الوقت - في مبادرة ذكية ومدروسة، وضع قائد الثورة الإسلامية الإيرانية النقاط على الحروف حين اقدم على توجيه رسالة مدونة باللغة الانجليزية اصلا، الى الشباب والنخب المثقفة في الغرب، دعاهم فيها الى عدم الانخداع بمحاولات تشويه صورة الاسلام عبر وسلائل الاعلام التي تسيطر عليها سياسات استعمارية، تهدف الى منع الحقيقة الناصعة لوجه الاسلام المشرق، واعطاء صورة مضللة عن هذا الدين الحنيف، وسط مساع حثيثة لابعاد الناس عنه، خاصة جيل الشباب الصاعد .
والمؤكد ان هذا الاجراء يدخل في اطار الفعل وليس ردود الفعل فقط على الاساءات وعمليات التشويه التي يتعرض لها الاسلام من قبل وسائل اعلام غربية تحت عنوان حرية التعبير، حيث وجه قائد الثورة الاسلامية آية الله خامنئي رسالة الى الشباب الغربي تدعوهم للتعرف على حقيقة الاسلام خارج اطار المصالح السياسية لحكوماتهم ومحاولات دوائر غربية ربط ممارسات الجماعات الارهابية بالاسلام الذي جاء رحمة للعالمين .
واشير في مقدمة الرسالة التي وجهت في الاصل باللغة الانجليزية وترجمت إلى لغات أخرى ان سبب توجيهها في هذا الوقت، هو الأحداث الأخيرة في فرنسا، ودول غربية أخرى، الا ان قائد الثورة اكد ان مخاطبة الشباب الاوربي والامريكي جاء بناء على دورهم في صناعة المستقبل وعلى نزعتهم الطبيعية للبحث عن الحقيقة عندما يشعرون انه تم اخفاؤها عنهم بصورة متعمدة، او تم تزييف حقائق قد يبنى عليها تاريخ من الظلم والاساءة .
وقال سماحة القائد بصريح العبارة انه تعمد عدم مخاطبة الساسة الغربيين لانه لا يتوخى منهم الصدق والحقيقة، لافتا الى محاولاتهم إحلال الاسلام والحضارة الاسلامية كعدو للغرب مكان الاتحاد السوفييتي السابق بعد انتهاء الحرب الباردة .
ومن هنا جاء طلب قائد الثورة من الشباب ان يتحروا اسباب اتخاذ الغرب لهذه السياسة واستخدامه الارهابيين كأدوات لتحقيق مصالحه ثم اظهار هؤلاء كممثلين للاسلام، وما هي مصلحة القوى الغربية في الاصرار على تغذية الكراهية والعداء المستمر تجاه المسلمين متسائلا عن الاخطار التي يشعر بها الغرب من نشر قيم الاسلام على صعيد عالمي .
كما دعا مرشد الثورة الشباب الغربي الى التعرف على الاسلام بموضوعية وحيادية عالية اي دراسته من مصادره ومنابعه الاولى من دون الاخذ بما تعرضه وسائل الاعلام او المؤسسات التي قد تتناغم مع نظام الهيمنة الغربي المتسلط على العالم ومن ثم خلق صورة نمطية عن المسلمين لا تمت الى الواقع بصلة .
لتأتي الرسالة اخيرا على امكانية استثمار الشباب لوسائل التواصل المعرفي لكسر الحدود الوهمية والمصطنعة التي اوجدتها مراكز صناعة الفكر والقيم الغربية خلال عقود، لبناء جسور الوعي التي تبدأ من الفرد ومن ثم لتصل الى الجماعة الصغيرة والمجتمع الكبير .
واعتبر ان مثل هذا المسعى الفكري والمعرفي مهم للغاية لتاثيره البالغ على المستقبل، فكما ان مؤرخين وباحثين غربيين اعادوا تقويمهم لماضي الحضارة الغربية وشعروا بالاحباط والخجل ازاء حقب استرقاق البشر واستعمار الشعوب وسفك الدماء باسم الدين او باسم الوطنية والقومية في خضم حربين عالميتين، يمكن لهذه المسعى المدعو له الشباب الغربي بشكل خاص ان يحول دون تكرار تجارب مأساوية وهذه المرة من خلال اساءة غربية متعمدة وظالمة لدين مشهود له تاريخيا بحضارته الانسانية المشرقة، ولكي لا تشعر نخب غربية في المستقبل ذات الشعور بالخجل والندم على سياسات قامت فقط على أحكام مسبقة لتحقيق أهداف ومصالح مادية ليس الا .
ويعتقد الباحثون ان ذلك ياتي فيما بلغت موجة ظاهرة الاسلاموفوبيا في الغرب ذروتها، حيث نشهد اليوم الحكومات والمؤسسات المدنية والصحف والعقل الاوروبي عموما بدأ يخاف الاسلآم على اثر مايشاهدونه في الاعلام الغربي وكذلك في الاعلام الاسلامي والعربي مع الاسف من زاوية سلبية الى حد كبير، خاصة من ممارسات الجماعات التكفيرية المتطرفة المدعومة من قبل الاستخبارات الغربية .