الوقت- عرفت اوساط المجتمع الدولي منذ سنوات ما سمي بـ"حق الفيتو" ، و هو حق یسمح للدول دائمة العضویة، وهم روسیا والصین وبریطانیا وفرنسا وامیرکا، الاعتراض علی اي مشروع قرار يقدم لمجلس الامن دون ابداء اسباب. و تستفید الدول الدائمة العضویة من هذا الحق ضد اي قرار لا یصب ضمن اطار مصلحتها الشخصیة، فلا مانع کون عدم اقراره یضر بالدول الصغیرة او الکبیرة علی حد سواء، فالمهم فقط مصالح الدولة الاساسیة او مصالح اصدقائها. ولا شک ان "الفیتو" الامیریکي سیصب، کما اغلب قراراتها، في خزان المصالح الاسرائیلیة. فماذا عن الفیتو الجدید؟
الملفت ان لفظ "فيتو" لم یرد في میثاق الامم المتحدة، بل ورد لفظ "حق الاعتراض" و هو في الواقع لا یتعدی کونه "حق اجهاض" لقرار المجلس و ليس مجرد اعتراض. إذ يكفي اعتراض اي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائيا.حتى و إن كان مقبولا من الدول الاربعة عشر الاخری.
استفادت الحکومة الامیریکیة من الفیتو حوالي 80 مرة، من بینها 41 مرة کانت لاجهاض مشاریع قرارات ادانة ممارسات الکیان الصهیوني في المنطقة العربية، کان اولها عام 1972، و کان من بين هذه القرارات 30 قرارا تخدم المصالح الاسرائیلیة لاجهاض المساعي المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
الاستخدام الاخیر للفیتو الامیریکي ضد القرارات التي لا تصب في مصلحة الکیان الصهیوني لم یکن بعیدا. و کما هي العادة فالمصالح الاسرائیلیة هي الاساس عند الامیریکیین. وها هي الیوم تستفید من هذا الحق "الدکتاتوري" لرفض مشروع القرار الاردني لانهاء الاحتلال الیهودي لاراضي العام 1967.
مشروع القرار الاردني و الذي قدم باسم المجموعة العربیة في الامم المتحدة ینص على التوصل خلال سنة الى اتفاق سلام بين الفلسطينيين و الدولة العبرية. كما ينص على انسحاب "اسرائيل" من كامل الاراضي المحتلة عام 67 قبل نهاية العام 2017. على أن يستند أي حل يتم التوصل إليه من خلال التفاوض إلى عدة عوامل واتفاقات أمنية و تعریف القدس كعاصمة مشتركة للدولتين. كما يدعو المشروع ايضا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، إلى التوقف عن اي اجراءات أحادية و غير قانونية بما في ذلك الانشطة الاستيطانية الاسرائيلية .
مشروع القرار کما کل القرارات التي لا تخدم المصالح الاسرائیلیة واجهته معارضة أمريكية، فاعتبرت واشنطن الخطوة أحادية الجانب، مضیفة أن أي حل بين الکیان الصهیوني والفلسطينيين يجب ان يكون عن طريق المفاوضات المتوقفة منذ نهاية شهر اذار الماضي.
مشروع القرار لم یلق الصدی اللازم في مجلس الامن، و کما هي العادة اطلقت امریکا العنان لرفضها القاطع للمشروع مظهرة من جدید عدم تقبلها لاي فکرة تدعم الاستقلال الفلسطیني. ضاربة بعرض الحائط کل ما یمکن کتابته عن صداقة امریکیة عربیة لا تخدم الدولة الیهودیة.
الفیتو الامیرکي - الصهیوني قابله اعتراض في الاوساط الفلسطینیة، فقد أكد مسؤولون فلسطينيون أن الرئیس الفلسطیني محمود عباس سيوقع طلب الانضمام الى محكمة لاهاي بعد رفض مشروع القرار لانهاء الاحتلال الاسرائيلي في مجلس الأمن.
في المقابل، أعرب الكيان الصهيوني عن "ارتياحه" لرفض مجلس الأمن الدولي اعتماد مشروع القرار الفلسطيني العربي الذي يدعو الى انهاء احتلال الأراضي الفلسطينية . وقال نائب وزير الخارجية الاسرائيلي تساحي هنقبي للإذاعة العامة: "كل اسرائيلي يرغب بالسلام مع جيراننا لا يمكن إلا أن يكون مرتاحا لنتائج هذا التصویت".
وأضاف هنقبي، المقرب من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، "هذا التصويت وجه ضربة لجهود (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس لاغراقنا في الاحراج وعزلنا" معتبرا انه "انتصار للمقاربة الاسرائيلية التي تقوم على اساس أن المفاوضات المباشرة وحدها وبدون شروط مسبقة يمكن أن تتيح الوصول اذا كان ذلك ممكنا الى تسوية تاريخية".
من جهته، راى وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ان "فشل مشروع القرار يجب ان يوجه رسالة للفلسطينيين بان الاستفزازات ومحاولات فرض اجراءات احادية الجانب على اسرائيل لن تؤدي الى نتيجة".
الفیتو الامیرکي اذن، کعادته یخدم المصالح الاسرائیلیة و یمنع اصحاب الدار من التمتع بحریة دیارهم. ویسقط اقنعة السلام عن کل وجه صهیوني- امیریکي، فالشعب الفلسطیني والدولة الفلسطینیة لم تکن یوما علی سلم الاولویات الامیریکي، و نظریة "حق الشعب" لا تطبق اذا کان المحتل یهودیا، وملخص الکلام الامریکي "یا اعراب العالم مهما کان عنوان صداقتکم لنا ستبقی اسرائیل طفلنا المدلل"..