الوقت- التجنيس يعتبر جريمة تطهير طائفي من الناحية الحقوقية، واستنساخ لتجارب الاستعمار وفق النظرة السياسية، وخيانة عظمى وفق المبادئ الوطنية و منذ مطلع العام 2012 دأب نظام آل خليفة البحريني على التجنيس السياسي بشكل واسع لايجاد تغيير ديموغرافي ـ طائفي .
السلطات الخليفية التي تسعى الى "أسرلة البحرين"، تكرر تطبيق النموذج البريطاني الذي طبق في دولة جنوب افريقيا ذات الغالبية السمراء، وذلك باستجلاب البيض إلى هذا البلد ليصبحوا الأكثرية، من أجل صناديق الاقتراع"، ما يعني استعمار استيطاني وفق معايير الأمم المتحدة .
تغيير ديمغرافي
يبلغ تعداد سكان البحرين مليوناً ومئتين وثلاثين ألفاً، من بينهم أقل من 570 ألف مواطن حسب إحصائيات عام 2011. توطين الأجانب الذي يشرف عليه ضباط أمن بحرينيون مرتبطين مباشرة بالملك، كان يجري بأعداد قليلة، وكان يشمل عمالاً أجانب، وخصوصاً من بنغلادش أو الهند وباكستان والأردن واليمن، لكن الحراك السلمي لشعب البحرين المتواصل منذ مطلع عام 2011، المطالب بتعديل الدستور لتمكين الأكثرية البحرينية من أن تتمثل في المؤسسات الدستورية تبعاً للتوزيع الواقعي القائم، واجهته السلطة الحاكمة بهجوم استيطاني قدرته مصادر عربية على علاقة مباشرة بالملف بمئة ألف شخص على الأقل، لكن المخطط المتبع يرمي إلی توطين نحو مئتي ألف مواطن.الاستهداف الديمغرافي"، المخالف للقانون الدولي، كونه يحوي استهدافاً متعمداً لمجموعة من السكان، مخالف أيضاً للدستور البحريني "ولقانون الجنسية الصادر في العام 1963 الذي يضع شروطاً للتجنيس منها الاقامة في البحرين مدة 15 سنة للعرب و20 سنة لغير العرب، وهذا لا ينطبق على المجنسين .
يرق هذا الفعل الى الجريمة في البحرين، لأن النظام هناك لا يتفاعل مع السكان الأصليين كشركاء للوطن"، بل على أساس "عقيدة الغنيمة والاستحواذ" التي فتحت باب التجنيس، خاصةً أن التهديدات التي تفرزها هذه السياسة الخبيثة تطال الحق السياسي لأبناء البلد الأصليين، والحق الاقتصادي في توفير العمل والوظائف، والحق الاجتماعي من طبابة وتعليم .
حمد يعترف بعد تحقيق هدفه
يحاول النظام البحريني دائماً تبرير ما يقوم به من تجنيس، كما يحاول إعطاء الناس معلومات مضللة وغير حقيقية لتقليل الأعداد والأرقام التي سيصعق بها شعب البحرين، وقد شكلت معاييرعملية التجنيس محور جدل شديد بين النظام الخليفي والمعارضة السلمية على مدى السنوات الخمس الماضية .
الكلمة الفصل في سياسة التجنيس كانت على لسان رأس الهرم في النظام، فقد قال الملك حمد في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للبرلمان "لقد أثبتت الممارسة في مجال التجنيس أنه من غير المعقول أن ينتمي إنسان إلى بوتقة الهوية الوطنية البحرينية التي نعتز بها جميعا إلا إذا كان متشبعا بالروح الوطنية البحرينية العالية طبعا وأخلاقا وسلوكا ".
ودعا حمد إلى "احترام القانون الذي هو أساس تلك الروح العريقة وأن يكون لحامل الجنسية البحرينية انتماء والوطن بحاجة إليه وفي أضيق الحدود عددا وذلك ما يجب الالتزام به ".
اعترافات الملك المتأخرة جاءت بعد تحقيق أهداف نظامه بتجنيس ما بين 95 ألفاً إلى 120 ألف مجنس(المعلومات الصادرة عن السجل السكاني في البحرين تفيد بأن عدد السكان في البحرين في 2027 سيصل إلى المليونين نسمة وهي زيادة غير طبيعية قياساً بعدد السكان الأصليين ونسبة المواليد)، هدفت الى جلب أنظار المعارضة من ناحية، ولاداركه مدى خطر سياسية التجنيس القائمة على النظام نفسه من ناحية أخرى .
