الوقت- کثیرا ما تدعی الولایات المتحدة و الدول الغربیة أنها تدعم الدیمقراطیة فی العالم و تحترم الانظمة التی تأتی عبر صنادیق الاقتراع. لکن الحقائق لا تشیر الی ذلک بتاتا، حیث یاتی الطلب الامریکی من ایران و روسیا بابقاء الرئیس السوری بشار الاسد رئیسا لسوریا دون اجراء الانتخابات الرئاسیة، لیکشف زیف ادعاءات واشنطن حول دعم الدیمقراطیة وییرهن مرة اخری أن الولایات المتحدة الامریکیة تخشی انکشاف المکانة المتدنیة لمعارضی الاسد فی سوریا فی حال اجراء هذه الانتخابات.
مؤخرا نشرت جریدة «الاخبار» اللبنانیة مقالاً وفقا لمعلومات وصلتها من جهات غربیة أن الولایات المتحدة الامریکیة اقترحت علی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة و روسیا ابقاء الرئیس بشار الاسد رئیسا لسوریا وعدم اجراء الانتخابات الرئاسیة المقبلة فی هذا البلد، وفی المقابل ستتعامل واشنطن مع الاسد باعتباره رئیسا لسوریا. من الواضح لماذا تقترح واشنطن علی طهران وموسکو مثل هذه الاقتراحات لانها تعرف أن دعایتها المضللة والخادعة من أن المعارضة السوریة تمتلک رصیدا شعبیا کبیرا داخل سوریا لا حقیقة لها علی الاطلاق واذا ما تم انجاز الانتخابات الرئاسیة و شارکت فیها المعارضة فان هذه الاکاذیب ستنکشف امام الجمیع، وحینها سیعرف العالم باسره أن لا مکانة للمعارضة لدی المجتمع السوری وذلک سیؤدی الی فضح مواقف الدول الغربیة خلال الاعوام الثلاث الماضیة تجاه سوریا.
من جهة اخری تعرف واشنطن جیدا المکانة التی یتمتع بها الرئیس بشار الاسد ونظامه لدی اوساط المجتمع السوری بالرغم من جمیع الاصلاحات التی یدعو الیها الشعب السوری. لکن طموحات الشعب للوصول الی مزیدا من الدیمقراطیة و الحریة لا یعنی انه لم یقف الی جانب الرئیس السوری فی حال اجراء الانتخابات الرئاسیة القادمة، بل من المتوقع أن یحظی الاسد خلال هذه الانتخابات باعلی مستوی من التایید الشعبی مقارنة بالانتخابات السابقة.
کما یمکن النظر الی دعوة واشنطن لطهران وموسکو بابقاء الاسد دون التطرق الی الانتخابات الرئاسیة من باب أنه فی حال الاسد فی هذه الانتخابات، سیرغم الولایات المتحدة الامریکة ان تتعامل مع نظام منتخب بشکل دیمقراطی من قبل شعبه بینما کانت بالامس تعادی هذا النظام وتعتبره غیر شرعی، و هذا بالطبع سیفقد واشنطن والمعارضة التی تستجدی جمیع اشکال الدعم من الولایات المتحدة الامریکیة، ادعاء اتهم الکاذبة التی روجو لها خلال عمر الازمة السوریة.
من جهة ثانیة الشعب السوری اصبح یدرک الیوم اکثر من ای وقت مضی أن الرئیس بشار الاسد هو الذی یستطیع السیر به بسوریا الی شاطئ الامان بعد ما کسب تجربة قیمة خلال الاعوام الماضیة من خلال تعایشه مع الازمة التی شهدتها البلاد، فلهذا السبب من المحتمل أن ینتخب الشعب فی هذه المرة، لقیادة البلاد لدورة ثالثة، حیث ان بقاه فی سدة الحکم عبر صنادیق الآراء سیکون مزعجا اکثر بالنسبة لواشنطن مقارنة ببقائه رئیسا دون خوضه الانتخابات، مما جعل امریکا تضطر للاعلان عن موافقتها بابقاء الاسد رئیسا لسوریا والتعامل معه کرئیس شرعی شرط عدم اجراء الانتخابات.
فمهما کانت نوایا واشنطن من اعلانها موافقتها علی ابقاء الاسد رئیسا لسوریا شرط عدم اجراء الانتخابات، فان ذلک یدل علی أن تلک الانتخابات ستکشف للعام المکانة التی یتمتع بها النظام السوری من قبل شعبه وکذلک ستبین صغر حجم مکانة الجماعات التی تسمی بالمعارضة، ان کان لمثل هذه الجماعات المدعومة اسرائیلیا و غربیا، مکانة فی المجتمع السوری، فمن حق الولایات المتحدة ان تقلق کثیرا علی ممن تسمیهم بالمعارضة السوریة لعدم اصطفاف الشعب معهم.