الوقت – يعتبر الفشل في بناء كيان يحتوي على "الدولة" و"الشعب" في آن معا احد اهم التحديات التي يواجهها الكيان الاسرائيلي من اجل بقائه فهذا الكيان يريد ايجاد هوية خاصة به أي هوية يهودية بحتة مع عدد قليل من السكان لكن هذا الامر قد تحول الى معضلة بالنسبة لهذا الكيان الذي لم يستطع ايجاد هوية واحدة لليهود الذين قدموا الى فلسطين المحتلة من كل حدب وصوب.
ان معدل النمو السكاني للفلسطينيين هو معدل مرتفع مقابل قلة عدد اليهود الذين يهاجرون الى الكيان الاسرائيلي مقارنة مع السبعينيات من القرن الماضي ولم ينفع الاسرائيليين حتى قبول الفلاشا كقوم من اليهود.
الاحصائيات
قالت منظمة الاحصاء المركزي الفلسطيني ان عدد الفلسطينيين (سكان فلسطين والشتات) بلغ حتى نهاية العام المنصرم 12.3 مليون نسمة 4.75 منهم يعيشون في الاراضي الفلسطينية حسب الترتيب التالي : 2.9 مليون في الضفة الغربية و1.85 مليون في قطاع غزة و1.47 مليون في اراضي 1948، لكن هناك امر هام وهو ان 34 بالمئة من الفلسطينيين الذين يعيشون في اراضي 1948 هم دون الخامسة من العمر ولهذا يشعر الاسرائيليون بخطر كبير وتهديد سكاني لهم نظرا الى وجود اعداد كبيرة من الاطفال والشباب الفلسطينيين.
وهناك 5.45 مليون لاجئ فلسطيني في الدول العربية ونصف المليون في باقي الدول العالم و ان 3.7 مليون من هؤلاء يعيشون في الاردن فقط حيث يخشى الكيان الاسرائيلي عودة هؤلاء اللاجئين الى الضفة الغربية وذلك في وقت اعلن الكيان الاسرائيلي ان عدد الاسرائيليين اليهود حتى نهاية 2014 هو 6.2 مليون شخص فقط.
ان عدد الفلسطينيين الساكنين في الاراضي الفلسطينية سيبلغ 6.3 مليون شخص في نهاية عام 2017 وسيتساوى مع عدد اليهود الاسرائيليين في ذلك التاريخ وان التوقعات تشير الى ان عدد الفلسطينيين في عام 2020 سيكون 7.2 مليون شخص مقابل 6.9 مليون يهودي في فلسطين وهذا يعرقل مشروع الاسرائيليين لبناء دولة لليهود فقط.
وهناك خلافات بين المسؤولين الاسرائيليين حول هذا الامر فالرئيس الاسرائيلي السابق "شيمون بيريز" ينتقد "نتنياهو" لعدم سعيه لبناء الدولتين ويقول انه من الافضل قيام دولة لليهود على قسم من هذه الارض بدلا عن عدم امتلاك دولة لليهود على كامل هذه الارض.
ان الأزمة السكانية قد اجبرت الاسرائيليين على القبول ببلاد تفتقد للعمق الاستراتيجي الى جانب دولة فلسطينية وهذا امر يتوقف عنده الكثير من الاسرائيليين، فوزير الخارجية الاسرائيلي السابق "ليبرمن" يقول ان من يظن ان العودة الى حدود عام 1967 يمكن ان يشكل حلا للنزاع فهو يعيش في الاوهام، كما يقول الصحفي في جريدة هآرتس باراك رافيد "اذا كان عندنا دولة فيها شعبان فإن الهجمات بالسكاكين ستصبح امرا عاديا وتحدث في كل يوم".
وهكذا يبدو واضحا ان الاسرائيليين فشلوا فشلا ذريعا في بناء دولة لشعبهم كما يقولون وان بقائهم في فلسطين اصبح مهددا بفعل ازمة السكان فكما اشرنا سابقا سيبلغ عدد الفلسطينيين الساكنين في فلسطين في نهاية العام القادم 6.3 مليون شخص وهو نفس عدد اليهود في فلسطين في ذلك التاريخ، ان تساوي عدد الفلسطينيين مع اليهود الاسرائيليين سيعرض مساعي الاسرائيليين لبناء دولة لليهود الى الخطر وسيزيد الشرخ الاجتماعي بين الاسرائيليين بسبب قبولهم لمهاجرين جدد ومن قوميات مختلفة مثل الفلاشا وما شابه ذلك من اجل زيادة عدد اليهود.
والآن يبدو ان الاسرائيليين الذين يريدون التهرب من مواجهة هذا التحدي قد دخلوا في خلافات أكثر جدية مثل قضية حل الدولتين، وفي هذا السياق يقول "شيمون بيريز": "ان على اسرائيل ان تقبل بحل الدولتين من اجل مصالحها لأننا اذا فقد اكثريتنا العددية فإننا لم يعد بامكاننا ان نبقى في دولة يهودية او دولة ديمقراطية"، وفي مقابل "بيريز" والداعين الى القبول بحل الدولتين نجد ان هناك قسم من الاسرائيليين لايقبلون بحل الدولتين للهروب من "أزمة السكان" ويعتبرون هذا الهروب توهما وبداية لنهاية الكيان الاسرائيلي.