الوقت- أحداث قاسية عاشتها فرنسا, يجمع العالم المترقب بخوف , أن تداعياتها لن تتوقف عند حدود الضحايا التي سقطت, ولن تلتزم حدود الدولة الفرنسية.
داعش الوحش العالمي الجديد , تبنى العملية التي طالت صحيفة تشارلي , وقال أنها تأتي في سياق الرد على الاساءة للرسول الاكرم (ص) التي قامت بها الصحيفة منذ قرابة العام .
في المقابل ردود فعل من اطراف اسلامية وغيرها أدانت ما حصل , وأكدت أن العمل الذي وقع إنما هو عمل ارهابي يسيء الى الاسلام والمسلمين تماما وذكرت بان الأعمال التي قامت بها الصحيفة استفزت مشاعر المسلمين في العالم , وأعطت ذريعة للارهاب لاقتناص الفرصة .
رعاة الإرهاب تحرقهم نيران أطفالهم العابثين:
يستوقفني كلام , أول من أشار اليه , كان سماحة السيد علي الخامنئي (دام ظله) حين توجه للغرب والدول الغربية التي تدعم الارهاب وحركات التكفير في قتالها في سوريا ومعها بعض الدول العربي, ولفتهم الى أن صنع الارهاب ودعمه لقتال النظام السوري وحلفائه واستجرار المقاتلين من العالم الغربي و من ليبيا ومصر والعراق واليمن , انما هو أكبر خطأ يرتكبونه ونتائجه لن يكونون بمأمن منها وستنقلب هذه الحركات ونشاطاتها لتمس أمن هذه الدول في عقر دارها في قادم الأيام !!
فالدول الغربية لطالما جاهرت بدعم المجموعات الارهابية في بادئ الأحداث السورية ودعمت هذه الحركات بالمال والعتاد والتدريب والمعلومات ورعتها , ووجهتها بهدف ازالة نظام بشار الأسد في سوريا ومواجهة تيار الممانعة الذي تقوده ايران في العراق ولبنان واليمن وغيره .
مصاديق سريعة لتحذيرات صدرت من رجل السياسة الأول:
بالفعل لم تمض فترات طويلة , حتى وجدت تحذيرات القائد مصاديقا واقعية , حيث سجلت مؤخرا عمليات تفجير في السعودية على الحدود مع العراق استهدفت كبار الضباط الذي لقي مصرعه مع عدد مرافق له .
وكذلك في اسبانيا تمكنت شرطة مدريد منذ اشهر ، من إحباط محاولة لتفجير محطة أتوتشا، وهي مركز انطلاق قطارات المترو في العاصمة الاسبانية , وألقت القبض على مغربي .
وصولا الى جديد الاحداث الفرنسية التي جرت مؤخرا عبر الهجوم المسلح الذي تبنته داعش على صحيفة شارلي ايبدو وقتل 12 من الموظفين , تلاها اطلاق رصاص على شرطيين أحدهما بحال الخطر في باريس ايضا , حيث تم القاء القبض على احد منفذي الهجوم وتحديد هوية ومكان شخصين اخرين تقوم السلطات بملاحقتهما , ليتبعها قتل 4 رهائن في متجر الأطعمة اليهودية في باريس أيضا .
ردات فعل مقابلة في الشارع الغربي تحمل مؤشرات خطيرة جدا:
حادث فرنسا الارهابي , قابله ظهور ردات فعل خطيرة جدا من المجتمع الفرنسي , تحمل آثارا مستقبلية شديدة الحساسية , تمثلت باطلاق نار على مساجد في مناطق متعددة من فرنسا على خلفية الاحداث , وهذه الحوادث تظهر أن المجتمع الفرنسي بدأ يتوجه الى التسلح الفردي والجماعي خارج اطار الدولة وهي ظاهرة لها دلالات خاصة في مجتمع اوروبي.
احداث فرنسا ليست الظاهرة الاولى للتطرف المقابل , فقد سبق ما يؤكد هذا التوجه داخل المجتمع الاوروبي مؤشرات اخرى تحملها احداث حرق المساجد وتفجير السيارات في السويد التي حصلت منذ مدة قريبة طالت المساجد والاحياء التي يتواجد فيها المسلمون وكتابة شعارات متطرفة مسيئة بحق الملسمين , هذا وتشهد السويد تحركا مناهضا للمسلمين منذ بداية ظهور مظاهرات فجرها اليمين المتطرف والنازيين الجدد في السويد في وقت سابق من العام الجاري، حيث شهدت مدينة ايسكيلستونا الذي حدث فيها حرق المسجد، صدامات واحتجاجات لمعارضة سياسة اللجوء في السويد التي ترحب باللاجئين المسلمين من سوريا ودول أخرى.
