الوقت- تعاني السعودية اليوم من نقص حاد في السيولة والإيرادات في مقابل إرتفاع الإنفاق الحكومي، فعدم تناسب الموارد مع المخارج أدى إلى بدايات أزمة مالية كبيرة يمكن أن تتأزم لتصل بالسعودية إلى حد الإفلاس والانهيار الاقتصادي إذا ما استمرت على سياساتها الحالية المتبعة، حيث تحظى السياسة الخارجية واتساع النفوذ في المنطقة وسباق التسلح بأهمية أكبر من الداخل لدى الفئة الحاكمة في السعودية.
استخدمت السعودية النفط كسلاحٍ فعال استطاعت أن تحقق من خلاله مصالحها وأهدافها عن طريق بيعه لبعض الدول بأسعار أرخص من تلك التي تباع في الأسواق العالمية من أجل شراء بعض السياسيين والمسؤولين في دولٍ عديدة وأهمها أمريكا وفرنسا وبريطانيا حيث كان للنفط والمال السعودي التأثير الأكبر على العلاقات بين تلك الدول والسعودية، إذ لم تفوت السعودية فرصة إلا واستخدمت سلاح النفط تارة للضغط والتهديد وتارة أخرة لكسب التأييد والدعم.
يعود سبب هبوط أسعار النفط الذي تشهده السوق النفطية إلى استخدام السعودية هذا السلاح هذه المرة للضغط على كل من روسيا وإيران والحد من قدرتهما وجعلهما تغرقان في ديون وأزمات اقتصادية تمنعهما من التدخل في بعض أزمات المنطقة والانكفاء إلى داخل حدودهما حسب زعمها، إلا أن الرياح لم تجري بما تشتهي السعودية فكانت المملكة أكبر الخاسرين بالمقارنة مع منتجي النفط في منظمة أوبك نظراً لحجم الصادرات السعودية الضخمة من النفط الخام.
استخدام الملك سلمان والجيل الشاب لسياسة عرض العضلات واستخدام القوة في حل بعض مشكلات المنطقة كالحرب على اليمن التي أنهت عامها الأول ولم تنتهي والحرب السورية المفتوحة على جميع الإحتمالات بالإضافة إلى تدخل السعودية في دول أخرى لتحقيق أهداف سياسية، والإنفاق الحكومي الضخم على السلاح ودعم المجموعات الإرهابية في سوريا بجميع أنواع الأسلحة، شكلت جميعها عوامل ضغط أخرى إلى جانب عامل النفط على الاقتصاد السعودي المتعلق إلى حد كبير بموارد النفط، الأمر الذي أدى إلى عجز ضخم في ميزانية عام 2016 وصل إلى مايقارب الـ100 مليار دولار أمريكي.
لم يولي الساسة في السعودية أهمية للأزمة المالية التي تعصف في البلاد بل على عكس استمروا بفتح مخازن السلاح لديهم للجماعات الإرهابية التي تقاتل في سورية وقاموا بتوقيع العديد من العقود لشراء أسلحة متطورة وتزويد المعارضة السورية المسلحة بها ومن ضمنها أسلحة فتاكة وصواريخ مضادة للطائرات، إلى جانب القنابل العنقودية والصواريخ المدمرة التي نضبت من مخازنها بسبب الحرب على اليمن واستخدامها لتدمير الدول الإسلامية وبنيتها التحتية كما حصل في سورية والعراق.
سعيّ السعودية إلى التدخل في شؤون الدول العربية ظناً منها أنها تحارب التمدد الإيراني وعدم قبولها لزيادة أسعار النفط، واستمرارها في شراء المعدات والاسلحة العسكرية بالإضافة إلى اتخاذ الحكومة السعودية سياسة داخلية غلب عليها التقشف وخفض الإنفاق الحكومي أدى إلى إفلاس العديد من الشركات السعودية وسعيّ بعضها إلى طرد موظفيها والتأخير في دفع رواتبهم لتجنب الإفلاس.
حيث قامت شركة بن لادن السعودية للمقاولات وهي ثاني أكبر شركة مقاولات في العالم بالإعلان عن فصل أكثر من 50 ألف موظف من موظفيها بسبب العجز المالي الذي يعود إلى تخفيض السعودية الإنفاق الحكومي وخفض الميزانية مما أدي إلى توقف العديد من المشاريع التي كانت تعمل عليها شركة بن لادن.
عجز الحكومة السعودية عن تمويل المشاريع أدى إلى ركود في السوق السعودية وهذا بدوره انعكس سلباً على جميع الشركات السعودية ومنها شركة بن لادن مما اضطر الأخيرة إلى التأخير في دفع أجور العاملين لديها مما أدى إلى ازدياد الأمر سوءاً وتعقيداً، لجأ عمال الشركة إلى التظاهر أمام مكاتب الشركة مطالبين بدفع أجورهم ولجأ المتظاهرون إلى إحراق العديد من السيارات التابعة للشركة، الأمر الذي أحرج أضخم شركة في السعودي إلى حدٍ كبير.
ازدهرت بن لادن إبان الطفرة الاقتصادية السعودية في السنوات العشر الأخيرة ووظفت نحو 200 ألف عامل مع تشييدها الكثير من مشاريع البنية التحتية الكبرى في المملكة مثل المطارات والطرق وناطحات السحاب.
ولكن شأنها شأن الكثير من شركات البناء الأخرى في السعودية تضررت المجموعة كثيراً في السنة الأخيرة جراء تدني أسعار النفط وزيادة الإنفاق العسكري الأمر الذي دفع الحكومة إلى خفض إنفاقها في مسعى لها لتقليص عجز الموازنة الذي قارب 100 مليار دولار العام الماضي.