الوقت ـ قضت المحکمة العلیا البریطانیة بأن ناصر بن حمد آل خلیفة , ابن ملک البحرین , غیر محصن فی بریطانیا من المقاضاة فی مزاعم بتعذیب معارضین بحرینیین , وأشارت وسائل إعلام بریطانیة إلی أن هذا القرار قد یترتب علیه توقیف نجل ملک البحرین الذی یتردد باستمرار علی بریطانیا.
ویتهم حقوقیون ناصر , وهو قائد الحرس الملکی بتعذیب سجناء اعتقلوا خلال مظاهرات مطالبة بالدیمقراطیة شهدتها البحرین عام 2011 ویفتح قرار المحکمة العلیا الطریق أمام القبض علی الأمیر البحرینی إذا زار بریطانیا , لکن حکومة البحرین تنفی الاتهامات قائلة إن وراءها دوافع سیاسیة.
وبدأت القضیة بعدما اتهم لاجئ بحرینی الأمیر بالضلوع فی تعذیب السجناء السیاسیین فی البحرین خلال المظاهرات والاحتجاجات التی اندلعت اثر ثورة الرابع عشر من فبرایر 2011 فی البحرین للمطالبة بالحریة والدیمقراطیة وحکومة دستوریة , وقد اعترض اللاجئ البحرینی علی قرار اتخذته هیئة النیابة العامة البریطانیة عام 2012 بأن ناصر ’ وهو قائد الحرس الملکی , یتمتع بالحصانة فی بریطانیا لانتمائه لعائلة مالکة".
وتسلمت إدارة الإدعاء العام البریطانیة فی یولیو/تموز 2012 ملفا أعده المرکز الأوروبی للحقوق الدستوریة والإنسانیة فی برلین یتعلق بالأمیر ناصر الذی کان حینها فی بریطانیا , وتضمن الملف "أدلة" قیل إنها تفید بضلوع ناصر فی تعذیب ثلاثة رجال اعتقلوا فی أبریل/نیسان 2011 , لکن النیابة البریطانیة رأت حینها أن الأمیر قد یتمتع بحصانة من الإدعاء , وهو ما سمح له بالعودة إلی البحرین.
وعقب قرار المحکمة العلیا الثلاثاء 7 سبتمبر ، أکدت النیابة البریطانیة أنه "لا یمکنها البقاء علی موقفها الذی یعتقد أن الأمیر ربما یتمتع بحصانة" , وقالت دیبرا والش نائبة رئیس قسم الجرائم الخاصة ومکافحة الإرهاب فی النیابة البریطانیة " إن احتمال التمتع بحصانة لا یعتبر عائقا للمقاضاة , وهو أمر یجب النظر إلیها استنادا إلی حقائق کل قضیة علی حدة بعد بعض التحقیق."
وأوضحت أن قیادة مکافحة الإرهاب التابعة لشرطة العاصمة البریطانیة مسؤولة عن التحقیق فی مزاعم وقوع جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانیة وعملیات الإبادة الجماعیة والتعذیب , وأضافت والش أن الشرطة "قالت من قبل إنها لن تجر تحقیقا فی هذه القضیة لعدد من الأسباب لیس من بینها الحصانة."
من جانبه اوضح المرکز الأوروبی للحقوق الدستوریة وحقوق الإنسان , ان قبول النیابة سیفتح الباب أمام إجراء تحقیق من قبل شرطة جرائم الحرب البریطانیة فی الاتهامات بتورط ناصر بن حمد فی جرائم تعذیب السجناء السیاسیین، وملاحقته قضائیا.
کما أوضح المستشار القانونی للمرکز أندریاس سکوللر أنه: إذا جاء قرار النیابة العامة علی الحصانة متعارضاً مع القانون الدولی , فیجب علی بریطانیا ألا تتجنب تحقیقات حساسة دبلوماسیاً ویجب النظر فی إطلاق تحقیق جدی .
من جانبه، قال المحامی البریطانی وسو یلمان "إن علی المملکة المتحدة بموجب اتفاقیة مناهضة التعذیب، التحقیق واعتقال ومحاکمة أولئک الذین ارتکبوا أعمال التعذیب فی الخارج ویجب تطبیقها علی الجمیع , بغض النظر عن المصالح الاقتصادیة فی المملکة المتحدة".
