الوقت ـ بعد عام من انضمام حزب الوسط للتحالف الوطنی لدعم الشرعیة المناهض للسلطة الحالیة فی مصر, قال محمد عبد اللطیف، القائم بأعمال رئیس حزب الوسط فی بیان صحفی، إن انسحاب حزبه من تحالف دعم الإخوان الذی بات یعرف باسم "التحالف الوطنی لدعم الشرعیة "، الداعم للإخوان إنما جاء من منطلق أن الحزب یعمل علی إنشاء مظلة وطنیة رحبة تحقق أهداف ثورة 25 ینایر المهددة، علی حد تعبیره. وأضاف عبد اللطیف، أن "أولویات المرحلة الحالیة وأهدافها التی یسعی لتحقیقها، والمتمثلة فی العمل علی مقاومة الاستبداد بکل صوره، تتطلب العمل خارج إطار التحالف الوطنی وإنشاء مظلة وطنیة رحبة، تجمع تحتها جمیع أطیاف القوی السیاسیة الوطنیة دون إقصاء لأی طرف".
نشأة التحالف
أنشیء التحالف یوم 27 یونیو من العام الماضی، لیجمع عدداً من الأحزاب والقوی الإسلامیة والنقابات المهنیة والاتحادات الطلابیة قبیل مظاهرات 30 یونیو المطالبة بانتخابات رئاسیة مبکرة أثناء رئاسة محمد مرسی، وکان هدف التحالف المعلن وقتها مواجهة ما وصفه بـ"محاولات الفلول للانقضاض علی الشرعیة." وقال التحالف، فی بیان إنشائه، إنه "نشأ لیواجه ما یجری من محاولات آثمة من فلول النظام السابق وجحافل بلطجیته للانقضاض علی الشرعیة، مستعینین بکل أنواع السلاح الممول من رجال أعمال فاسدین سرقوا قوت الشعب."
واتخذ تحالف دعم الشرعیة موقفا معارضا للسلطة القائمة فی مصر بعد 3 یولیو عندما عزل الجیش رئیس الجمهوریة الأسبق محمد مرسی المنتمی لجماعة الإخوان المسلمین بعد تظاهرات حاشدة ضد حکمه، ووصف التحالف السلطة الجدیدة بأنها "سلطة إنقلاب"، وقاطع الاستفتاء علی دستور 2014 والانتخابات الرئاسیة التی أجریت فی شهر مایو الماضی.
ماذا وراء الإنسحاب
جاء إعلان حزب الوسط انسحابه من تحالف دعم الشرعیة بمصر لیثیر جدلا بشأن ما إذا کان ذلک یمثل بدایة لتفکک التحالف الذی تشکل عقب تدخل الجیش لعزل الرئیس محمد مرسی بعد مرور عام واحد علی انتخابه فی أول انتخابات دیمقراطیة تجری عقب ثورة 25 ینایر/کانون الثانی 2011. وزاد من الجدل أن الإعلان جاء فی ظل مأزق سیاسی راهن وحالة من الاختناق السیاسی بین القوی الثوریة والتیارات الإسلامیة بسبب اختلاف الرؤی بین الجانبین اللذین کانا شرکاء فی ثورة ینایر مما أوجد حالة من غیاب التوافق بینهما فی وقت تقترب فیه الانتخابات البرلمانیة.
من أهم الأسباب التی یمکن الإشارة بها حول أسباب إنسحاب حزب الوسط من التحالف الوطنی لدعم الشرعیة هی مخاوف من مصیر "الحریة والعدالة".. الاعتراض علی تشکیل المجلس الثوری.. والبحث عن تسویة للإفراج عن أبوالعلا ماضی و نائبه عصام سلطان علی الرغم من أن هذه الخطوة کانت متوقعة منذ وقت طویل، منذ خروج مواقف وتصریحات من رموز بالحزب تقلل من أهمیة "التحالف الوطنی لدعم الشرعیة" وتطرح تساؤلات حول جدوی الرهان علیه لإحداث تغییر فی المشهد السیاسی، إلا أن قرار حزب "الوسط" بالانسحاب جاء لیفاقم حالة الارتباک التی تهیمن علی التحالف. وربط مراقبون بین قرار الحزب الانسحاب من التحالف، وإصدار المحکمة الإداریة العلیا منذ أسبوعین قرارًا بحل حزب "الحریة والعدالة"، الذراع السیاسی لجماعة "الإخوان المسلمین"، فی ظل مخاوف من مواجهة نفس السیناریو، فضلاً عن السعی لإیجاد تسویة بخصوص رئیس الحزب المهندس أبوالعلا ماضی ونائبه عصام سلطان، المحبوسین حالیًا.
فی السیاق ذاته، أکد "أحمد ماهر" أمین الشباب بحزب الوسط أن التحالف خلال الفترة الماضیة لم یغیر من طریقة تعاطیه مع المشهد السیاسی, متجاهلاً الحراک والتطورات التی تشهدها الساحة حالیاً فی ظل اعتقاده بأن السبیل الأمثل لمواجهة النظام الحالی هو الاستمرار فی التظاهر کما یعلن التحالف دائماً.
