الوقت – لقد اثار انتشار فيلم عن مناظرة مع مسؤولين سابقين في السي اي ايه وخاصة المساعد السابق لرئيسه "مايكل موريل" ضجة كبيرة في امريكا واثيرت تساؤلات جدية حول اسباب دعم امريكا للدولة الرئيسية التي تدعم الارهاب وتشكل الخلفية الفكرية للجماعات المسلحة مثل القاعدة وداعش، أي السعودية.
وفي تلك المناظرة قال هانك جانسون ان داعش والقاعدة مرتبطان ببعضهما البعض عن طريق الوهابية، وتساءل جانسون الا تكسب العائلة الحاكمة في السعودية شرعيتها عن العقيدة الوهابية وأليست الوهابية الدين الرسمي للسعودية؟ وتساءل جانسون ايضا ألم تحاول العائلة الحاكمة في السعودية نشر ما يسمى بالمدارس الدينية في كل انحاء العالم وتؤمن مصاريف ذلك عن طريق بيع النفط والغاز؟ وقد اجاب موريل بالإيجاب على هذه الاسئلة ومن ثم اضاف جانسون ان العقيدة الوهابية متطابقة مع عقيدة داعش وان دعم السعودية للوهابية اوجد بيئة خصبة لداعش لجذب العناصر الى صفوفه ولذلك لايمكن الحاق الهزيمة بالجماعات المتطرفة اذا لم يتوقف الدعم المالي الذي يقدمه آل سعود لهم.
ورغم ان احد اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي كان يصر في تلك المناظرة على ضرورة الحوار مع الوهابيين لاجتثاث جذور المتطرفين ووقف دعم الوهابيين للمتطرفين لكن السؤال الذي يطرح هنا هو لماذا يستمر الامريكيون في دعمهم للنظام السعودي رغم اطلاعهم على حقيقة العقيدة الوهابية ومعرفتهم بأن منفذي هجمات 11 سبتمبر 2001 وباريس 2015 هم ممن يحملون هذه العقيدة؟
وبغض النظر عن العلاقات الاقتصادية القوية الموجودة بين امريكا والسعودية كمنتج رئيسي للنفط في العالم يمكن القول ان هناك سببين رئيسيين للدعم الذي تقدمه امريكا للنظام السعودي وهما:
اولا – ان العقيدة الوهابية تصلح لنشر الاسلاموفوبيا ومنع اعتناق الغربيين للاسلام فلاشك ان الاشارة الى تفاصيل هذه العقيدة وعرض افعال وجرائم الجماعات الارهابية مثل القاعدة والنصرة وداعش يعرقل بقوة جذب الغربيين نحو الدين الاسلامي، فالغربيون ووسائلهم الاعلامية بامكانهم ان يواجهوا بسهولة اكبر اسلاما يتحدث دوما عن السيف والعمليات الارهابية بدلا عن مواجهة اسلام يتحدث عن العقلانية وضرورة التسامح.
ثانيا – ان السبب الثاني وربما الأهم هو وجود الجماعات المتطرفة في داخل الاراضي السعودية فالمعلوم ان السلطات السعودية تعاني منذ زمن طويل من المواجهة مع المعارضين الداخليين وان هذه المواجهة تظهر تارة على شكل اضطرابات وتارة اخرى على شكل العمليات المسلحة، فالاضطرابات تشمل تحركات الشيعة والجمعيات المدافعة عن حقوق المرأة وغيرها، اما العمليات المسلحة فينفذها اتباع النهج الوهابي المتطرف في داخل السعودية والذين يعتبرون مواجهة آل سعود لأعداء الدين غير كافية ويعتقدون ان النظام السعودي ليس جديرا بالحكم.
وتتحرك هذه الجماعات في اطار سلفي جهادي، وخلافا للسلفيين التقليديين المعتدلين تبحث هذه الجماعات عن التجديد في السلفية الحكومية ويختارون حمل السلاح بدلا عن الحوار، وان هذه الجماعات كانت تقف الى جانب الملك عبدالعزيز في البداية لكنها وقفت في وجهه فيما بعد واعلنت ان مشاكل العالم الاسلامي سببها ابتعاد المسلمين عن الاسلام الحقيقي، وخلال الاعدامات الاخيرة التي نفذتها السلطات السعودية بحق 46 شخصا والذين كان الشيخ نمر النمر ايضا من بينهم نجد ان 43 شخصا من هؤلاء المعدومين كانوا من هذه الجماعات.
وهكذا يمكن فهم اسباب دعم امريكا لآل سعود الذين هم ايضا ليسوا من المتدينين، فإن توقف الدعم الامريكي في وقت تدخل السعودية في حرب استنزاف مع اليمن وتعاني من عجز في الميزانية قدره 100 مليار دولار فهذا يعني انهيار آل سعود وصعود نجم الجماعات السلفية المتطرفة التي تهدد المصالح الامريكية بشكل جدي ولذلك نجد ان الامريكيين يفضلون الان تحمل الانتقادات الموجهة اليهم بسبب اداء السعودية والحيلولة دون غرق الرياض في المشاكل أكثر فأكثر.