الوقت- ليس خافياً على أحدٍ دورالخليج الفارسي بشكلٍ عام والسعودي بالتحديد، في دعم الجماعات الارهابية في البلدان العربية وبالخصوص سوريا والعراق ويضاف اليهم اليمن اليوم. ويأتي ذلك في ظل سعي هذه الجماعات التكفيرية لإقامة إماراتٍ لها في الدول العربية كافة. خاصة في اليمن ضمن هذا السياق. فما هو دور السعودية في دعم هذه الجماعات في اليمن لا سيما في مأرب أخيراً؟ ولماذا تسعى السعودية لتسليح هذه الجماعات؟ وما هو دور بعض الأطراف اليمنية في ذلك؟
أولاً: الدور السعودي في تسليح هذه الجماعات ليس سراً:
لفتت جريدة الأنباء مؤخراً في تقريرٍ خاص، الى سعي الجماعات التكفيرية في اليمن لإقامة إمارة لتنظيم "القاعدة" الارهابي وذلك في محافظة مأرب وبدعم مباشر من السعودية، وذكرت الجريدة في السياق ذاته أن اكثر من عشرة الاف مقاتل قبلي وتكفيري من جميع المناطق اليمنية و من الجيش التابع للجنرال (الفار) علي محسن الاحمر يحتشدون في معسكرات نخلا و سحيل بمحافظة مأرب شمال شرق البلاد بالقرب من الحدود اليمنية السعودية وأضافت المصادر الى أن هؤلاء المسلحين مدعومين بصورة كبيرة من السعودية ، وسط انباء الى أن اغلب الذين ينتمون الى هذه الجماعات هم من المشايخ والعسكريين الذين فروا سابقا الى السعودية وعادوا اليوم للإلتحاق بهذه الجماعات بدعم و تنظيم سعودي مباشر . وفي سياقٍ متصل كشف موقع الإتحاد برس عن احد مشايخ محافظة مأرب بان السعودية تقف وراء التسليح و الاعداد والتهيئة للحرب في المحافظة وقال الشيخ القبلي بان امارة منطقة نجران سلمت العراده ومبخوت الشريف 70 سيارة تويوتا من نوع ”شاص” موديل 2014 و2015 . واكد الشيخ القبلي بأن الدعم السعودي جاء بناءاً على طلب العراده والشريف وذلك لأن الجماعات التكفيرية هناك، لديها نقص حاد بوسائل النقل وان وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف طلب من قطاع حرس حدود امارة منطقة نجران بتوفير 70 سيارة للجماعات هناك.
ثانياً: علاقة علي محسن الأحمر بتنظيم القاعدة ليست جديدة:
كتب محمد الملاحي بتاريخ 04-07-2011 في صفحته على الفيس بوك عن علاقة علي محسن الأحمر بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية، قائلاً :"ليس هناك من مجال للشك بأن هناك ارتباط وثيق بين الزعامات الدينية وتنظيم القاعدة في اليمن وهذا من البديهيات التي لا نقاش فيها ولا يخفى على أحد العلاقة الوطيدة القائمة بين التيارات الدينية ممثلة للإصلاح وبين علي محسن الأحمر وهذا الأمر يعرفه حتى البسطاء من الناس فقد كان الجميع يقولون بأن علي محسن الأحمر هو من زعماء الإخوان المسلمين ومن كان يحاول التخفيف من اللهجة كان يقول أنه متعاطف مع التيار الديني في اليمن حتى أصبح عنوانا بارزا لهذا التيار ووصل به الأمر إلى مصاهرة طارق الفضلي ". وأضاف الملاحي قائلاً: "إن وجود علاقة بين علي محسن الأحمر وبين التيار الديني في اليمن ليست موضع شك بل أنه لا ينكرها ولكنه ينكر أن له علاقة بتنظيم القاعدة بالرغم من انه من الصعب التفريق بين هذا التنظيم وبين جماعة الإخوان المسلمين الممثلين بالإصلاح خاصة وأن زعيم الإصلاح عبد المجيد الزنداني يعتبر من أكبر مؤسسي القاعدة بل أنه كان أستاذ وشيخ أسامة بن لادن الذي تتلمذ على يديه عندما كان الزنداني في جامعة الملك عبد العزيز في جدة". وفي حديثه عن دور علي محسن الأحمر في بناء أرضية لهذا التنظيم أشار الملاحي قائلاً: "فإن علي محسن الأحمر يمثل الجناح العسكري في اليمن الأكثر موالاة للشيخ الزنداني وتنظيم القاعدة