ولفت أنه جری خلال الأیام الماضیة تصویت داخل الهیئة العلیا لتحدید مصیر الحزب بالنسبة للتحالف وجاءت النسبة الأکبر للمؤیدین لقرار الانسحاب من دعم الشرعیة، مؤکداً أن کلاً من المهندس أبو العلا ماضی، رئیس الحزب، ونائبه عصام سلطان کانا من المؤیدین لقرار الانسحاب.
وفیما یتعلق بتشکیل تیار وسطی جدید یحمل الأفکار التی یتبنها الوسط، قال ماهر إن هناک مشاورات تجری الآن مع عدد من الأحزاب ذات التوجه الوسطی مثل مصر القویة والتیار المصری بهدف تشکیل التیار فی أقرب وقت ممکن.
مواقف
ـ قال أحمد الفضالی، رئیس تیار الاستقلال، إن إعلان حزب «الوسط» انسحابه مما یسمی بـ«تحالف دعم الشرعیة» جاء بعد الخطوة التی اتخذها التیار لحل أحزاب تیار الإسلام السیاسی، التی بدأت بحل حزب الحریة والعدالة ومصادرة أملاکه لصالح لدولة. وحذر الفضالی، فی بیان أمس، مما سماه المؤامرة التی یلعبها الوسط مع التحالف بهدف خوض الانتخابات البرلمانیة القادمة، بهدف إسقاط مصر والسیطرة علی البرلمان لتعطیل تحقیق برنامج الرئیس وسحب الثقة منه.
و فی هذا السیاق قال "الدکتور عصام عبد الشافی أستاذ العلوم السیاسیة" إلی أن تأثیر هذا الانسحاب علی قادة الانقلاب العسکری بما یملکوه من وسائل إعلامیة لضرب التحالف والتشکیک فیه، والمشکلة فی تعدد الکیانات المنهاضة للانقلاب تظر إذا أصبح التعامل بینها تنافسیاً وصراعیاً وهذا سوف یشق صف المعارضة ورافضی الانقلاب وسیخسر الثوار لکن إذا کان التعدد بهدف التنوع وتخصیص الأدوار سیکون فی صالح المعارضة وإثراء الحراک السیاسی والشعبی، ولابد من إخلاص النوایا وأن یظل الجمیع مصرین علی إسقاط الانقلاب ولا یتصارع أحد علی تورتة لم تأتِ بعد وعدم السماح للانقلاب أن یشق الصف الثوری حتی لا تحدث انعکاسات خطیرة علی رافضی الانقلاب.
وأیضا أشار عضو الهیئة العلیا لحزب الوسط، إن الأسباب الحقیقیة لانسحاب الحزب من التحالف الوطنی لدعم الشرعیة هو محاولة لتوسیع المظلة الثوریة بعیدًا عن التحالف الوطنی، لافتاً إلی أن الحزب طوال الفترة الماضیة شهد حالة من الجدل حول الاستمرار فی التحالف أو الانسحاب وقد اتخذ الحزب القرار بشکل مؤسسی، وسیظل التحالف شخصیة اعتباریة متجاوزة للأحزاب وأحد الرموز المهمة لقیادة الثورة المصریة.
من جانبه أشاد أستاذ العلوم السیاسیة بجامعة القاهرة حسن نافعة فی حدیث بقرار حزب الوسط واعتبره صائبا، مضیفا أن "التحالف غیر قابل للاستمرار وربما هذا یمثل بدایة لانفراط عقده". وعن أسباب الانسحاب اعتبر نافعة أن "الإستراتیجیة التی تبناها التحالف غیر عملیة وتضر بمصلحة الدولة"، موضحا أن حزب الوسط لدیه مرونة فی المواقف السیاسیة فی حین أن "التحالف بقیادة الإخوان مواقفهم متشددة". کما انتقد نافعة إصرار التحالف علی رفع شعار شرعیة مرسی وضرورة عودته، معتبرا أنه شعار عقیم منذ اللحظة الأولی والتمسک به یدل علی غباء سیاسی، علی حد قوله.
و من جهة أخری أشار الدکتور یونس مخیون رئیس حزب النور، أن انسحاب حزب الوسط من ما یسمی بالتحالف الوطنی لدعم الشرعیة شیء متوقع، قائلًا: "وأتوقع انسحاب مزید من الأحزاب الأخری نتیجة شعورهم بوصول الأمر لطریق مسدود وفشل الإستراتیجیة التی یتنبها هذا التحالف ولا یوجد أی نوع من المکاسب" أن الإخوان کانت تستخدمهم کثیرًا فی تقدیم مشاریع قوانین نیابة عنهم مثل قانون السلطة القضائیة وغیرها، مشددًا علی أن انسحاب الوسط ضربة کبیرة لتحالف "دعم الشرعیة".