الوقت- في ظل الإبادة الجماعية وفظاعة المشهد الإنساني في غزة لا يزال توريد الأسلحة لكيان الاحتلال الإسرائيلي قائماً على قدم وساق على الرغم من الدعوات لوقف تزويد كيان الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة من العديد من الدول والمنظمات الإنسانية، جاء آخرها تقديم تركيا رسالة مشتركة من 52 دولة ومنظمتين إلى الأمم المتحدة، تطالب فيها بوقف توريد وتسليم الأسلحة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
رسالة من 52 دولة ومنظمتين
وفي ظل الرسالة المقدمة للأمم المتحدة والتي تدعو حلفاء الاحتلال لوقف تزويد كيان الاحتلال بالأسلحة قال هاكان فيدان وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحفي في جيبوتي حيث عقِد مؤتمر الشراكة التركية - الأفريقية، «لقد وضعنا رسالة مشتركة ندعو فيها جميع الدول إلى وقف بيع الأسلحة والذخائر ل"إسرائيل"، وقمنا بتسليم هذه الرسالة التي تحمل 54 توقيعًا إلى الأمم المتحدة في الأول من نوفمبر».
وأضاف فيدان: علينا أن نكرر في كل فرصة أن بيع الأسلحة لـ"إسرائيل" يعني المشاركة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها.
وقد وقعت الرسالة 52 دولة، من بينها السعودية والبرازيل والجزائر والصين وإيران وروسيا، ومنظمتان هما الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
مسرحية فرنسية هزيلة
جاءت دعوة ماكرون خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط التوقف عن تصدير الأسلحة لكيان الاحتلال لتثير التساؤل حول إمكانية تغيير حقيقي للموقف الفرنسي الداعم لكيان الاحتلال الصهيوني، وفيما إذا غير المشهد اليوم نظرة الدول الأوروبية للكيان الغاصب المعتدي وبدأت بتغيير ترتيب أوراقها، وقال ماكرون: إن "فرنسا دعت بإلحاح إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة على مسرحي الحرب هذين، وثمة قادة آخرون هنا قاموا بالأمر نفسه، نعلم جميعا أنها الرافعة الوحيدة التي يمكنها اليوم وضع حد" لما يحصل، إلا أن الرئيس الفرنسي أردف قائلاً: إنها "ليست البتة دعوة إلى نزع سلاح إسرائيل في وجه التهديدات التي تُمارس ضد هذا البلد وهذا الشعب الصديق"، وهو ما أكد أن الدعوات الفرنسية مجرد مسرحية أمام الرأي العام العالمي وهول المشاهد القادمة من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني ضد مدنيي لبنان وفلسطين.
من جهة أخرى تأتي الدعوة الفرنسية، والنفي الرسمي لتزويد "إسرائيل" بالسلاح، وسط تقارير عن استمرار تدفق السلاح من فرنسا إلى "إسرائيل" رغم العدوان على غزة، ودعوات أحزاب ومنظمات وهيئات فرنسية للتوقف عن إرسال السلاح لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
ويأتي فشل المسرحية الفرنسية بشكل خاص بعد أن، أعلنت الرئاسة الفرنسية بيانا يناقض تصريحات ماكرون قالت فيه: إن باريس ستواصل تزويد كيان الاحتلال الإسرائيلي بقطع السلاح اللازمة للدفاع عن نفسها.
وأوضح البيان أن فرنسا ستستمر في إرسال القطع المستخدمة من أجل نظام الدفاع الذي يسميه كيان الاحتلال بالقبة الحديدية على وجه الخصوص، فيما كشف تحقيق استقصائي أجراه موقع "ديسكلوز" الفرنسي أن شركة "تاليس" الفرنسية زودت كيان الاحتلال بمعدات اتصال خاصة بالطائرات المسيرة استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقصف أهداف في قطاع غزة.
وأظهر التحقيق أن الشركة الفرنسية سلمت كيان الاحتلال المعدات المذكورة خلال 2024، بينما تصر وزارة الدفاع الفرنسية على أن صادرات السلاح الفرنسي لـ"إسرائيل" اقتصرت على معدات عسكرية دفاعية مرتبطة بالقبة الحديدية، وهو ما أكده قصر الإليزيه.
