الوقت - أدت استقالة عمدة لندن، للكثير من التساؤلات. في وقتٍ تعيش فيه بريطانيا حالة التحول السياسي. حيث أن أقطاباً ساهموا في حملة خروج بريطاينا من الإتحاد، بدأوا بتقديم استقالتهم. وهو ما انتهى أخيراً أمس، بإستقالة رئيس "حزب الإستقلال" البريطاني، نايجل فاراج. في وقتٍ فضحت فيه تلك الإستقالات، حجم الخلافات داخل الحزب الواحد.
حيث أعلن رئيس "حزب الإستقلال" البريطاني، نايجل فاراج، استقالته من رئاسة الحزب، الإثنين، بعد أسبوعين من تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي. لتخسر بذلك حملة الخروج، ثاني أقطابها بعد انسحاب رئيس بلدية لندن السابق، بوريس جونسون، من سباق رئاسة الوزراء.
فاراج (52 عاماً) والذي انتخب عام 1999 نائباً في البرلمان الأوروبي عن حزب الاستقلال، ولمرتين رئيساً للحزب منذ عام 2006، أكد في كلمته، أمس، أنه لم يشأ أبداً أن تكون له مهنة في السياسة. وقال بأنه يشعر أنه قام بدوره، ولا يمكنه أن يُنجز المزيد. وبعد الإنتخابات في العام الماضي، كان فاراج قد أعلن استقالته، لكنه سرعان ما تراجع عنها ليقود حملة حزبه لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وهذه المرة، قال فاراج إن استقالته نهائية، غير أنه أكد نيته لعب دور في مفاوضات الخروج من الإتحاد.
واعتبر فاراج أن حزبه يحتل مكانا جيدا جدا، مشيراً إلى أنه لن يغير رأيه بشأن ترك منصبه، مشيراً إلى أن زعامته لحزب استقلال المملكة المتحدة كانت أمراً شاقاً في بعض الأحيان، لكنها كانت تستحق ذلك بحسب تعبيره. وأضاف أن بريطانيا بحاجة إلى رئيس وزراء لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. وتابع أنه سيكمل مدته في البرلمان الأوروبي، واصفا الحزب بأنه "مثل الديوك الرومية التي صوتت لعيد الميلاد الذي تذبح فيه. وقال إن "إمكانات حزبه الكبيرة" تتمثل في جذب الناخبين المؤيدين لحزب العمال لتأييده، ورفض دعم أي مرشح بعينه يحل محله في زعامة الحزب. قائلا "أرجو أن يفوز أفضل رجل أو أفضل امرأة".
وستفتح استقالة فاراج الباب أمام معارك داخل الحزب حول من سيخلفه. حيث ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، أن الأسماء المحتملة هي نائب الرئيس، بول نوتال، والمتحدث حول شؤون الهجرة ستيفن وولف، والمتحدث حول الشؤون الثقافية بيتر ويتل، والمتحدثة السابقة باسم الحزب والتي علقت عضويتها فيه منذ آذار الماضي، سوزان إيفنز، والنائب في البرلمان الأوروبي ديان جايمز، وأخيراً، النائب الوحيد عن حزب الاستقلال في مجلس العموم، دوغلاس كارسويل. ومن المتوقع أن تنتهي عملية التصويت لاختيار رئيس جديد لحزب الاستقلال قبيل منتصف أيلول المقبل.
من جانبه، أعلن نوتال أن احتمال ترشحه لا يزال قيد التقييم. وهنا فإن نوتال يُشكل بحسب المتابعين للشأن البريطاني، تهديداً حقيقياً لحزب العمال، في معقله في شمال المملكة المتحدة. وهو ما يمكن أن تُثبته تصريحات نوتال، والذي قال إن حزبه يملك فرصة حقيقية للتقدم والإستفادة من الفوضى التي يعيشها حزب العمال. مضيفاً بأن بريطانيا أمام حزب عمالٍ لا يمثل الطبقة العاملة كما في السابق، لذا يمكن لحزب الإستقلال التقدم في مجالهم.
وهنا وفي سياقٍ متصل، وفي ظل الغموض المخيم على مستقبل الإقتصاد البريطاني، قام وزير المالية جورج أوزبورن ببادرة جديدة في اتجاه الشركات بإعلانه أمس عزمه على خفض الضرائب بشكل كبير عليها. غير أنه لم يحدد جدولاً زمنياً لتطبيق هذا القرار، في حين من المؤكد أن يشارك في الحكومة المحافظة المقبلة التي سيعين رئيسها في 9 سبتمبر المقبل. كما تعهدت وزيرة الدولة للطاقة أندريا ليدسوم بإحترام أصوات الـ 17,4 مليون بريطاني الذين صوتوا لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي. وقالت في خطابها الأول كمرشحة لخلافة ديفيد كاميرون، إن حرية التنقل ستنتهي والبرلمان البريطاني سيقرر عدد الأشخاص الذين سيدخلون البلاد كل سنة. فيما يبقى المرشحان الأبرزان لخلافة ديفيد كاميرون حتى الآن وزيرة الداخلية "تيريزا ماي" ووزير العدل "مايكل جوف" الذي كان من قادة حملة الخروج من الاتحاد. وبعد أن يختار النواب المحافظون بشكل نهائي في 12 يوليو مرشحين متنافسين لرئاسة الحكومة، يختار ناشطو الحزب الذين يقارب عددهم 150 ألفاً رئيس الحكومة المقبل من بينهما قبل إعلان مرتقب في 9 أيلول المقبل.
إذن أعلن رئيس حزب الإستقلال، أنه حقق حلم حياته. هكذا برَّر سبب استقالته. في وقتٍ تعيش فيه بريطانا حالة من الصراع الداخلي، والذي بدأ يظهر داخل الحزب الواحد. كما أن الصراع لخلافة كاميرون، بدأ يطفو على ساحة الصراع بين الأحزاب كافة. في وقتٍ يحاول فيه البعض استغلال أصوات المطالبين بالخروج من الإتحاد الأوروبي. فيما يبقى السؤال: هل ستتوقف آثار خروج بريطانيا على الإستقالات المُستغربة؟