الوقت- ليس جديداً الاقتتال بين جماعات الفكر التكفيري في سوريا، فمنذ دخولهم الاراضي السورية بمخطط غربي والاقتتال بينهم قائم فضلاً عن قتلهم المدنيين، لكن البارز اليوم اقتتالهم وقتلهم للمواطنين في وقت ذهبت الحكومة والجيش السوري في هدنة معهم افساحاً بالمجال للمواطنين المحاصرين بالخروج او اتخاذهم التدابير التي تحميهم. من مشاهد الاقتتال بين جماعات الفكر التكفيري ما يحدث في الغوطة الشرقية بريف دمشق والدائر منذ اسبوع تقريباً بين جيش الإسلام من جهة وجيش الفسطاط وفيلق الرحمن من جهة أخرى، والتي خلفت ما يقرب من 300 قتيل بينهم مدنيين، و 1000 معتقل.
كما وشهد جنوب دمشق إطلاق صواريخ وقذائف هاون ما بين جبهة النصرة وداعش تزامناً مع عمليات قنص متبادلة بين الطرفين، وفي ارياف حلب وادلب وحماة ايضاً دارت اشتباكات فصائلية عنيفة ففي مدينة مارع بريف حلب الشمالي استهدف داعش بصواريخ مواقع لمجموعات تكفيرية اخرى، كما وقام مجهولون بزرع عبوة ناسفة بسيارة "أبو حسين جوخة" والذي يعد أحد قضاة ما يدعى القضاء الشرعي التابع للجماعات التكفيرية، في حي الصالحين ما أدى لإصابته بجروح خطيرة. في هذا السياق سنحاول الاشارة الى بعض الأسباب الاساسية التي تقف خلف هذه الصراعات بين الجماعات الارهابیة التي يجمعهم فكر واحد اجرامي تكفيري تدميري.
اولاً: تشير المعلومات الى ان عدد الجماعات التكفيرية او الفصائل التي دخلت الاراضي السورية بلغ ما يقارب ال 400 فصيل، والمسلّم ان كل جماعة او مجموعة فصائل تمثل اجندة دولة خارجية، هذه الدول تسعى لفرض اجندتها على الساحة السورية من خلال فصائلها، وبالتالي هو صراع التمدد وبسط النفوذ، خاصة وان هناك تباين في المصالح بين القوى الدولية وهو ما يترجم حدة الإحتقان بين الجماعات التكفيرية.
ثانياً: تعدد الجماعات التكفيرية على الاراضي السورية وان كان في ظاهره عامل ضعف وتشتت لهذه الجماعات في مواجهة الشعب السوري واسقاط حكومته، الا ان واقع الامر وحقيقته يشير الى المخطط الغربي المراد لسوريا، فالغرب يريد لكل جماعة تسيطر على بقعة جغرافية سورية على تناقض مع باقي الجماعات التكفيرية الاخرى، وبالتالي فإن تشرذمها من شأنه يعزز واقع الانقسام، إذن هي محاولة لتأجيج الصراع ودفعه الى نقطة لا رجعة منها.
ثالثاً: فكر الجماعات التكفيرية هو فكر قائم على القتل والاجرام والتدمير، فموجة التحريض الاعلامية والسياسية التي عمل عليها المحور الغربي الاستعماري طوال السنوات الماضية والضخ المالي تمكنا من حشد خفيفي العقول ورجالات انظمة دكتاتورية سابقة كصدام حسين، وبالتالي ففكر هؤلاء متناغم ومنسجم مع ما يريده الغرب من فوضى ودمار، فهم ليسوا بحاجة الى كثير من اشراف الغرب الاستعماري لينفذوا المخطط، خاصة اولئك الصداميون واشباههم ممن فقدوا دكتاتوريتهم بإرادة شعبية، لترتسم امامهم فرصة الانتقام من خلال جماعات التكفير هذه التي انشأها ويرعاها الغرب.
رابعاً: كل جماعة تكفيرية دخلت الاراضي السورية ترى ان مزيد من سيطرتها على الاراضي السورية وتفوقها على باقي الجماعات التكفيرية الاخرى من شأنه ان يدفع القوى الغربية والاقليمية المتآمرة لتقديم المزيد من الدعم لها وترجيحها على باقي الخيارات الاخرى. كما لا يمكن اغفال موجة التخوين القائمة داخل كل جماعة والتي يرشح عنها جماعات متعددة وانفصالات فيما بعد، موجة التخوين هذه ركيزتها الاساس وفق المعطيات الموجودة الاموال القادمة وآلية توزيعها وتحاصصها فيما بين زعماء هذه الجماعات.
كما ان عامل الاختلافات العقائدية والايديولوجية بين الجماعات المختلفة هو احد محفزات هذا الصراع، فصحيح ان الجامع بينهم هو فكر التكفير والاجرام والتدمير، لكن العقلية التي قامت عليها هذه الجماعات وحدها كفيلة لأن تجعل من ابسط الامور والاختلافات خلافات بينهم وتعدد في الآراء والتوجهات، ولهذا نرى ان كل زعيم فصيل او جماعة قد بنى لنفسه ولعناصره عقيدة وايديولوجية في التفكير، تجدر الاشارة الى ان اغلب زعماء هذه الجماعات الارهابیة هم ممن امضوا سنوات في السجون.