ألمانيا الدولة التي تحتضن ايضا عددا كبيرا من المسلمين , شهدت خلال السنوات الأخيرة أيضا، جريمة قتل مروة الشربينى عام 2009 في قاعة محكمة مدينة دريسدن، على يد يميني متطرف، ومن بعدها مقتل 8 أتراك على يد عناصر منظمة “الأساس القومي الاشتراكي” اليمينية المتطرفة والمعروفة باسم “خلية تسيفكاو”، وكانت من الحركات التي عطلت ومنعت بناء المساجد بألمانيا حتى لا ينتشر الإسلام. كما برزت على الساحة حركة “بيجيدا” التي أثرت في أكثر من عشرة آلاف شخص شاركوا في مظاهرة نظمتها في مدينة درسدن الألمانية.
عوامل ترفع مستوى التطرف العالمي :
إن لعبة اشعال الشرق الأوسط لصياغته بحلة جديدة, التي سبقتها حرب افغانستان والعراق , وما نتج عنها من صراعات طائفية زكتها الدول الغربية التي احتلت العراق لخدمة مصالحها , ليتبعها ما سمي بالثورات العربية وما خلفته من ظهور للتيارات المتطرفة المقاتلة, وما نتج عنها من حركة استقطاب كبير جدا تم من خلال الدور السعودي القطري والرعاية الغربية والامريكية والاسرائيلية , التي لم يعد خفيا ضلوعها في تدريب واعداد ومساعدة هذه التيارات في لعبة تنكرها في العلن وتمارسها في ما تعتقد أنه في الخفاء !!
فظهور بل تنمية وصناعة التطرف في الساحات الاسلامية بحجة قتال الانظمة الممانعة للسياسة الغربية عموما , بات يهدد المجتمعات الغربية نفسها التي تغرق يوما بعد يوم في عتمة الارهاب الذي صنعته ورعته !!
بالتزامن مع هدف اخر خطير تديره التغطية الاعلامية الغربية عبر التضليل والتشويه في صورة الاسلام التي تنقل للمجتمع الاوروبي , حيث لا تميز هذه الوسائل الاعلامية في حديثها بين التيارات التكفيرية التي تعتبر ظاهرة منبوذة من المسلمين انفسهم وبين التيارات الاسلامية المعتدلة والمتعايشة مع الغير بسلام , في خطة خبيثة ممنهجة لتشويه صورة الاسلام والمسليمن واظهار الدين الاسلامي دينا عنيفا يشكل خطورة على المجتمعات الاخرى.
وهذا ما يعكس في المقابل تطرفا يهوديا ومسيحيا دينيا,كردة فعل طبيعية تنتهجها تلك المجتمعات التي تشاهد تطرفا يقطع الرؤوس ويدعو لاجتياحها, في سلوك اجتماعي مقابل لحفظ تواجدها وأمنها.
عصر صراعات دينية خطيرة حول العالم :
نتاج سياسات الغرب المتذاكية , حرب مفتوحة ستشهد تكررا لمثل احداث فرنسا , مستقبلا في مختلف الدول , واعتداءات ستدونها سجلات الأحداث, حيث تتواجد القوى المتطرفة التي تدعي الاسلام ومن يقابلها من التطرف المسيحي الغربي , وستفتح الاحتمالات على صراعات , ستكلف المسلمين المعتدلين ثمنا باهظا ظالما لهم , فيضيع حق المسلم المنضبط المسالم مع المندس والمشوه والعدائي التكفيري وما يتبع ذلك من تضرر لمصالح المسلمين وعزلة من محيطهم الذي كان يحترم خصوصياتهم الاسلامية قبل ظهور الحركات التكفيرية والصحف المندسة والمتآمرة . في المقابل صراعات دامية اتنية, ستستنزف الدول الغربية وتهز امنها وتضرب كل الجهود التي كانت تبذلها لنشر ثقافة السلام والتعايش المشترك ولو ظاهرا... إنها باختصار لعبة من ربى أفعى ليقتل الأسد , فلسعته الأفعى .. مات .. فأكله الأسد !!
فما مستقبل اوروبا والعالم المتداخل ديموغرافيا واتنيا وسط تطرف أعمى لا تشبعه الا الدماء ؟؟ ومن بدأ بلعبة الارهاب وصناعته , أين سيقف في مواجهة وحش مهجن فقد مستنسخه السيطرة عليه ؟؟ وما هو الدور اليهودي الاسرائيلي من نزاع يحمله التطرف الاسلامي مقابل تطرف مسيحي يحجب النظر عن اسرائيل ومجتمعها المتطرف الدموي ؟؟ هل هي لعبة صراع الاديان التي قديما عهدها العالم بأصابع الفتنة اليهودية العابثة وراء الستار ؟؟