الوقت- حضر إرهابيو داعش والحقد يملؤهم الى زقاق قرب المسجد الكبير في مدينة الموصل العراقية منذ نحو ثلاثة أسابيع، ومحوا حرف الميم من مطلع كلمة "مقاومة" كتبها أحد المعارضين لوجودهم.
لم تكن مجرد كلمة كتبت على الحائط أو خربشة مفتعلة من قبل مجهول في معقل تنظيم داعش، وإنما جرأة أحد المعارضين لوجود التنظيم الارهابي، وبادرة من قبل السكان المجبرين على البقاء في المناطق التي يحتلها التنظيم.
وظهرت في الآونة الأخيرة مجوعة تسمى "مقاومة" تعارض وجود تنظيم داعش، حيث قام أحد نشطائها بنشر مقطع فيديو للحرف الواحد من كلمة "مقاومة" وقد خط بطول متر على الجدار. ويخاطر أعضاء هذه المجموعة بمواجهة إرهاب داعش وأحكام إعدامه المرعبة، ومن المؤكد أن التنظيم لن يسمح بارتكاب ولو صغائر الأفعال من المقاومة في المناطق التي يسيطر عليها.
والجميع يذكر الخطبة التي ألقاها أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الارهابي، منذ عامين، من مسجد مدينة الموصل يدعو جموع المسلمين في مختلف أنحاء العالم إلى "الخلافة"، إلا أنه لم يدرك لشدة جهله بما يجري حوله أن سلطته تتزعزع من أطرافها وأن تنظيمه بات ينهار كجبل من جليد.
والحقيقة أن عناصر التظيم يعانون للاحتفاظ بسيطرتهم على سكان يزداد عداؤهم، وبالأخص بعد أن حرر الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي البطلة، مدينة الموصل بشكل كامل، وبذلك تكون قد استعادت أكثر المناطق استراتيجية من يد التنظيم الارهابي، ومتجهة بقواتها التي ارتفعت معنوياتها بعدج هذا الانتصار نحو فتح طرق داخل أراض تمتد في العراق وسوريا، ولابد سيكون تحرير معقل تنظيم داعش الخطوة التالية لها.
وكان قد أكد اللواء نجم الجبوري، قائد عملية استعادة الموصل والمناطق المجاورة، أن مقاتلي داعش يتعاملون بقسوة لكنهم ليسوا أقوياء وأضاف أن الأماكن الحاضنة لهم باتت تلفظهم.
لا يمكننا أن ننكر أن تنظيم داعش الارهابي رحب به العديد من السنة المشتددين في البداية، كمنقذين من الحكومة الفاسدة، والتي يرونها ظالمة، وكانت النتيجة أن استجاب آلاف الأجانب لنداء البغدادي للقدوم وشنّ حرب طال إرهابها العديد من الدول في العالم، ولكن السكان السنة استيقظوا متأخرين من غيبوبتهم التي أعمتهم عن إدراك بشاعة وفظاعة هذا التنظيم، وعليهم أن يتحملوا في النهاية نتيجة قرارهم الأحمق بالإنضمام الى مثل هذا التنظيم الخطير.
ومن ثم فاجأ التنظيم الجميع بسيطرته الملفتة على مساحات واسعة من العراق وسورية، وهذا التقدم لم يكن بسبب قوة التنظيم وإنما بسبب تشرذم وتفرق القوى المواجهة له، فكان الجيش السوري في حالة يرثى لها بعد حرب دامت أكثر من ثلاثة أعوام أنهكت قواه أضف الى ذلك الخيانات الصادمة التي أثقلت تقدمه في عدة مناطق، وكان الرعب الهائل هو دخول التنظيم الى الموصل في العراق وسيطرته عليها خلال عدة أيام من دون مقاوم تذكر من قبل جيش العراق، لا بل انسحب الضباط مخلفين ورائهم معدات عسكرية تكفي لعدة فرق عسكرية، إن مثل هذا الإنهزام والتراجع هو من أعطى المجال لعناصر تنظيم داعش والجرأة لاحتلال محافظات مثل الرقة والموصل.