ویتهم ناصر بن حمد بممارسة التعذیب ضد عالم الدین محمد حبیب المقداد، المعارض البحرینی الذی یحمل الجنسیة السویدیة , والمحکوم من القضاء البحرینی فی عدة قضایا , بعدد من الأحکام یصل مجموعها إلی 96 عاماً , والمقداد واحد من ثلاثة أشخاص آخرین یتهمون ناصر بن حمد بتعذیبهم، والإثنان الآخران هما عبد الله المحروس، ومحمد حسن جواد , ویقضی الأخیر حکماً بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة التآمر علی قلب نظام الحکم.
وکان المرکز الأوروبی للحقوق الدستوریة وحقوق الإنسان , بالاشتراک مع مرکز البحرین لحقوق الإنسان الذی یرأسه الحقوقی المعتقل نبیل رجب، قد تقدم بخطاب فی یونیو/حزیران 2012 إلی رئیس الوزراء البریطانی دیفید کامیرون , ووزیر خارجیته ولیم هیغ , یطالب فیه بمنع ناصر من دخول أراضی المملکة بناءً علی أنه متهم بتعذیب نشطاء فی البحرین.
وطالب الخطاب الذی نشرته صحیفة "الغاردیان" فی ذلک الوقت الحکومة البریطانیة باتخاذ إجراء ضد الأمیر , وإخضاعه للتحقیق فی النیابة العامة، ولدی فریق جرائم الحرب فی الشرطة".
فی هذه الأثناء نفت السلطات البحرینیة أی ضلوع لناصر بن حمد آل خلیفة نجل ملک البلاد فی عملیات تعذیب , وقالت أنها لم تطلب أی "حصانة سیادیة" لناصر فی بریطانیا حیث ینظر القضاء البریطانی فی دعوی تقدم بها بحرینی بسبب التعرض للتعذیب.
واعتبرت سلطات المنامة أن "ما صدر عن النیابة العامة البریطانیة لا یفتح الباب أمام دعوی قضائیة، بل إن النیابة قالت فی بیانها إن القرار لا تترتب علیه أیة إجراءات أخری کون الشرطة البریطانیة قد رفضت التحقیق لعدم توفر الأدلة علی هذه الادعاءات".
وعلی صعید متصل أصدر ائتلاف شباب ثورة 14 فبرایر بیانا صحفیا أمس الأربعاء، اعتبر فیه القرار الذی أصدرته المحکمة العلیا البریطانیة الثلاثاء والقاضی بنزع الحصانة عن ناصر بن حمد "صفعة شدیدة وقاسیة بوجه ملک البحرین حمد بن عیسی آل خلیفة، وذلک لما یظهره هذا القرار من حقیقة النظام الحاکم القائم علی الظلم واستبداد الشعب".
وقال البیان: بالرغم من أن هذا القرار لم یکن مستبعداً , بحکم أن الجرائم التی ارتکبها النظام البحرینی باتت مکشوفة أمام أعین المراقبین الدولیین , فالسلطات البحرینیة تمارس شتی صنوف الانتهاکات لحقوق الإنسان , وترتکب شتی جرائم التعذیب الممنهج بحق السجناء السیاسیین داخل سجونه , وهو ما یجعل السلطات البحرینیة ترفض باستمرار زیارة المقرر الأممی للتعذیب "خوان ماندیز" للبحرین , فی محاولة للتستر علی جرائم التعذیب داخل السجون.
وأشار الائتلاف إلی أن قرار المحکمة العلیا فی بریطانیا بإسقاط الحصانة عن نجل ملک البحرین وملاحقته قانونیاً , جاء بعد أن تلقت المحکمة أدلة مثبتة علی جرائم التعذیب التی قام بها ناصر بن حمد ضد عدد من السجناء والناشطین , وبالأخص الرموز المعتقلین أمثال الشیخ محمد حبیب المقداد , وعبد الله المحروس.
وعبر الائتلاف عن أمله بأن یکون هذا القرار خطوة لملاحقة المسؤولین عن الجرائم والانتهاکات فی البحرین ومحاکمتهم دولیا , مشیداً بجهود النشطاء والحقوقیین الذین ساهموا فی إنجاز هذه الخطوة القانونیة الهامة.
هذا ویرغب المدافعون عن حقوق الانسان فی ان تحقق الشرطة البریطانیة فی اتهامات تفید ان ناصر بن حمد آل خلیفة متورط مباشرة فی تعذیب بعض المعتقلین السیاسیین البحرینیین .
ویتردد ناصر باستمرار علی المملکة المتحدة , وقالت المحامیة البریطانیة سو ویلمان ان هذا القرار قد یؤثر ایضا علی احکام اوروبیة أخری ویدفع الی التحقیق فی تصرفات آل خلیفة .