الوقت- الصهاينة ليس لديهم أي علم بإيران والشعب الإيراني، لأنهم يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيق أهدافهم بالإكراه، هذا في حين أنهم جربوا هذه القضية مرة واحدة فيما يتعلق بإيران.
وحول هذا السياق، كتب عباس سليم مين في مقال: "يجب أن نأخذ في الاعتبار الخطأ الحسابي للكيان الصهيوني نتيجة لعنصرية هذا الكيان الغاصب، ولأن العنصريين يعتبرون الآخرين أقل شأنا، فإنهم يواجهون أيضا مشاكل في حساب القوة البشرية.
والصهاينة، باعتبارهم العنصريين الأكثر تطرفا الذين يحكمون الأراضي المحتلة، لا يمكن أن يكون لديهم فهم صحيح للبشر، لأنهم يعتبرون البشر أدنى منهم ويعتقدون أنهم يستطيعون الحصول على ما يريدون بالاعتماد على القوة القسرية، هذا بينما رأينا مرات عديدة عبر التاريخ أن إرادة الشعب تهيمن بشكل كامل على أدوات السلطة، ولذلك فإن الصهاينة ليس لديهم أي علم بإيران والأمة الإيرانية، لأنهم يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق رغباتهم بالقوة القسرية، هذا في حين أنهم جربوا هذه القضية مرة واحدة فيما يتعلق بإيران.
ويجب أن نتذكر أنه في عهد بهلوي، كان جهاز السافاك القمعي تحت سيطرة الصهاينة بالكامل، وقاموا بتدريب معذبي السافاك وكانوا مستشارين لهم، وبهذه الطريقة، رأى الصهاينة أنه مع تزايد التعذيب والضغط، زادت العزيمة وأصبح قرار الأمة الإيرانية بإنهاء العطاء للحكم الأجنبي أقوى وأقوى، إلا أن نظرة الصهاينة للبشر الآخرين ليست نظرة يمكنهم من خلالها اكتساب الخبرة، هذا في حين أن الشعب الإيراني، إذا توصل إلى تشخيص في أحد المجالات، فإنه بالتأكيد سيتوصل إلى نتيجة حول هذا الموضوع، لقد شهدنا هذا الأمر المهم بالنسبة للشعب الإيراني مرات عديدة؛ على سبيل المثال، يمكننا أن نشير إلى فترة الحكم الأجنبي على إيران أو فترة هجوم صدام، التي مثلت كل القوى التي عارضت استقلال إيران.
ماذا يعني تعطيل الخطأ الحسابي الإسرائيلي؟
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية وضع حد للحسابات الخاطئة للكيان الصهيوني، ولا بد من القول إن هذا الخطأ يمكن بالتأكيد وضع حد له من خلال نوع من المقاومة التي قامت بها إيران؛ أي مقاومة لا تسعى أبداً إلى الشر، بل تسعى إلى تأكيد حقها، ومن المؤكد أن هذه المقاومة ستزيد وعي الأمم يوما بعد يوم. وبهذه الطريقة، عندما تتعمق المعرفة، فمن الطبيعي أن تضع الصهاينة في ورطة، بحيث لن يكون هناك طريق آخر سوى إسقاط سيادتهم على فلسطين.
وينبغي أن نتذكر أننا مررنا بهذه التجربة في جنوب أفريقيا، وفي هذه التجربة، كان وعي الناس بنظام الفصل العنصري يتزايد يوما بعد يوم، وكان هذا الوعي المتزايد في شكل مقاطعة هذا النظام سببا في الانهيار الاقتصادي والسياسي لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وفي الوقت نفسه، يتم اتباع الصيغة نفسها في حالة الكيان الصهيوني، وهذا الأمر المهم يعتمد على الإرادة القوية التي اتخذناها، والتي ستؤتي ثمارها بالتأكيد وتقلب حساباتهم، وبهذا سيضطرون إلى القبول بالصيغة التي طرحتها إيران بهذا الخصوص، وهذه الصيغة هي مناقشة كل صوت فلسطيني، وهو أمر مفهوم للجميع ويمكن أن ينهي حكم العنصريين بأقل التكاليف.
وفي هذه الأثناء، حتى اليهود يقبلون بهذه الصيغة لأنهم لا يريدون أن يجدوا مصيراً مشؤوماً، وهذه الصيغة يمكن أن توفر لهم السلام، لذلك لا بد من القول إن الوقوف والثبات على الحق له عواقب سياسية كثيرة على إيران في البداية، ولكن في الوقت نفسه وفي النهاية ستربك حسابات العدو وتجبره على القبول بالصيغة التي سجلتها إيران في الأمم المتحدة.
العنصرية عند مؤسسي الصهيونية
كل هذه الحقائق التي نراها ونشاهدها بأعيننا اليوم عن مظاهر العنصرية الصهيونية تجاه الفلسطينيين تجعلنا نعود إلى الأسس التاريخية والسياسية التي قامت عليها أفكار الصهيونية تجاه العرب، إذ إن الأيديولوجية الصهيونية نشأت بأوروبا في الوقت الذي ظهرت فيه الفلسفة العنصرية عند العرق الآري في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا ضد الشعوب الأوروبية والأمم الأخرى، ولهذا تأثّر زعماء الحركة الصهيونية بتلك الفلسفة وبمدرسة الإصلاح الاستعماري بأوروبا التي كانت تدعو إلى تهجير الأوروبيين البيض إلى أفريقيا وآسيا.
ولقد أيّدَ الزعيم الصهيوني ماكس نوردو تلك المدرسة، وطالب بنقل العاطلين عن العمل إلى المستعمرات الجديدة للعمل في الزراعة بدلا من أصحابها الأصليين الذين سمّاهم "العناصر المنحطة" من أجل التخلص من مشكلة البطالة في أوروبا، ويرى أحمد سعيد نوفل في كتابه "دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي" أن هذه السياسة نفسها سارت عليها الحركة الصهيونية فيما بعد، حيث دعت إلى اتباع الأسلوب الاستعماري الأوروبي نفسه في فلسطين من أجل أن يحل "العنصر المتقدم حضاريًا في السيادة على العنصر الأقل تقدّما" حيث إنها أوحت للأوروبيين بأنها قادرة على تمدين السكان الأصليين في فلسطين من خلال إرسال المستوطنين اليهود الأوروبيين إليها.
