الوقت - لا زالت الفضيحة التي كشف عنها رئيس لجنة الاتصالات النيابية النائب حسن فضل حول وجود شبكة انترنت غير شرعية رديفة لشبكة الدولة تتوالى فصولا، وخصوصا بعد تأكيد وزير الاتصالات بطرس حرب الأمر واصفا الشبكة بأنها كاملة الأوصاف وتشكل تعديا ثلاثي الأبعاد على حد قوله للسيادة اللبنانية، فهو خرق أمني واقتصادي وسياسي في نفس الوقت.
هذا وقد زاد الاهتمام بهذا الموضوع على أعلى المستويات، فلجنة الاعلام والاتصالات وضعت الملف كبند وحيد على جدول أعمالها الأسبوع المقبل مع تشديد الرئيس نبيه بري على متابعة الفضيحة التي لا تقف عند حدود الخسائر المادية بل تتعداها للمس بسيادة لبنان وأمنه خصوصا لجهة وجود شركات اسرائيلية على خط هذا الاعتداء الصارخ.
وحول ضخامة حجم الانتهاك تؤكد مصادر متابعة للتحقيقات بأن الفترة الزمنية التي دخلت فيها هذه المعدات العالية التقنية كان لا بد من الحصول لها على ترخيص من مديرية الاستثمار الداخلي في وزارة الاتصالات. والتحقيقات جارية لمعرفة الجهة التي ساهمت في تسهيل مرور هذه الأجهزة إضافة إلى تحديد المعبر الحدودي الذي تم تمرير الأجهزة عبره. كما تسعى التحقيقات الجارية إلى تحديد مستوى الخرق الأمني الذي تم وحجم المعلومات التي انتقلت عبر هذه الشبكة من وإلى لبنان خاصة أن وزارات ومؤسسات وأجهزة رسمية لبنانية منها أجهزة أمنية كانت تستفيد من نفس هذه الشبكة خلال الأعوام الماضية. والأخطر أن بعض هذه الجهات الرسمية كانت تستفيد من إنترنت مجاني مقدم من بعض هذه الشركات إضافة إلى التدني بشكل عام في كلفة الخدمات التي تقدمها هذه الشبكة بشكل يثير الريبة، حيث أن كلفة خدماتها كانت أقل من الكلفة الاقتصادية للتشغيل مما يؤكد أن هذه الشركات كانت تشتري الانترنت من الخارج بالمجان ويؤكد أيضا التهديد المباشر للأمن القومي اللبناني، خاصة أن المعلومات تشير إلى ضلوع أكيد لشركات اسرائيلية إضافة لوجود أسماء لأشخاص متهمين سابقا بالتعامل مع الکيان الاسرائيلي وخصوصا في الشبكة التي عرفت سابقا بشبكة الباروك والتي اكتشف أمرها بين عامي 2009 و2010 م.
وبالعودة إلى شبكة الباروك التي تم مصادرة معداتها في حينها فتؤكد مصادر مطلعة على مجريات التحقيق أنه وبقدرة قادرة تم إخراج جزء كبير من المعدات التي صودرت في حينها وإعادتها إلى التشغيل. ناهيك عن لفلفة الموضوع في حينها على الطريقة اللبنانية. وخاصة أن المتهمين في حينها بالتعامل مع الکيان الإسرائيلي وشراء أجهزة اسرائيلية الصنع والتعامل مع شركة اتصالات اسرائيلية مقرها في حيفا قد تم اخراجهم فيما بعد بقدرة قادرة أيضا، ليُكتشف حاليا أن هذه الأجهزة تعمل ضمن الشبكة المكتشفة حاليا والأشخاص أنفسهم هم المشغلون أيضا.
والأخطر من ذلك ما تناقلته بعض الأوساط اللبنانية عن تدخل من السفارة الأمريكية لدى جهات لبنانية سياسية وقضائية لصالح أشخاص مرتبطين بها وذلك للافراج عن تجهيزات شبكة الباروك في ذلك الوقت.
وفي نفس السياق يطرح وزير العمل السابق شربل نحاس عدة اسئلة حول الجهات التي تقف وراء الأشخاص والشركات التي قامت بتركيب هذه المنظومة في أعالي جبال لبنان. خاصة أن هذه المنظومة ليست قابلة للإخفاء عن أعين الدولة وأجهزتها الأمنية فلا بد أن ورشة عمل ضخمة قد شاركت في تجهيز محطات الاستقبال والارسال في تربل البقاعية. ورشة تتضمن شاحنات وجرافات وورش بناء. فلا بد اذا أن هناك غطاءً سياسياً وأمنياً لهذه العملية.
وتقنيا يؤكد خبراء الاتصالات أن الدولة اللبنانية قادرة على تشخيص وجود هذه الشبكة غير الشرعية على أراضيها من خلال أجهزة رصد تستخدمها لاستقبال كل الترددات التي تدور في سماء لبنان، ومن خلال مقارنة بسيطة مع الاشارات والترددات الشرعية المعرفة لديها يمكن لها أن تكتشف وجود هذه الشبكات غير الشرعية. مما يثير الشك بوجود غطاء ما لهكذا شبكات يمنع وزارة الاتصالات والأجهزة المعنية من الكشف عنها، إلى أن اكتشف أمرها من قبل لجنة الاعلام والاتصالات وفضحها على الرأي العام اللبناني من قبل النائب حسن فضل الله.
ولكن العجيب أنه إلى الساعة لم يتم ذكر اسم واحد لشخصية متواطئة في هذا الأمر. فهل سيتم كشف كل تفاصيل هذه الشبكة وفضح الجهات والأسماء التي تقف وراءها أم أن الملف سيتم لفلفته كما يتم عادة على الطريقة اللبنانية، حيث أنه جرت العادة أن تكون اليد العليا لسلطة المال والسياسة واللوبيات الداخلية والخارجية المؤثرة في القرار اللبناني.