الوقت- في مشهد أثار جدلاً واسعًا، ظهر أحد الأسرى الإسرائيليين، عومر شيم توف، وهو يُقبِّل رأس اثنين من عناصر كتائب القسام خلال مراسم تسليم الأسرى في مخيم النصيرات بقطاع غزة، هذا التصرف أثار تساؤلات حول الرسائل التي أراد الأسرى إيصالها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
يُعتبر هذا الفعل تعبيرًا عن الامتنان للمعاملة الإنسانية التي تلقاها الأسرى من قبل المقاومة الفلسطينية، ما يعكس تناقضًا مع الرواية الإسرائيلية الرسمية التي تصف المقاومة بالوحشية، ومن خلال هذه البادرة، قد يكون الأسرى يسعون لتسليط الضوء على تقصير الحكومة الإسرائيلية في تأمين إطلاق سراحهم، وإظهار أن تعامل المقاومة معهم كان أكثر إنسانية مما يُروج له.
هذا المشهد أثار استياءً في الأوساط الإسرائيلية، حيث اعتُبر إهانة للكرامة الوطنية، ودفع الحكومة إلى تأجيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين كنوع من الرد، ويُظهر هذا الحدث التوتر المتصاعد بين الحكومة الإسرائيلية وعائلات الأسرى، ويعكس الانتقادات الموجهة لنتنياهو بشأن إدارته لملف الأسرى.
يُبرز هذا الحدث التباين في المعاملة والرسائل المتبادلة بين الجانبين، ويُسلط الضوء على التحديات التي تواجه القيادة الإسرائيلية في التعامل مع ملف الأسرى والمقاومة الفلسطينية.
نتنياهو السبب
في الآونة الأخيرة، تصاعدت الانتقادات الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث يُحمّله العديد من الأسرى الإسرائيليين وعائلاتهم مسؤولية وفاة عدد من الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس في غزة، تأتي هذه الاتهامات في ظل تقارير تشير إلى مماطلة نتنياهو ورفضه لتسويات سابقة مع حماس، ما أدى إلى تأخير إطلاق سراح الأسرى وتفاقم أوضاعهم.
في مقال نُشر بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تم تحميل نتنياهو المسؤولية المباشرة عن وفاة بعض الأسرى، مشيرًا إلى أن "مماطلته ورفضه لتسويات سابقة مع حركة حماس" كان لهما دور كبير في هذه المأساة، هذا التأخير في التوصل إلى اتفاقيات تبادل أسرى أدى إلى استمرار احتجاز الأسرى في ظروف صعبة، ما زاد من معاناتهم وأدى في بعض الحالات إلى وفاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير إعلامية إلى تلاعب نتنياهو بالأرقام المتعلقة بعدد الأسرى المستعادين، حيث زعم استعادة 147 أسيرًا حيًا منذ الـ 7 من أكتوبر 2023، في حين تشير الحقائق المعلنة إلى أرقام أقل من ذلك بكثير، هذا التلاعب بالأرقام أثار استياء الأسرى وعائلاتهم، معتبرين أنه محاولة لتضليل الرأي العام والتقليل من حجم التقصير الحكومي في هذا الملف الحساس.
من جانب آخر، أثار قرار نتنياهو بتأجيل إطلاق سراح أكثر من 600 أسير فلسطيني، بعد تسليم حماس لستة أسرى إسرائيليين، انتقادات واسعة، هذا القرار، الذي جاء بحجة "الانتهاكات" من قبل حماس، أدى إلى تعقيد المفاوضات وزيادة التوتر بين الجانبين، ما انعكس سلبًا على أوضاع الأسرى.
في هذا السياق، أكد خبيران في تصريحات لموقع "الجزيرة نت" أن إسرائيل تواجه أزمة داخلية غير مسبوقة مع تسلّم جثامين 4 أسرى إسرائيليين، مشيرين إلى تصاعد الانتقادات لحكومة نتنياهو وتحميلها مسؤولية هذه الخسائر البشرية، هذا الوضع المتأزم يعكس تزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإيجاد حلول سريعة وفعّالة لقضية الأسرى، وتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح.
تراجع نتنياهو
نتنياهو المطلوب للعدالة على خلفية جرائم ضد الإنسانية أراد أن يحول مشهد استعادة الجثامين إلى نصر سياسي له، لكنه تحول فعليا إلى نقمة وسخط؛ ما أجبره على التراجع عن اعتزامه المشاركة في مراسم استقبال الجثامين، وفق تقديرات إعلام عبري.
وقالت القناة "12" العبرية (خاصة): إن نتنياهو تراجع في اللحظة الأخيرة عن المشاركة في مراسم استقبال جثامين الأسرى.
وتابعت: "درس رئيس الوزراء نتنياهو إمكانية المشاركة في استقبال الجثامين، وكجزء من ترتيبات المشاركة، صدرت تعليمات للمسؤولين الميدانيين بالاستعداد لوصوله، ولكن في اللحظة الأخيرة تقرر عدم حضوره".
القناة رجحت أن يكون قرار إلغاء مشاركة نتنياهو اتُخذ بعد احتجاج عائلات الأسرى على نشر أسماء للأسرى الأربعة القتلى قبل التيقن من هويتهم، وانتقاد مكتب نتنياهو الذي نشر الأسماء قبل تعرف معهد الطب الشرعي النهائي عليهم.
وعبَّر إسرائيليون، بينهم سياسيون وصحفيون، عن غضبهم من نتنياهو بسبب مقتل بعض الأسرى والتأخر في التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حماس، بسبب مصالحه السياسية.
عضو الكنيست من حزب "هناك مستقبل" المعارض ميراف كوهين، قالت عبر منصة إكس: "منذ مايو/أيار 2024، قُتل 124 جنديا (إسرائيليا) في غزة، عندما كانت صفقة مماثلة تقريبا للصفقة الحالية مطروحة على الطاولة".
ومستنكرة، تساءلت كوهين: "كم عدد الذين سيموتون بسبب مصالح نتنياهو السياسية والائتلافية بدلا من إعادة الجميع وإنهاء الحرب الآن؟".
سخط كبير
في ظل السخط والغضب الكبير الذي يعتري الداخل الإسرائيلي بعد تسلم جثامين 4 أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، رجح إعلام عبري أنهم كانوا محتجزين في منطقة عمل الجيش بها لمدة 4 أشهر.
قال الصحفي البارز بن كسبيت، عبر إكس: "عندما يكون هناك نجاح فهو (نتنياهو) مَن سيحققه، (أما) عندما يكون هناك فشل، فهم المسؤولون عنه"، في إشارة إلى الجيش والمخابرات الإسرائيلية.
وأضاف بصحيفة "معاريف": "ليس هناك خيار، علينا أن نقولها بصوت عالٍ: بنيامين نتنياهو رجل فظيع".
كما لم ينجو نتنياهو من غضب وانتقادات عائلات الأسرى الإسرائيليين، ومتحدثا عن نتنياهو للقناة "13" العبرية، قال إلحانان دانينو، والد أوري الذي أسر وقتل في غزة: "بحثت عن قلبه (نتنياهو) ولم أجده".
وبرزت تساؤلات في الإعلام العبري عن سبب مقتل الإسرائيليين الأربعة، الذين تؤكد فصائل فلسطينية أنهم أُسروا أحياء وقتلوا في قصف إسرائيلي متعمد على أماكن احتجازهم بغزة.