان هذا الأمر جزءاً من السياسة الرسمية للإدارة الأميركية.
بعد هذا الكشف، تغيرت حياة كيرياكو حيث طرد من العمل ولم يعد أصدقاءه يتحدثون معه، وبدأت الشرطة الاتحادية الأمريكية استجوابه. ثم اتهم بانتهاك قانون التجسس.
وحول عدم توجهه إلى الكونغرس لإطلاعه علي القضية، قال هذا الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية: عندما توجد لدينا أدلة على التعذيب ونراجع مسؤولاً بارزاً، ولكنه جزء من برنامج التعذيب، ففي حينها نراجع مسؤولاً أعلي منه ولكننا نجد أن هذا المسؤول هو الذي أمر بالتعذيب. ثم نراجع المجلس العام فنجد أنه قد أيّد أيضاً أمر التعذيب. ثم نراجع لجان الكونغرس فنجد أنها علي علم بأمر التعذيب أيضاً ولم تبد أي معارضة له. فما هي الجهة التي يمكن للمرء إلي يراجعها بعد ذلك؟ فلم يعد هناك مكان سوي التوجه نحو الصحافة.
وقال كيرياكو: إذا كان الأمر متعلقاً بقضية الأمن القومي، فلا توجد حماية لك.
وبينما أكد على أن النظام القضائي في أميركا يعاني من خلل وعيوب، قال: لقد حكم عليّ بالسجن 45 عاماً بسبب التحدث إلى الصحافة، وخلال العامين الذين قضيتهما في السجن، واجهت عائلتي عناءً كبيراً، والسجن كان يغص بالحزن والألم.
وأضاف كيرياكو: كم كنت غبياً عندما كنت أعتقد أن هناك خصوصية لي إلى حد ما، ولكنهم كانوا يفتحون رسائلي وينسخون منها أحياناً ثم يقومون بختمها مرة أخرى. كما أن الوضع الغذائي في السجون كان سيئاً جداً.
كل هذه القضايا جعلت كيرياكو ينظر إلي نظام القضاء في أميركا بنظرة مختلفة، حيث شدد علي أن هذا القضاء بحاجة إلي إصلاح حقيقي.
وختم حديثه بالقول: من الأشياء التي يجب عليك أن تعتاد عليها هو أنهم يتعاملون معك كما يتعاملون مع النفايات، وأنت لا تعدّ إنساناً. وإذا قاومت فسيتم اتهامك بالسلوك المنطوي على الإساءة، وإذا تم اتهامك بالسلوك المسيء فسيتم إرسالك إلي زنزانة انفرادية، والزنزانة الانفرادية جحيم لا يوصف.