الوقت - بعد فشلها في منع زيادة حجم الصادرات الإيرانية من النفط سعت السعودية لوضع العراقيل أمام مشروع نقل الغاز الإيراني إلى الهند وباكستان المعروف بـ "آي بي".
وبعد توقيع الإتفاق النووي بين طهران ومجموعة (5+1) في تموز / يوليو 2015 والذي تضمن رفع الحظر الإقتصادي المفروض على إيران والذي أغضب السعودية سعت الأخيرة بكل جهدها لمنع عودة إيران القوية إلى سوق الطاقة كما كانت قبل الحظر.
ولا زالت السعودية تحاول بكل وسيلة لمنع إيران من إستعادة مكانتها المعروفة عالمياً في مجال الطاقة لإعتقادها بأن هذا الأمر سيقلص من دورها في هذا المجال خصوصاً مع وجود التنافس الشديد بين الجانبين لتصدر المشهد الإقليمي في قضايا أخرى تتعلق بالجوانب السياسية والإقتصادية والأمنية.
وكانت السعودية قد بذلت جهوداً لمنع توقيع الإتفاق النووي بين طهران والمجموعة السداسية الدولية ومنع رفع الحظر المفروض على إيران الذي يتضمن الحظر المفروض على مبيعاتها من النفط والغاز في الأسواق العالمية للطاقة.
وبعد إخفاقها في إقناع حليفاتها في السداسية الدولية لاسيّما أمريكا بالإمتناع عن توقيع الإتفاق النووي مع إيران هددت الرياض شركات الشحن البحري العالمية بأنها ستمتنع عن توقيع أي إتفاق معها في حال ساهمت بنقل النفط الإيراني المصدر إلى الخارج. كما عمدت الرياض إلى زيادة صادراتها من النفط إلى الدول الأوروبية والآسيوية وخفض أسعاره بدرجة كبيرة للحيلولة دون شراء النفط الإيراني من قبل هذه الدول.
وكانت آخر محاولات السعودية في هذا المجال ما حصل خلال إجتماع الدوحة الذي عقد قبل عدّة أسابيع والذي ضم وزراء النفط والطاقة من 16 دولة منتجة للنفط من داخل أوبك وخارجها حيث رفضت السعودية تثبيت الإنتاج عند مستويات يناير / كانون الثاني الماضي للمساعدة في رفع أسعار الخام بحجة عدم مشاركة إيران في هذا القرار، ما أدى إلى فشل الإجتماع. وكان الهدف من الرفض السعودي بحسب إعتقاد الكثير من المراقبين هو منع عودة أسعار النفط إلى وضعها الطبيعي في الأسواق العالمية وإلحاق الضرر بإيران، ودول أخرى غير حليفة للسعودية.
وكانت طهران قد أعلنت رسمياً في وقت سابق بأنها تدعم أيّ إجراء لزيادة الأسعار، لكنها أشارت كذلك إلى أنها غير مستعدة لخفض صادراتها من النفط لإعتقادها بأن حصّتها من الإنتاج داخل أوبك قد إنخفضت إلى حد كبير بسبب إجراءات الحظر.
ورغم محاولات السعودية لإلحاق الضرر بإيران إستطاعت طهران إقناع العواصم الأوروبية والآسيوية بإستيراد نفطها بعد أن تمكنت من رفع مستوى إنتاجها من 2.8 مليون برميل إلى 3.8 مليون برميل يومياً وزيادة حجم صادراتها من مليون برميل إلى 2.1 مليون برميل يومياً وذلك بعد مدة قصيرة من رفع الحظر الإقتصادي عنها حسب الإتفاق النووي بينها وبين مجموعة (5+1). وهذا الأمر يمثل بحد ذاته هزيمة لسياسة الرياض النفطية ضد طهران.
و سعت السعودية أيضاً إلى حرمان إيران من تصدير غازها الطبيعي إلى منطقة شبه القارة الهندية عبر دعمها لمشروع إنشاء خط أنابيب نقل الغاز من تركمانستان إلى الهند المعروف بمشروع (تابي) وذلك من إجل إفشال مشروع خط أنابيب نقل الغاز الإيراني إلى الهند وباكستان المعروف بمشروع (آي بي). ولكون الهند وباكستان إتفقتا على خفض الخلافات بينهما من أجل توفير الحماية لهذا المشروع أُطلق عليه مشروع (أنابيب السلام).
والمعروف إن خط أنابيب (تابي) الذي يبلغ طوله 1078 ميلاً يبدأ من تركمانستان ويمر بأفغانستان وباكستان قبل أن يصل إلى الهند، وتقدر كلفة تنفيذه ما بين 7.5 و 10 مليارات دولار. وحسب التقديرات الأولية يتسع هذا الخط لنقل 90 مليون متر مكعب من الغاز يومياً؛ أي 30 مليار متر مكعب سنوياً.
ويواجه مشروع (تابي) مشاكل أمنية كبيرة بسبب مروره في أراضي أفغانستان وباكستان المضطربتين، حيث يتعرض لتهديدات مباشرة من قبل الجماعات الإرهابية التي تنشط في هذين البلدين، وهذا الأمر دفع الدول المستفيدة من المشروع إلى إعادة النظر في جدوى تنفيذه، ريثما يتم التوصل إلى صيغة مقبولة من قبل جميع الأطراف المعنية لمعالجة هذه المخاوف. ولهذا يتوقع الكثير من الخبراء في مجال تصدير النفط أن هذا المشروع لن يكتب له النجاح بسبب هذه المشاكل.