الوقت- طالما ظلت حكومة صنعاء وأنصار الله تؤكد استعدادها للمشاركة في إنهاء الأزمة اليمنية المستمرة منذ سنوات، متبنية موقفاً مرناً وحريصة على السلام، ورغم ذلك، واجهت هذه المبادرات تعنتاً واضحاً من تحالف العدوان الذي عمد إلى عرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي شامل.
في تطور جديد، عادت حكومة صنعاء مجدداً لتؤكد استعدادها "الفوري" لتوقيع خارطة الطريق الهادفة إلى إنهاء الأزمة، مؤكدة في الوقت نفسه على حقها الثابت في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية، ورفضها ربط هذا الملف بمسار عملية السلام في اليمن.
إن هذه المبادرة الحثيثة من جانب حكومة صنعاء تؤكد سعيها الجاد لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن، وتكشف عن حسن نية واضحة في إنهاء الصراع الطويل، ومع ذلك، يجب على الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة اليمنية أن تستوعب جيداً هذه المبادرة وأن تستغلها كفرصة حقيقية لإحلال السلام الشامل والدائم في البلاد.
كما يجب أن يدرك العالم أن دعم القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية هو حق مشروع للشعب اليمني، وأن هذا الموقف الثابت لا يمكن المساومة عليه، ومن الضروري التأكيد على أن قضية دعم المقاومة الفلسطينية هي قضية منفصلة عن مسار عملية السلام في اليمن، وأن أي محاولة لربط هاتين القضيتين ستكون عقبة أمام التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم في اليمن.
إن استهداف الكيان الصهيوني أو سفنه في البحر الأحمر هو حق مشروع للشعب اليمني في الدفاع عن نفسه وحقوقه، ولا يمكن اعتباره تهديداً للسلام في المنطقة بقدر ما هو رد فعل طبيعي على العدوان والاستعمار الصهيوني.
صنعاء تبادر... فهل يستجيب الآخرون؟
أعلنت حركة أنصار الله ، الثلاثاء، عن استعدادها الذي وُصف بـ"الفوري" لتوقيع خارطة الطريق الهادفة إلى حل الأزمة اليمنية المستمرة منذ نحو 10 سنوات، مؤكدة رفضها أي ربط بين عملية السلام في البلاد وملف تصعيد هجماتها في البحر الأحمر.
جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية في حكومة أنصار الله جمال عامر، مع مدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، محمد الغنام، والمستشار الاقتصادي بالمكتب ديرك يان أومتزيغت، في العاصمة صنعاء، وأوضح عامر أنّ: "موقف صنعاء واضح ولا يحتمل أي لبس بشأن استعدادها الفوري للتوقيع على خارطة الطريق باعتباره المدخل لبدء عملية التسوية السياسية في اليمن".
وفي السياق نفسه، اعتبر عامر أنّ: "الحديث عن أن خارطة الطريق المجمدة في الوقت الحالي تأتي في إطار الاستجابة للضغوط الأمريكية على صنعاء لوقف عملية الدعم والإسناد لقطاع غزة"، وأكّد أن: "صنعاء ترفض جملة وتفصيلا أي محاولة للربط بين ملف السلام والتوقيع على خارطة الطريق وملف التصعيد في البحر الأحمر"، محذرا في الوقت ذاته من أن: "أي ضغط بهذا الاتجاه سيأتي بنتائج عكسية".
وشدد عامر على: "ضرورة معالجة الملف الاقتصادي عبر وضع محددات ومعايير متفق عليها لعمل اللجنة الاقتصادية المشتركة، والتركيز على نقاط الالتقاء لضمان نتائج تلبي تطلعات الشعب اليمني".
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، قد دعا، الأربعاء الماضي، جميع أطراف الصراع إلى الانخراط الجاد في تنفيذ خارطة الطريق التي أُعلن عنها قبل نحو عام، فيما لم يصدر حتى اللحظة أي تعليق من قبل الحكومة اليمنية على موقف جماعة الحوثي حيال التوقيع على خارطة الطريق.
دعم القضية الفلسطينية... حق مشروع لا يمكن المساومة عليه
مثّل دعم القضية الفلسطينية ركيزة أساسية من ركائز السياسة الخارجية اليمنية، وهو موقف ثابت لا يتأثر بالتغيرات الإقليمية والدولية، إن الشعب اليمني، بكل أطيافه ومكوناته، يعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية، وأن نصرة المقاومة الفلسطينية هي واجب ديني ووطني مقدس، لقد أظهرت صنعاء على مر السنين التزاماً راسخاً بدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، فمنذ عقود، قدمت اليمن كل ما في وسعها لمساندة الشعب الفلسطيني، سواء على الصعيد السياسي أو الإعلامي أو المادي، ولا تزال جبهة الإسناد اليمنية تقدم الدعم اللازم للمقاومة الفلسطينية، لتبين للعالم أجمع أن الشعب اليمني لن يتخلى عن إخوانه في فلسطين.