تحركات بريطانية ولكن غير كافية
مطالبين "بوقف فوري وكامل لمبيعات الأسلحة إلى إسرائيل"، قام أكثر من 100 عضو عمالي مسلم من أعضاء المجالس المحلية البريطانية أكتوبر الماضي بكتابة رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر
وأشارت الرسالة إلى انتهاكات واضحة للقانون الإنساني الدولي من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي، وجاء فيها: "خلال الأيام القليلة الماضية فقط، رأينا صورا لأطفال فلسطينيين وعائلات محترقة في أعقاب الضربات العسكرية الإسرائيلية على مستشفى الأقصى، واستمرار قصف المدارس التي يستخدمها المدنيون النازحون مأوى".
وأضافت: إنه لهذا السبب اجتمع الموقعون بوصفهم مستشارين، ومسلمين، وأعضاء في حزب العمال، لدعوة حكومة حزب العمال إلى الوفاء "بالتزامنا الأخلاقي" من خلال تعليق جميع مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل" إلى أن يتم احترام القانون الإنساني الدولي.
وأوائل سبتمبر/أيلول الماضي، أوقفت حكومة حزب العمال 30 رخصة لتصدير أسلحة لـ"إسرائيل" من أصل 350، وألغت اعتراض بريطانيا على طلب المحكمة الجنائية الدولية للحصول على مذكرات اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
ومع ذلك، يقول المنتقدون إن تحركات الحكومة البريطانية غير كافية، مشيرين إلى الضغوط المتزايدة على الحكومة من داخل حزب العمال لاتخاذ إجراءات أقوى ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وتشمل المطالب إنهاء جميع الصادرات العسكرية إلى "إسرائيل"، وحظر استيراد البضائع من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وإلغاء خريطة الطريق لعام 2030 التي تعمق العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية البريطانية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
دعوة إسبانية هي الأصدق
وعلى صعيد متصل، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز المجتمع الدولي إلى وقف بيع الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي.
وقال سانشيز "أندد بالهجمات التي تنفذها القوات الإسرائيلية على بعثة الأمم المتحدة في لبنان"، مضيفا إن إسبانيا أوقفت بيع أسلحة إلى "إسرائيل" منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، داعيا العالم إلى اتخاذ الإجراء ذاته لمنع مزيد من التصعيد في المنطقة.
وتابع قائلا: "أعتقد أنه من الملح بالنظر إلى ما يحدث في الشرق الأوسط، أن يتوقف المجتمع الدولي عن تصدير أسلحة للحكومة الإسرائيلية".
صوت قادم من استراليا
اعتبرت هيلين ماريا أوسوليفان الشاهدة على قتل جنود إسرائيليين الناشطة الأمريكية التركية عائشة نور شهادتها بالشكوى الجنائية المقدمة إلى المدعي العام بأنقرة ضد إسرائيليين "فصلا صغيرا" برحلة الوصول إلى العدالة.
وفي هذا السياق قالت الاسترالية هلين ماريا: "من المهم لي أن أضمن العدالة ليس لعائشة نور فقط، بل لجميع الذين قتلوا على يد الجنود والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وأضافت: "حين كنت في فلسطين، بقيت صامتة 6 أسابيع، وأدليت بإفادتي دون الكشف عن هويتي، لكني الآن خارج الضفة الغربية، وأنا مصممة على التحدث بصراحة".
ولفتت أوسوليفان إلى أن الحديث مع المدعي العام في أنقرة كان فرصة للتحدث "بصراحة" عما حدث في الـ6 من سبتمبر، عندما قُتلت أيغي على يد قناص إسرائيلي.
وذكرت الشاهدة الأسترالية عن فظاعة جرائم الاحتلال الصهيوني في ظل جريمة الإبادة الجماعية في غزة وقالت: "لا يهمنا ما هي معتقدات الناس، ولا يهمنا دينهم، ما يهمنا هو حماية الأطفال".
وشددت أوسوليفان على أن تصرفات "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية "لا تغتفر". وأردفت: "العالم كله يعرف الحقيقة ولا يمكننا إنكارها، وقد يفلتون (الإسرائيليون) من الملاحقة القضائية لبعض الوقت، ولكن في النهاية سيُسجل أنهم على الجانب الخطأ من التاريخ".
وتابعت: "يجب على العالم أن يرفع صوته ضد هذه الجرائم ويتوقف عن إرسال الأسلحة إلى مجرمي الحرب هؤلاء".
ختام القول
رغم مشاهد القتل والإجرام الصهيوني النازي الذي لم يشهد له تاريخ الحروب شبيهاً على مر العصور يبقى الدعم الأمريكي سيد الموقف لا يتغير ولا يتبدل ويبقى الأمل على أحرار العالم في هذه الدول لتغيير الموقف وقلب الطاولة على الحكومات الفاشية التي تدعم الخراب والقتل والحروب في العالم.