ولابد من ذكر المصدر المالي للتنظيم، فبعد أن سيطر على آبار نفط في سورية والعراق، وسيطرته على مخازن السلاح، اعتمد التنظيم لتمويل نفسه ودفع رواتب عناصره على بيع النفط لتركيا واسرائيل، بعد أن فضحتهم روسيا بكشف أقمارها الصناعية لشاحنات ممتلئة بالنفط اتجهت من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الى تركيا.
إن خطورة التنظيم تكمن في الدعم الخارجي الذي يتلقاه من قبل دول تتصنع أنها لادخل لها بما يحصل، كتركيا المنافقة والمملكة العربية الوهابية والعديد من دول المنطقة العربية، إن دعم دولة كتركيا تدعي العلمانية والتفتح الديني لتنظيم إرهابي كداعش هو أكبر نفاق، بل ووقاحة فاضحة أمام أعين الجميع، ولا يمكن تبرئة أمريكا من المؤامرة الداعشية، فهي من أكبر المتورطين بقتل وذبح آلاف المدنيين السوريين والعراقيين، وسأؤكد لكم أنها الشيطان الأكبر، لأن روسيا عندما سلطت أقمارها الصناعية لمراقبة تنظيم داعش كشفت فضيحة شراء تركيا للنفط من التنظيم، والسؤال هنا، كيف استطاعت روسيا بسهولة كشف مايحصل ولم تستطع أمريكا مع العلم أنها كما يقول المثل الشعبي (يمكنها أن تعرف البيضة مين باضها والجيجة مين جاجها) أن تكشف هذا التواطؤ والنفاق، لأنه بكل صراحة هي العقل الشيطاني المدبر لكل هذه الجريمة.
وبعد كل هذا التواطؤ والنفاق بدأت الكفة تميل لصالح القوات العراقية والسورية والقوات الشعبية المشاركة، وبدعم مادي ومعنوي من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية. إذ قتل خلال العامين السابقين 39 من أصل 43 قياديا أسسوا تنظيم داعش، بحسب ماقاله أحد الخبراء والمستشارين الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية، هاشم الهاشمي.
ورفع البغدادي عن دشداشته وبدأ بالفرار الى مناطق شبه صحراوية على امتداد آلاف الكيلومترات المربعة غرب نهر دجلة وجنوبي الموصل، وهو يتجنب سوريا بعد مقتل اثنين من أقرب مساعديه هذا العام هما أبو عمر الشيشاني "وزير الحرب" وأبرز قيادي مدني في داعش وعبد الرحمن القادولي الرجل الثاني في التنظيم الارهابي.
وبات أبرز قادة التنظيم بعد البغدادي الآن هما أبو محمد العدناني المتحدث باسم داعش الذي تولى الإشراف العسكري بعد مقتل الشيشاني، والارهابي أبو محمد الشيمالي الذي يشرف على المقاتلين الأجانب والذي خلف القادولي في المسؤولية المدنية.
وفي المعارك الأخيرة نشر تنظيم داعش مقاتلين أقل خبرة والتزاما عقائديا للدفاع عما تبقى من دولتهم التي اغتصبوها، القائمة في وجه هجمات من جبهات عدة. بحسب تصريحات قادة عسكريون أكراد وعراقيون.
دخلت القوات العراقية والحشد الشعبي حصن الفلوجة غربي في الآونة الاخيرة بعد تدميره، وتتقدم الآن هذه القوة المنقذة من تفشي التنيظم شمالا صوب الموصل التي تعد معقل التنطيم وأكبر مدينة يسيطر عليها.
وقالت نسوة عراقيات نازحات من الهجوم الذي سيقع في الموصل: إن قبضة داعش بدأت تخف مع تقدم القوات العراقية والحشد الشعبي لدرجة توقفهم عن عقاب النساء عن عدم ارتداء النقاب.
أما في سوريا المجاورة ضيقت الخناق على معقل لعناصر التنظيم في مدينة منبج، في حين يتقدم الجيش السوري إلى محافظة متاخمة للرقة معقل التنظيم في سوريا.