إن موقف صنعاء الثابت تجاه القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج إيمان راسخ بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تزعزع هذا الإيمان أو تهز هذا الموقف.
كما أن محاولات الربط بين دعم القضية الفلسطينية والمسار السياسي الداخلي في اليمن هي محاولات بائسة ومرفوضة، فالقضية الفلسطينية هي قضية عادلة، ودعمها حق مشروع لكل حر وشريف، ولا يمكن لأي طرف أن يفرض شروطاً على اليمن للتخلي عن هذا الحق، وإن صنعاء تؤكد مجدداً على موقفها الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، وتؤكد على استمراريتها في تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، كما تدعو جميع الأحرار في العالم إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعم نضاله المشروع لتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة.
صنعاء تطلق يد السلام وتشد قبضة المقاومة
تحت وطأة التحديات الجسام التي تواجهها الأمة العربية والإسلامية، تطلق صنعاء اليوم نداءً عاجلاً إلى الجميع، تدعو فيه إلى الاستجابة الإيجابية للمبادرات التي قدمتها من أجل تحقيق السلام في اليمن والمنطقة. إن اليمن، رغم كل الصعوبات والمعاناة التي تعيشها، ما زالت تؤمن بحل سلمي وعادل للأزمة، وتعمل جاهدة لتحقيق ذلك، هذا الموقف يعكس إرادة الشعب اليمني في بناء مستقبل أفضل وتحقيق الاستقرار والسلام للمنطقة بأكملها، ولكن، يجب ألّا يكون السلام مشروطاً بوقف دعم جبهة الإسناد اليمنية، بل بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ووقف جرائمه المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وهو موقف ثابت. فصنعاء، التي تشد على أيدي المقاومة الفلسطينية، تؤمن بأن السلام الحقيقي في السياق نفسه إذا أرادت المنطقة سلاماً حقيقياً لا يمكن تحقيقه إلا بتحرير فلسطين، ودعم المقاومة هو واجب ديني ووطني.
موقف اليمن الثابت والداعم للقضية الفلسطينية يعكس عمق الهوية اليمنية الأصيلة، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضايا الأمة العربية والإسلامية، فالشعب اليمني يشعر بالألم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني، ويرى في دعم المقاومة الفلسطينية واجباً مقدساً، هذا الإحساس بالمسؤولية تجاه القضية الفلسطينية ليس مجرد موقف سياسي؛ بل هو جزء من الذاكرة التاريخية والثقافية للشعب اليمني.
جبهة الإسناد اليمنية ليست مجرد خيار استراتيجي، بل هي تعبير عن هوية وطنية أصيلة، فالشعب اليمني يرى في نفسه جزءًا من الأمة العربية والإسلامية، وأن نصرة القضية الفلسطينية هي نصرة للأمة بأكملها، هذا الدعم ليس فقط نابعًا من التزام أخلاقي وسياسي؛ بل هو أيضًا تجسيد لروح التضامن والتكاتف التي تميز الشعب اليمني، ويجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته، والضغط على الكيان الصهيوني لوقف جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، فما دام الاحتلال مستمرًا، وما دامت المقاومة الفلسطينية تواجه القمع والاضطهاد، فإن جبهة الإسناد اليمنية ستظل قائمة، وستواصل دعمها للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، هذا الدعم ليس مجرد موقف؛ بل هو التزام أخلاقي ووطني يعكس إيمان الشعب اليمني بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
اليمن يؤمن بأن النصر حليف المقاومة، وأن فلسطين ستعود حرة عربية مستقلة، وستواصل اليمن دعمها للشعب الفلسطيني حتى تحقيق النصر النهائي، هذا الإيمان ليس مجرد أمل؛ بل هو قناعة راسخة بأن العدالة ستنصر في النهاية، وأن الحق سيسود على الباطل.
وفي الختام، تدعو اليمن جميع الشعوب العربية والإسلامية إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، ودعم مقاومته المشروع، هذا التضامن ليس فقط واجبًا أخلاقيًا؛ بل هو أيضًا ضرورة سياسية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، فالمقاومة الفلسطينية هي جزء من النضال العربي والإسلامي من أجل الحرية والعدالة، ونصرتها هي نصرة للحق والكرامة الإنسانية، وإن صنعاء تطلق يد السلام وتشد قبضة المقاومة، متوكلة على الله وعلى إرادة الشعب اليمني في تحقيق العدالة والسلام.