مخاطر التجنيس
تكمن مخاطر التجنيس في العديد من الملفات المعيشية التي تلامس الحياة اليومية للمواطن، وتعتبر الهوية البحرينية من أخطر الأمور المتأثرة بما يحدث من تجنيس، حيث أن هويتها الحضارية مهددة بالتغيير وهاهو المجتمع البحريني تتفاقم فيه الجرائم البشعة من قتل وسرقة بالإكراه واغتصابات جماعية والمتهم الوحيد "مجنّس سياسياً ".
أما بالنسبة للملفات المعيشية فحدث ولا حرج، ففي التوظيف مثلاُ، أجيال المستقبل من المواطنين الأصليين ستعاني من شح الوظائف الحكومية والعسكرية وذلك لأن الدولة ستضطر لامتصاص العدد الكبير من المجنسين. أما بالنسبة للإسكان، فالمواطن الذي ينتظر الخمس والعشر والخمسة عشر سنة للحصول على وحده سكنية، حظه التعيس أوفر من حظ الأجيال القادمة التي لن تكون احتمالية الانتظار واردة لديها، وذلك لأن أولوية التوزيع ستقتصر على الفئة المجنسة التي ستكون وقتها هي المقربة من الحكم .
الأمر ذاته فيما يتعلق بالحصول على الخدمات الصحية فالمراكز الصحية لا تتحمل هذا الكم الهائل من المراجعين الذي يتزايد يومياً، ومستشفى السلمانية الطبي (المصمم لخدمة نصف مليون من السكان) يتلقى حالات فوق قدرته الاستيعابية لدرجة أن الأسرة بدأت تُصَغَر وتُحشَر في الأقسام فلا يجد المواطن خياراً أفضل إلا في المستشفيات والعيادات الخاصة .
هولاء مجنسيكم !
لا شك في أن الحوادث والاعتداء المتكررة التي يعيشها المجتمع البحريني وتنشرالصحافة جزءاً منها والتي قام بها بعض من منحوا الجنسية مؤخرا،ً كشفت حجم الكارثة التي ستعيشها البحرين إن استمرت السلطة في سياسة التجنيس السياسي .
ما تم التحذير منه سابقاً ومنذ فترات قريبة من عواقب التجنيس وآثاره ونتائجه الوخيمة يحصل اليوم بشكل واضح دون تشكيك وبشكل غير قابل للدفاع عنه، فمجموعة مجنسين يعتدون على طفل وبعد سجنهم يعتدون على من في السجن معهم، ومتهم آخر يعتدي على نزيل في الطب النفسي، وثالث يهرب من المحكمة بمساعدة قريبه الشرطي بعد تهديده لفتاة،ورابع يسرق ثلاث مصارف في ثلاث أيام، وخامس يقوم بعمليتي سطو مسلح خلال يومين، وسادس وسابع وقائمة تطول عنوانها واحد " المجنس السياسي"، فهل يستحق الجنسية البحرينية من يقوم بتلك الأعمال المشينة التي أثارت استياء جميع المواطنين؟ وهل تنتظر الحكومة المزيد من الجرائم لتقتنع مجدداً بأن هذه السياسة عقيمة ولن تجلب لها الاّ الويلات والدمار .
اذاً، يجمع شعب البحرين بكافة أطيافه ان سياسة التجنيس لم ولن تجلب على البلاد إلا الويلات والحوادث المأساوية البعيدة عن الحس الإنساني والبعيدة عن أخلاق وإرث البحرينيين، مما يعد تغييراً لهوية البلد وأخلاقيات أبناءه وسمعة الشعب الطيب المتسامح في أوساط الشعوب .
التجنيس السياسي يدق المسمار الأخير في نعش النظام الخليفي، فصحيح أن الجرائم والسرقات التي يرتكبها المجنسون في البحرين خطيرة ولا تعد ولا تحصى، لكن الخطر الأكبر هو الحرب الأهلية، فما من دولة اعتمدت هذا الأمر إلا وذهبت إلى حرب أهلية"، وما جرى في كركوك العراق وجزيرة القرم، وما يرتكبه العدو الاسرائيلي من استقدام اليهود إلى فلسطين المحتلة، ليحلوا مكان سكانها الأصليين الاخير دليل على ذلك، فاعتبروا يا أولي الألباب !