وليس من الصدف أن تكون جامعة الإيمان ملاصقة لسور الفرقة الأولى مدرع ويقال أن علي محسن هو من دعم الزنداني للحصول على هذه الأرض مجانا من الدولة باعتبار أن هذه الأرض كانت محجوزة للفرقة وعلي محسن قام بتوزيع الأراضي المحيطة بها على محبيه ومريديه فأرض جامعة الإيمان هبة في واقع الأمر من علي محسن لجامعة الإيمان التي تم إنشاؤها من قبل الزنداني لتكون موقع تدريب وتعليم ورافد لتنظيم القاعدة وان تحت قناع من العلم والتعليم الديني الذي تمارسه في العلن ويتم التدريب العسكري في الخفاء بل ومواقع التدريب الموجودة في الفرقة فطلاب الجامعة يتلقون تدريب عسكري شاق ومكثف في الفرقة الأولى مدرع دون أن يشعر أحد بذلك بل يأتي الطلاب باعتبارهم مستجدين يتلقون التدريب". وأشار بعدها الملاحي الى أن علي محسن الأحمر قام بتوزيع المجندين على الألوية بعد التدريب وهم الذين كانوا في الواقع طلاب جامعة الإيمان بل لم يكتف بذلك فقام في الأزمة الحالية بتجنيدهم بشكل رسمي وأصبحوا يلبسون ملابس الفرقة بصورة شرعية قانونية ويحملون بطاقات عسكرية رسمية من الفرقة! ولا يخفى على أحد أن اليد اليمنى لعلي محسن هو عسكر زعيل الناطق الرسمي باسم الفرقة وهو في الواقع من الأعضاء البارزين في القاعدة في اليمن وهو الذي يعتبر انتسابه للتيار الديني مبعث فخر ويباهي به أمام الآخرين. فبعد كل ما تقدم، هل من شك في أن علي محسن الأحمر هو الممول الرئيسي لتنظيم القاعدة في اليمن بالسلاح والمؤن؟
ثالثاً: خطاب الحوثيين ومصلحة اليمن:
أكد زعيم جماعة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في حديثه الأخير، رسالة قوية الى دول الخليج الفارسي، مفادها أن الإستقرار في اليمن هو من مصلحة هذه الدول، محذراً من استهداف الشعب اليمني في اقتصاده وأمنه، وهما السلاحان الأمضى اليوم في أي ردٍّ مفترض من قبل القوى المتضررة من صعود الحوثيين في اليمن. وقال الحوثي: «لن نتسامح مع أي طرف خارجي يسعى لضرب الاقتصاد اليمني»، معبراً عن رفضه مواقف بعض الدول من «الإعلان الدستوري» الذي أعلنته «اللجان الثورية»، من القصر الرئاسي في صنعاء، وحلّت بموجبه البرلمان ودعت إلى تشكيل مجلس وطني ومجلس رئاسي يدير المرحلة الانتقالية لمدة عامين. ولم يكتف السيد الحوثي بذلك بل وجه ما يشبه التهديد المبطّن وأكد أن اليمن «بلد غني بخيراته وثرواته المنهوبة»، مضيفاً بالتالي أن هناك مصلحة لكل القوى في الداخل والخارج من استقرار هذا البلد. وحذر من أن أي محاولات لإثارة الفوضى والإضرار بهذا البلد لأن ذلك سيكون له انعكاساته على مصالح تلك القوى أياً كانت.
مما لا شك فيه أن السيد الحوثي من خلال خطابه أظهر قوة وشجاعةً تدل على تعاطيه مع الملفات السياسية الداخلية بحكمة وكرجل دولة، وأن ظهوره الأخير أكد أنه قائد الطرف الأقوى سياسياً في اليمن حالياً، في حين أن دول الخليج الفارسي وفي مقدمتها السعودية جارة اليمن، تسعى ومن زمنٍ ليس بقريب، الى خراب اليمن من خلال تسليح الجماعات التكفيرية لبث الفوضى والخراب في البلاد. سياسةٌ تتقنها دول الخليج الفارسي والسعودية بالتحديد والتي لم تتعلم أن هذه الفوضى التي تؤسسها اليوم، لا بد وأن تنقلب عليها في المستقبل القريب. فهل تكون سياسة السعودية رد فعلٍ على حركة الإصلاح التي يقودها الحوثيون اليوم والتي لا تصب إلا في مصلحة اليمن؟ وهل هذا الإصلاح يهدد مصالحها في اليمن؟ وهل تعرف السعودية أنها ستلقى نفس الفوضى والخراب ومن أزلامها الذين صنعتهم وما تزال تصنعهم؟ حتماً الأيام المقبلة ستجيب...